ندد تقرير رسمي أمريكي صدر أمس حول الهجوم على القنصلية في بنغازي بـ «الإخفاقات» و»الثغرات» في التدابير الأمنية التي اتخذتها وزارة الخارجية.
غير أن التقرير الذي أصدرته لجنة مستقلة بعد تحقيق استمر 3 أشهر خلص إلى أنه لم يكن هناك معلومات استخباراتية «آنية ومحددة» بشأن خطر يهدد القنصلية حين هاجمها عشرات المتشددين المدججين بالسلاح في 11 سبتمبر الماضي في عملية أوقعت 4 قتلى بينهم السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنز. وجاء في التقرير أن «إخفاقات ممنهجة وثغرات في القيادة والإدارة على مستويات عليا في مكتبين تابعين لوزارة الخارجية أدت إلى وضع أمني في بعثة خاصة في بنغازي غير ملائم إطلاقاً لمواجهة الهجوم الذي وقع».
كما خلصت لجنة المراجعة إلى أنه «لم يكن هناك حركة احتجاج قبل الهجمات التي لم تكن متوقعة من حيث نطاقها وكثافتها».
والهجمات التي استهدفت القنصلية ومبنى قريباً تابعاً لها كانت في صلب معركة سياسية شرسة اتهم فيها الجمهوريون إدارة الرئيس الديمقراطي باراك أوباما بارتكاب إخفاقات أمنية وبالسعي ربما لإخفاء الطابع الإرهابي للهجوم.
وتركزت هجمات الجمهوريين على السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس لإعلانها بعد أيام من الهجوم أنه كان ناتجاً عن تظاهرة «عفوية» انحرفت عن مسارها.
واضطرت رايس على الإثر إلى سحب ترشيحها لتولي وزارة الخارجية خلفاً لهيلاري كلينتون التي تعتزم الانسحاب من الحياة السياسية مطلع 2013.
وفي الجزء غير المصنف سرياً من التقرير، توضح لجنة التحقيق أنه تم بذل كل الجهود الممكنة لإنقاذ كريس ستيفنز الذي كان أول مبعوث أمريكي يقتل أثناء تأدية عمله منذ 3 عقود.
وقالت كلينتون في رسالة وجهتها إلى لجنتي الشؤون الخارجية في مجلسي النواب والشيوخ إنها تقبل بـ «كل» من التوصيات الـ 29 التي قدمتها اللجنة.
كما أكدت أن وزارة الخارجية تعمل مع البنتاغون على «نشر مئات العناصر الإضافيين من حراس الأمن التابعين لقوة مشاة البحرية «المارينز» لتعزيز مواقعنا» الدبلوماسية والقنصلية في الخارج وتعتزم تدريب المزيد من الموظفين الأمنيين التابعة للبعثات الدبلوماسية.
وكتبت كلينتون في رسالتها إلى أعضاء الكونغرس أن التقرير يعرض «نظرة واضحة إلى التحديات الخطيرة والمعممة التي باشرنا معالجتها» مضيفة أنه من واجب الجميع في وزارة الخارجية ضمان أمن الدبلوماسيين «لكنها مسؤوليتي أنا أكثر من سواي بصفتي وزيرة للخارجية».
كما أيدت كلينتون في رسالتها استخلاصات التقرير التي تحض الكونغرس على دعم خطوات تهدف إلى تعديل ميزانية وزارة الخارجية عام 2013 بحيث تساهم في تعزيز المواقع الدبلوماسية. وأوردت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن وزارة الخارجية تطلب من الكونغرس أن يحول لها 1.3 مليار دولار من صندوق طوارئ مخصص للعراق. وأوضحت الصحيفة أن هذا المبلغ يتضمن 553 مليون دولار لنشر قوات إضافية من المارينز و130 مليون دولار لموظفي الأمن و691 مليون دولار لتعزيز الأمن في البعثات الدبلوماسية.
وحذرت لجنة التحقيق من أنه «على الكونغرس أن يقوم بما يترتب عليه لمواجهة هذا التحدي وضمان الموارد الضرورية لوزارة الخارجية من أجل التصدي للمخاطر الأمنية والاضطلاع بمتطلبات المهمة».
وجاء في التقرير أنه تم تجاهل طلبات متكررة للحصول على دعم أمني إضافي لموظفي السفارة سواء في بنغازي أو في العاصمة الليبية طرابلس، مشيراً إلى أن «البعثة الخاصة لم تكن في طليعة أولويات واشنطن».
لكن اللجنة أشارت إلى أن ستيفنز اتخذ قرار التوجه إلى بنغازي «بشكل مستقل عن واشنطن، وفق ممارسات اعتيادية» مشيرة إلى أنه بسبب معرفته العميقة بليبيا وبالشأن الليبي فإن واشنطن أعطت «وزناً غير اعتيادي لأحكامه».
كذلك كانت بعثة بنغازي تعاني من موارد غير كافية وجاء في التقرير أن اعتمادها على مسلحين «قليلي التأهيل» من ميليشيا محلية هي «كتيبة شهداء 17 فبراير» كان «غير مناسب».
ونشر القسم غير السري من التقرير على موقع وزارة الخارجية الإلكتروني فيما أرسلت الأجزاء المصنفة سرية منه إلى أعضاء في لجنتي مجلس الشيوخ ومجلس النواب.
وستعقد جلسة استماع مغلقة إلى رئيس لجنة المراجعة الدبلوماسي المخضرم توماس بيكرينغ ونائب رئيسها رئيس الأركان السابق للجيوش الأمريكية الأميرال مايك مولن.
«فرانس برس»