أكد المستشار الأكاديمي في القانون الدستوري والعلوم السياسية محمد آل بن علي أن دعوات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى وصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد المتكررة نحو الحوار الوطني التوافقي بين مختلف مكونات الشعب لوضع نظامنا الديمقراطي على طريق المزيد من الإصلاح وتمتين لحمة الوحدة الوطنية، هو النهج الصحيح والسليم في الدول الديمقراطية والقوى السياسية الوطنية.
وأشار إلى أن الدول الديمقراطية لا تعترف بإلغاء دساتيرها أو إسقاط أنظمتها بل تقر بالإصلاحات السياسية التي تخدم مصالحها العليا للوطن والمواطنين بالتوافق بين جميع القوى السياسية، وتحت قبة البرلمان وليس في الشارع ولا بأساليب الضغط ولا بأخذ الأمن رهينة وإنما بالعقل وحسب الفلسفة الديمقراطية في كل دوله، أي حسب الخصوصية السياسية والاجتماعية والاقتصاد والثقافية والدينية.
وأكد بن علي أن إسقاط الأنظمة الملكية والتحول لأنظمة جمهورية حالة من حالات التخلف للشعوب العربية سياسياً واقتصادياً وعلى كافة الأصعدة الأخرى، لافتاً إلى أن الأنظمة الملكية الدستورية في الوطن العربي لو ظلت قائمة لكانت أكثر قدرة على الإصلاحات السياسية من الأنظمة الجمهورية في التقدم والتنمية الديمقراطية.
وقال بن علي إن من لا يستذكر نسبة العدالة القانونية والاجتماعية النسبية المتوفرة في النظم الملكية في الدول العربية لا قلب له ومن يطالب بعودتها وفق منهج الإصلاح لا عقل له، بعد أن تحولت بعض الأنظمة الملكية إلى جمهوريات أولدتها أرحم حالات انقلابات لقيادات العسكر والتي تحولت بعد ذلك لأنظمة دكتاتورية حال السيطرة على السلطة وأصبحت أقسى استبداداً على شعوبها وأكثر فساداً في أدارت الثروات من النظم الملكية التي أسقطته، مشيراً إلى أن الأمثلة كثيرة في دول الوطن العربي مما جعل إسقاط الأنظمة الملكية والتحول لأنظمة جمهورية حالة من حالات التخلف للشعوب العربية سياسياً واقتصادياً وعلى كافة الأصعدة الأخرى.
وأضاف أن الأنظمة الملكية الدستورية في الوطن العربي لو ظلت قائمة لكانت أكثر قدرة على الإصلاحات السياسية من الأنظمة الجمهورية في التقدم والتنمية الديمقراطي، وأبلغ دليل إنجلترا مهد الديمقراطية العالمية والتي أخذت قروناً للاستفادة من مبادئ فلسفة الحضارة اليونانية ثم الحضارة الرومانية وحتى يومنا هذا لتقنن دستور مكتوب ولم يطالب الشعب الإنجليزي في تاريخه القديم والحديث بالتحول إلى جمهورية ويعتمد على ميثاق 1205 ووثيقة الحقوق الصادرة في القرن السادس عشر والأعراف البرلمانية باعتبارها قواعد دستورية لا يحيد عليها أحد.
وواصل بن علي أن ما حدث في الماضي من تغير الأنظمة الملكية العربية إلى جمهورية في نظم الحكم لا يختلف عن أهداف (الربيع العربي) من حيث تحريض الشعوب العربية من دول ومنظمات أجنبية تؤمن لها الدعم المادي والمعنوي للكفاح من أجل ادعائها لتلك الشعوب (التحرر من الاستبداد والاستعباد والفساد).. وبأسماء مختلفة مثل (التحرر من الدكتاتورية جمهورية كانت أو ملكية) و(الشعب مصدر السلطات) و(المشاركة الشعبية في صنع القرار السياسي).. إلخ.. في حين أن واقع المستقبل لشعوب الأمة العربية فيما يسمى (الربيع العربي) أسوأ بكثير من الوضع الماضي للجمهوريات الدكتاتورية للعسكر لأنه كفاح لخدمة أعداء الشعوب العربية وليس لمستقبلها وأن التاريخ السياسي المعاصر شاهد على ذلك في مصر وليبيا وتونس ولا ننسى أن التحول هذا -الملكي إلى جمهوري- تم بدعم قوى دولية خارجية بهدف زعزعة الاستقرار السياسي والأمني والتنموي في الدول العربية الملكية ومن أجل عرقلة الاتحاد للأمة العربية فالأنظمة الملكية أقرب للاتحاد من الدول الجمهورية.
وأشار بن علي إلى أن المرحلة الحالية والمقبلة (الربيع العربي) تستهدف صراع أحزاب أيديولوجية وأخرى راديكالية وأخرى طائفية وأخرى أخرى والبقية ستأتي، لكن الهدف واحد وهو خلق حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني والتنموي في دول الوطن العربي.. كل ذلك بدعم الدول والمنظمات الأجنبية نفسها التي توسعت في نفوذها وتأثيرها على الأنظمة الحاكمة في الدول العربية في عصرنا الحالي.
وتابع بن علي أن الواقع أثبت في تونس ومصر وليبيا واليمن بعد سقوط الأنظمة الحاكمة فيها وبعد دفع شعوب تلك الدول الكثير من التضحيات، ظهور الانقسامات السياسية بين القوى السياسية ليكون الوضع والمشهد السياسي أكثر تعقيداً في صياغة نظام سياسي حاكم ومتوافق عليه من جميع القوى السياسية.. ونظراً لانقسامات القوى السياسية وعدم الاستقرار السياسي والأمني وخسائر فادحة في الاقتصاد الوطني فاقت التريليون دولار في تلك الدول باسم (الربيع العربي) الذي لم نجد له بعد أوراقاً خضر ولا زهوراً في هذا الفصل السياسي في تلك الدول منذ الإعلان عن هذا الربيع العربي في ديسمبر 2010.. فالهدف الأمريكي والأوروبي تحقق في تقسيم الشعوب سياسياً واجتماعياً في الداخل والخارج وأضعاف والوحدة الوطنية واتحاد الأمة العربية تحت كل ذلك تحت عنوان (الربيع العربي) والعجب من ربيع عربي يفرق ويقسم الشعوب في وحدتهم الوطنية وفي أمتهم!!!!
وأكد المستشار أن الوضع السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي صعب جداً في تلك الدول التي شهدت ثورات تطالب إسقاط للأنظمة القائمة تحت مسمى (الربيع العربي) لسببين هما سرقة تلك الثورة من الثوار واستحواذ القوى السياسية على نتائجها، وثانياً ابتعاد الثوار عن مطالبات الإصلاح لكون مطلباً لإسقاط للأنظمة خطوة للخلف وليس للأمام تتطلب بعد التنظيم السياسي الجديد للحكم خطوات إصلاح سياسية وقضائية وإدارية أضافية بعد ذلك. كما إن الثورات الشعبية والانقلابات العسكرية لا تؤدي بالضرورة لإلغاء الدساتير وإنما لتعديلها في أغلب الحالات بهدف تصويبها لنظام سياسي يحقق رغبات الشعب التي ينادي بها.