تعد الآثار السلبية لجريمة الرشوة عاملاً مؤثراً على هيبة ونزاهة الوظيفة الحكومية، حيث إنها تنال في الثقة المتبادلة بين طرفي المجتمع المدني من جهة ومن جهة أخرى مؤسسات الدولة الحكومية التي يمثلها الموظف العام، فضلاً عن أن جريمة الرشوة تعد أهم الأخطار الحقيقة التي تضر بالاقتصاد الوطني . ولا تقوم جريمة الرشوة كغيرها من الجرائم إلا بتوافر ركنيها المادي والمعنوي، فالركن المادي في الرشوة هو النشاط الذي يصدر عن المرتشي وينصرف إلى موضوع معين، وقد حدد المشرع البحريني في قانون العقوبات البحريني صوراً ثلاثاً لهذا النشاط وتكفى لاكتمال وقوع الجريمة، وهذه الصور هي الأخذ والقبول والطلب. فإذا كان الأخذ مقابل الرشوة ذا طبيعية مادية فإنه يعني الاستلام وهو فعل يحصل به المرتشي على الحيازة بنية ممارسة السلطة التي تنطوي عليها الجريمة، وليس بشرط أن يصدر التسليم عن الراشي، فقد يصدر عن وسيط حسن النية، أو يرسل المقابل عن طريق البريد، أو الحوالة المالية، أو أن يودع في حساب البنكي للمرتشي مبلغاً، أو أن يضع في حساب هاتفه النقال، وفي هذه الأحوال يعد الأخذ متحققاً حين يعلم الموظف بالغرض من التسليم أو الإرسال فيقرر الاحتفاظ بهذا المقابل، ويجوز أن يكون التسليم رمزياً إذا كان مقابل الرشوة فائدة ، فإن الأخذ يعتبر متحققاً حين يحصل المرتشي على المنفعة، كما لو باشر المرتشي العلاقة الجنسية مقابل إخلاله بعمل من أعمال وظيفته الحكومية ففي هذه الحالة يكون الأخذ مكتملاً عند إتمام العلاقة الجنسية، فالأخذ أسهل حالات الرشوة إثباتاً، إذ يصعب على الموظف المرتشي تقديم سبب مشروع يبرر الحيازة.
ويعتبر القبول إرادة متجهة إلى تلقى المقابل في المستقبل نظير القيام بالعمل الوظيفي ويفترض عرضاً أو إيجاباً من صاحب الحاجة، وبالقبول الذي صادف العرض ينعقد الاتفاق الذي تتمثل فيه ماديات الرشوة في هذه الصورة، فالقبول في جوهره إرادة ينبغي أن تكون جادة وصحيحة وهو في مظهره تعبير وإفصاح بوسيلة ما عن وجود إرادة، ويجب أن يقبل الموظف العرض منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته الحكومية لمصلحة الراشي. وكل صور التعبير عن إرادة القبول سواء فلا فرق بين تعبير عن طريق القول أو الكتابة أو الإشارة بل يجوز أن يكون القبول ضمنياً ومثال ذلك انصراف الموظف إلى أداء العمل الذي تقتضيه مصلحة صاحب الحاجة بعد علمه بالعرض، ويجوز أن يكون القبول معلق على شرط، وتعد الرشوة تامة بالقبول، فإذا رفض صاحب الحاجة أن يسلم للموظف ما وعده به فلا يؤثر ذلك في أركان جريمة الرشوة التي توافرت بالقبول، ولا يتغير الحكم كذلك إذا رفض الموظف أداء العمل كرد من جانبه على نكوث صاحب الحاجة عن وعده.
أما الطلب فهو تعبير عن إرادة منفردة من جانب الموظف ومتجه إلى الحصول على مقابل نظير أداء العمل الوظيفي وتتم الرشوة بمجرد الطلب ولو لم يستجيب له صاحب الحاجة بل تتم ولو رفضه وسارع إلى إبلاغ السلطات العامة، فالرشوة في هذه الصورة هي سلوك الموظف دون اعتبار لسلوك صاحب الحاجة وسبب اعتبار الطلب المجرد كافياً لتمام الرشوة أن الموظف قد عرض بذلك العمل الوظيفي للإتجار فأخل بنزاهة وظيفته والثقة في الوظيفة العامة ولم ير المشرع البحريني فرقاً بين عرض للإتجار واتجار فعلي وأيضاً قد ساوى المشرع بين طلب الموظف المقابل لنفسه وطلبه لغيره سواء لزوجته أو أطفاله أو أحد أقاربه.