تقدم دولة الإمارات العربية المتحدة العديد من المبادرات لتعزيز السوق الخليجية المشتركة، وأكدت الأمانة العامة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، خلال العام الحالي أن دولة الإمارات العربية المتحدة، مازالت تتصدر دول مجلس التعاون، من حيث الالتزام بتنفيذ جميع قرارات مجلس التعاون في مختلف القطاعات والمجالات، وخاصة المتصلة بالسوق الخليجية المشتركة، حيث نفّذت دولة الإمارات خلال العام الماضي بشكل كامل، 11 قراراً من إجمالي 17 قراراً للمجلس الأعلى في المجالات الاقتصادية، في حين أن هناك ستة قرارات يجري وضع الآليات اللازمة لتنفيذها، وبلغ إجمالي التجارة في ظل الاتحاد الجمركي بين دولة الإمارات ودول مجلس التعاون خلال الفترة من 2003 وحتى 2011، 372.5 مليار درهم بمعدلات نمو تتراوح بين 5% و59% سنوياً.
إنجاز تاريخي
حققت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، على مدى 33 عاماً من مسيرة العمل المؤسسي المشترك، إنجازات كبيرة ومكتسبات بارزة في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية والبيئية والتشريعية والإعلامية والثقافية وغيرها من المجالات، وأرست بذلك، أسساً متينة للتكامل بين دولها، وعملت على وجه الخصوص، على تعميق الاندماج والمواطنة الخليجية بين شعوبها.
وشكل إطلاق السوق الخليجية المشتركة في الأول من يناير 2008، إنجازاً تاريخياً لدول المجلس ونقلة نوعية في تحقيق التكامل الاقتصادي وتعميق المواطنة الخليجية.
وتهدف السوق الخليجية المشتركة إلى إيجاد سوق واحدة تتيح لمواطني دول مجلس التعاون الاستفادة من الفرص التي توفرها اقتصاديات الدول الأعضاء، كما تسعى إلى إزالة كافة الحواجز التي تعيق التجارة البينية بين دول مجلس التعاون، الأمر الذي يمهد ا لطريق إلى انتقال حُر للعمالة ورؤوس الأموال والاستثمارات في الدول الأعضاء في مجلس التعاون.
وتشجع الاتفاقية على زيادة التعاون بين الدول الخليجية في الجوانب التعليمية والصحية والثقافية وتسعى، في الوقت نفسه، إلى زيادة تكامل الأعمال والنشاطات المالية والاقتصادية والتجارية، وتعميق الروابط بين شعوب دول المجلس، وتحفيز إقامة المشاريع المشتركة، إضافةً إلى أنها تدعم، على المستوى الدولي، الموقف التفاوضي للدول الخليجية أمام المجموعات الاقتصادية الدولية والإقليمية الأخرى.
وتشمل مجالات السوق الخليجية المشتركة حرية ممارسة الأنشطة الاقتصادية لمواطني دول المجلس، وتداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات وتملك العقار، والحصول على قروض حكومية لإقامة مشاريع صناعية، وافتتاح فروع للبنوك الخليجية في الدول الأعضاء، والاستفادة من نظام الحماية التأمينية والخدمات التعليمية والصحية والعمل في القطاعات الحكومية والخاصة.
كما تعمل السوق الخليجية المشتركة على دفع التطور العلمي والتقني في المجالات الصناعية والزراعية والتعدين والمصادر المائية والبيئية، وتعزيز إطلاق المشاريع المشتركة وتحفيز التعاون بين شركات القطاع الخاص، بما يعود بالفائدة على مواطني دول المجلس.
وتستكمل حالياً، المراحل الأخيرة من مشروع الربط الكهربائي الموحد بين دول المجلس، وإجراء الدراسات التفصيلية لإنشاء شبكة للسكك الحديدية تربط بين دول المجلس.
تنفيذ القرارات الخليجية
وتجلى حرص دولة الإمارات والتزامها بتنفيذ قرارات العمل الخليجي المشترك، في القرار الذي أصدره مجلس الوزراء في العام 2008، بتكليف وزارة المالية بمتابعة سير العمل في السوق الخليجية المشتركة، وتطبيق الوزارات والهيئات والجهات المعنية على مستوى الدولة، لقرارات المجلس الأعلى ولجنة التعاون المالي والاقتصادي واللجان ذات العلاقة بالسوق الخليجية المشتركة. وتم في هذا الإطار، تعيين ضباط اتصال في وزارة المالية معنيين بمتابعة تنفيذ قرارات السوق الخليجية المشتركة.
وترأس وزارة المالية اجتماعات السوق الخليجية المشتركة، وتتولى رفع مقترحات الدولة الخاصة بتعزيز السوق الخليجية المشتركة إلى مجلس الوزراء، ومعالجة الشكاوى والاستفسارات والمقترحات الخاصة بمواطني دول مجلس التعاون.
كما شكلت وزارة المالية فريق الدولة لتعزيز العمل في السوق الخليجية المشتركة، وذلك من الجهات المعنية بالسوق الخليجية المشتركة في الدولة وهي وزارة العمل، وزارة الاقتصاد، وزارة الصحة، وزارة التربية والتعليم، وزارة التعليم العالي، المصرف المركزي، الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية، وهيئة الموارد البشرية الحكومية، وهيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية الوطنية، والهيئة الوطنية للمواصفات، واتحاد الغرف وغرف التجارة والصناعة المحلية، وذلك لتعزيز موقف دولة الإمارات العربية المتحدة في السوق الخليجية المشتركة.
ويجتمع هذا الفريق، الذي يتكون من ثلاثة فرق عمل هي (فريق تعزيز العمل الاقتصادي في السوق، وفريق تعزيز العمل في قطاعي التعليم والصحة في السوق، وفريق تعزيز العمل في قطاع العمل الحكومي والأهلي والتأمينات الاجتماعية)، بهدف تعزيز أطر التعاون والاستثمار في المجالات الاقتصادية بين الدول الأعضاء بالمجلس.
وأصدرت وزارة المالية تقريرها الإحصائي السنوي المتخصص بمجالات السوق الخليجية المشتركة للعام 2011 والذي أشار إلى جملة من الأرقام والمعدلات الرئيسة التي تظهر جهود التكامل المالي والاقتصادي للتعاون الخليجي المشترك.
وأبان التقرير، الذي يأتي في إطار حرص الوزارة الدائم على تعزيز وتعميق التكامل المالي والاقتصادي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ارتفاع الإجمالي التراكمي لمتملكي العقار من مواطني دول المجلس بالدولة بنسبة 32 في المائة، ليصل إلى 44.902 متملك في العام 2011 مقارنة بـ34.029 في العام 2010.
كما أظهر التقرير ارتفاع عدد العقارات المتداولة والمسجلة باسم مواطني دول مجلس التعاون الخليجي في دولة الإمارات، حيث قفز عدد العقود المسجلة من 4.604 عقود في العام 2010 إلى 10.873 في العام 2011 الأمر الذي يعكس الجاذبية الاستثمارية التي يتمتع بها السوق العقاري الإماراتي.
وأوضح التقرير أن عدد التراخيص الممنوحة لأبناء دول المجلس بهدف ممارسة الأنشطة الاقتصادية داخل الدولة حقق ارتفاعا تراكميا وصل إلى 28.909 آلاف رخصة في العام 2011 مقارنة بـ26.233 ألف رخصة في العام 2010 ما شكل بدوره زيادة بنسبة 10.2 في المائة.
كما أظهر التقرير الإحصائي السنوي المتخصص بمجالات السوق الخليجية المشتركة للعام 2011 ارتفاعاً بإجمالي المشمولين في نظام التأمينات الاجتماعية من أبناء دول المجلس العاملين داخل الدولة ليصل إلى 5.242 ألف موظف في العام 2011 مقابل 4.190 ألف موظف في العام 2010.
وسجل التقرير ارتفاعاً ملحوظاً في عدد أبناء دول المجلس العاملين في القطاع الحكومي الاتحادي بالدولة وذلك بنسبة 22 في المائة، حيث ارتفع عددهم من 789 موظفاً في العام 2010 ليصل إلى 963 موظفاً في العام 2011 في حين ارتفع عدد العاملين في القطاع الخاص من أبناء دول المجلس في الدولة بنسبة 4 في المائة، حيث وصل عددهم إلى 3031 موظفاً في العام الماضي، مقارنة مع 2907 موظفاً في 2010.
وشمل تقرير وزارة المالية مسحاً لأعداد الطلبة من أبناء دول مجلس التعاون بمختلف المراحل التعليمية ابتداء من الطلبة الملتحقين بمدارس دولة الإمارات الحكومية، حيث ارتفع إجمالي عددهم ليصل إلى 044ر5 ألف طالب وطالبة في العام 2011 مقارنة بـ891ر4 ألف طالب وطالبة في العام 2010 في حين شهد عدد طلبة الحلقة الثانية في المدارس الحكومية انخفاضاً بمقدار 257 طالباً ليبلغ 057ر4 طالباً وطالبة في العام 2011 مقابل 314ر4 ألفاً في العام 2010.
وأشار التقرير إلى ارتفاع عدد طلبة المرحلة الثانوية في المدارس الحكومية بالدولة من 886ر2 ألف طالب وطالبة إلى 969ر2 ألف طالب وطالبة ما بين العامين 2010 و2011.
التجارة البينية
وبدأت في الثاني من يونيو 2012، في إطار جهود دول المجلس من أجل تفعيل تطبيق قرارات التكامل الاقتصادي والوفاء بمتطلبات الاتحاد الجمركي، بدأت هيئة الاتحاد الجمركي عملها رسمياً بالأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بالرياض، وذلك بعد أن أقرت اللجنة الوزارية للتعاون المالي والاقتصادي نظامها الداخلي والمهام المنوط بها تنفيذها.
وأكد مدير عام الهيئة الاتحادية للجمارك بالإنابة خالد علي البستاني الدور الفاعل للاتحاد الجمركي في زيادة حركة التبادل التجاري بين دول المجلس، مما يعكس الآثار الإيجابية للاتحاد على التجارة البينية.. مشيراً إلى أن إجمالي التجارة في ظل الاتحاد الجمركي بين دولة الإمارات ودول المجلس خلال الفترة من 2003 وحتى 2011 بلغ 372.5 مليار درهم بمعدلات نمو تتراوح بين 5 بالمائة و59 بالمائة سنوياً.
وارتفع إجمالي قيمة التجارة غير النفطية بين الإمارات ودول المجلس في ظل قيام الاتحاد الجمركي في العام 2003 ارتفع من 17 مليار درهم إلى 63.2 مليار في نهاية العام 2011 بنسبة نمو 272 بالمائة مما يعكس الأثر الإيجابي لقيام الاتحاد على اقتصاديات دول المجلس. ومال الميزان التجاري بين دولة الإمارات ودول التعاون لصالح دولة الإمارات خلال الفترة من 2003 إلى 2011 في حالة مقارنة الواردات بكل من الصادرات وإعادة التصدير، مبيناً أن إجمالي قيمة واردات الدولة من دول التعاون خلال الفترة من العام 2003 إلى العام 2011 بلغ 160.3 مليار درهم، بينما بلغ إجمالي قيمة صادرات الإمارات وإعادة التصدير إلى دول التعاون 212.5 مليار درهم خلال الفترة المذكورة.
وتُمثل السعودية الشريك التجاري الأول لدولة الإمارات في دول المجلس خلال الفترة من العام 1999 إلى العام 2011 تلتها قطر ثم سلطنة عمان والكويت والبحرين على التوالي.
وأوضح خالد البستاني أن إجمالي قيمة تجارة الإمارات غير النفطية مع السعودية خلال تلك الفترة بلغ 178.7 مليار درهم بنسبة 42 بالمائة من إجمالي التجارة البينية مع دول المجلس، بينما بلغ نصيب قطر 69.7 مليار درهم بنسبة 16 بالمائة من الإجمالي، ونصيب سلطنة عمان 61 مليار درهم بنسبة 14.4 بالمائة، والكويت 58 مليار درهم بنسبة 13.7%، وأخيراً البحرين 55.6 مليار درهم بنسبة 13%.
ونوه بأن من أبرز الإنجازات في مجال الاتحاد الجمركي تطبيق التعرفة الجمركية الموحدة على السلع والبضائع الواردة، وتطبيق القانون الجمركي الموحد وإزالة العديد من القيود الجمركية وغير الجمركية على حركة السلع بين دول المجلس، الأمر الذي كان له عظيم الأثر في تعزيز فوائد الاتحاد الجمركي على التجارة البينية بين دول المجلس.. مؤكداً أن دولة الإمارات العربية المتحدة قدمت كل ما يتطلبه نجاح الاتحاد من تطبيق الأنظمة والقوانين والقرارات الصادرة من دول المجلس.
وقال إن الإمارات، ممثلة في الهيئة الاتحادية للجمارك بالتعاون مع إدارات الجمارك المحلية والجهات ذات الاختصاص، عملت على عدة محاور لتعزيز تجربة الاتحاد الجمركي خلال السنوات التي مضت من عمر الاتحاد، من بينها الاجتماعات بمستوياتها المختلفة مثل لجنة التعاون المالي والاقتصادي ولجنة وكلاء المال ولجنة مدراء عامي الجمارك ولجنة الاتحاد الجمركي ولجنة القانون الجمركي ولجنة النظام المنسق ولجنة المقاصة الجمركية، إضافةً إلى القرارات والقوانين والمبادرات وتحويلات المقاصة وإزالة المعوقات والدراسات والبحوث.
وأضاف أن الإمارات قدمت العديد من المبادرات لتعزيز تجربة الاتحاد الجمركي الخليجي، من بينها مبادرات إعفاء السلع لذوي الاحتياجات الخاصة، ومسودة دليل الإجراءات الجمركية الموحدة، وإنشاء المكتب الإقليمي لبناء المقدرة الجمركية ورفع كفاءة العمل في نقاط الدخول الأولى، وإعفاء الألماس من الرسوم الجمركية، وإنشاء الهيئة الاتحادية للجمارك في العام 2003 لتنظيم العمل الجمركي وتطبيق متطلبات الاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون ووضع آليات لتنسيق العمل الجمركي الخليجي وإنشاء فريق عمل متخصص من الجهات المعنية بالدولة، واستخدام وسائل التقنية الحديثة والمتطورة في إنجاز المعاملات الجمركية واستحداث وحدات إدارية متخصصة في حماية حقوق الملكية الفكرية ومواجهة الغش والتدليس، وتوحيد الإجراءات الجمركية في إدارات الجمارك بالدولة بما يتوافق مع متطلبات الاتحاد الجمركي لدول المجلس.
وأوضح أن الهيئة شاركت في أكثر من 358 اجتماعاً كممثل للإمارات في كافة مستويات العمل الجمركي والاقتصادي المشترك مع دول مجلس التعاون، من بينها 99 اجتماعاً في لجنة التعاون المالي والاقتصادي و37 اجتماعاً في لجنة وكلاء المال و46 في لجنة مدراء عامي الجمارك و58 في لجنة الاتحاد الجمركي و16 في لجنة القانون الجمركي و35 في لجنة النظام المنسق و33 في لجنة المقاصة الجمركية و34 في لجنة الإجراءات الجمركية والحاسب الآلي، إضافةً إلى العديد من فرق العمل من بينها فرق الاتفاقيات الدولية والسلع المقيدة والممنوعة.
وأشار البستاني إلى أن دولة الإمارات ساهمت في إزالة العديد من المعوقات الجمركية أمام حركة التجارة البينية بين دول مجلس التعاون، ويبلغ متوسط عدد القضايا التي تتم معالجتها ضمن آلية حل معوقات التبادل التجاري خليجياً حوالي 60 قضية سنوياً خلال الفترة من العام 2004 وحتى العام 2011. كما لفت إلى أن الهيئة الاتحادية للجمارك أنجزت في مجال العمل الجمركي الخليجي المشترك أكثر من 70 دراسة حول القضايا الجمركية المطروحة والمستجدات العالمية وتأثيرها على التعاون الخليجي، ومن بينها دراسات تتعلق باتفاقية إسطنبول للإدخال المؤقت، واتفاقية كيوتو المعدلة لتبسيط وتنسيق الإجراءات الجمركية، ودارسة حول إعفاء الألماس من الرسوم الجمركية والتخليص المسبق، ومشروع بروتوكول الاتجار غير المشروع للتبغ، وحقوق الملكية الفكرية وتعديل القانون بشأنها.