كتبت - ربيعة إبراهيم عثمان:
تتواصل الأجواء المشحونة والأفعال المتبانية في مصر حول الدستور الجديد رغم انقضاء جولة واحدة فقط ويتم الاستكمال في جولة اليوم، وتظل رود الأفعال غير المتوقعة واردة ضمن الحراك السياسي على الساحة المصرية رغم أن الأمل والرغبة في الاستقرار السياسي منشد القوة السياسية المصرية.
وتبنت لجنة تأسيس الدستور في 30 نوفمبر الماضي مسودة للدستور على أن تعرض إلى الاستفتاء على مرحلتين، جرت المرحلة الأولى منها السبت الماضي، وتجرى الجولة الثانية اليوم في باقي المحافظات، وذلك بسبب نقص عدد القضاة الذين رفض بعضهم الإشراف على الاقتراع.
وتقع مسودة الدستور في ديباجة و236 مادة قسمت على 5 أبواب، وقسمت الأبواب إلى فصول فرعية، تحدث الباب الأول عن مقومات الدولة والمجتمع، وأكدت على أن استقلالية الدولة وسيادتها وديمقراطية النظام فيها والإسلام دين الدولة، ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر، واحقت للشرائح المصرية من المسيحيين واليهود التشريعات والأحوال الشخصية وإدارة شؤونهم وحق المواطنة.
وقد أثار الباب المخاوف أمام الأسلمة المفرطة للتشريعات وبالأخص لأن لجنة الدستور يهيمن عليها الإسلاميون، ويقول معارضو مشروع الدستور إنه «غير توافقي»، ويطلقون عليه اسم «دستور تقسيم مصر» لأنه يعكس رؤية طرف واحد ويضر بالمكاسب الاجتماعية ولا يعطي ضمانات كافية للحريات، بينما طالبت القوى سلفية بضرورة تغيير كلمة «مبادئ» إلى «أحكام»، إلا أن القوى الليبرالية اعترضت على ذلك وجاء الاعتراض أيضاً على المادة 197 والتي تنص على «لايجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري إلا في الجرائم التي تضر بالقوات المسلحة « حيث اعتبرت نوعاً من الهيمنة العسكرية في المجال المدني وتدخلاً في الحريات وأثارت كلمة التمييز الواردة في المادة 33 جدلاً حول المساواة في الحقوق والواجبات وحددت المادة 45 قضايا الفكر والرأي والتعبير والنشر مكفولة لكنها قيدت بعدم الإساءة والإهانة والتعرض إلى الأنبياء والرسل ومراعاة الأخلاق والذوق وذلك في المواد 11 و31 و44، ويرى المعارضون أنها تفتح الباب أمام الرقابة الفكرية.
وجاءت المادة 232 لتمنع قيادات الحزب الوطني المنحل من ممارسة العمل السياسي والترشح للانتخابات الرئاسية والتشريعية لمدة 10 سنوات من تاريخ العمل بالدستور. على إثر الخلافات حول المسودة قامت مسيرات معارضة ومؤيدة شهدت مواجهات دامية كان على إثرها أن أعلن الرئيس المصري محمد مرسي الدعوة إلى حوار وطني لنزع فتيل الأزمة السياسية، وقال إنه مستعد لسحب مادة في الإعلان الدستوري، الذي أصدره وأعطى بموجبه لنفسه صلاحيات غير محددة تضمن حصانة قراراته من رقابة القضاء.
وشهد الاستفتاء حملات إعلامية ودعوة إلى المشاركة من القوة المعارضة، لتتغلب «نعم» للدستور ولكن المعروف أن هذه القوة ضعيفة في العمل التنظيمي والحشد الانتخابي الشعبي حيث تشير النتائج لعشر محافظات كما ذكرت تقارير أن النتائج شبه النهائية للاستفتاء على مشروع الدستور قالت إن عدد الموافقين بلغ 4.855.359 بنسبة 56.5% والرافضين 3.508.751 بنسبة 43.5%. ويرى معارضو الدستور أنه في حال إقراره سيفتح الباب أمام مشكلات كثيرة، ولن يؤدي إلى الاستقرار كما يقول مؤيدوه، ولا تزال المخاوف من الانقسامات وظهور انتقادات واتهامات بتجاوزات وانتهاكات.
وقبول المعارضة لحل سلمي بإجراء?الاستفتاء لا يعني الاستقرار السياسي، خاصة أن اللجوء إلى الميدان أصبح شعاراً متداولاً وحقاً ثورياً.