دأب المخرج السينمائي خالد يوسف على انتقاد النظام الحاكم في أفلامه قبل الإطاحة بالدولة البوليسية التي يرأسها حسني مبارك والآن يعتقد أن الفنون قادرة على تحدي حكم الإسلاميين الذين يحكمون مصر بعد ثورة 25 يناير 2011.وقال خالد يوسف الذي انضم للحملة المعارضة للدستور الذي وضعت مسودته جمعية يهيمن عليها الإسلاميون أوشك أن يصبح أساساً للتشريعات في مصر «الفن سيساهم بدور كبير مثلما ساهم في إسقاط نظام مبارك». وكشف الدستور الذي سارع الرئيس محمد مرسي لطرحه للاستفتاء الانقسامات العميقة بين معسكر الإسلاميين في مصر ومعسكر منافس يضم يساريين وليبراليين ومسيحيين وإسلاميين أكثر اعتدالًا يتبنون رؤية مختلفة بشأن شكل الدولة الجديدة. وقالت وسائل إعلام رسمية إن مشروع الدستور حصل على موافقة 57% من الأصوات في المرحلة الأولى ومن المتوقع الآن الموافقة عليه في المرحلة الثانية التي جرت أمس. ويقول معسكر المعارضة إن فشل مشروع الدستور في الحصول على تأييد كاسح يبين مدى إثارته للانقسام.وقال يوسف «48 عاماً» وهو عضو يساري في حركة التيار الشعبي المعارضة «لا يوجد دستور يفرض على نصف الشعب قسراً وغصباً». ويقول الإسلاميون إنه لا بد من الموافقة على الدستور لاستكمال الانتقال إلى الديمقراطية وإن القوانين والشرائع المصرية يجب أن تستند إلى مبادئ الإسلام لتعبر عن رغبات أمة يشكل المسلمون غالبيتها. وبالنسبة لمسلمين ذوي عقلية ليبرالية مثل يوسف الذي كافح معسكره لتنظيم صفوفه ضد صفوف الإسلاميين الأكثر تنظيماً فإن تلك الرؤية تعني تهميش المسيحيين الذين يشكلون عشر المصريين البالغ عددهم 83 مليون نسمة والمرأة وآخرين يرون مصر دولة تمتاز بالتنوع والريادة الثقافية في العالم العربي. وقال يوسف -الذي حرص على أن يبرز في أفلامه انزلاق البلاد إلى هاوية الفقر في عهد مبارك- إن هذا «الدستور مآله إلى مزابل التاريخ». وتقول جماعات حقوقية إن الدستور لا يشتمل على حماية صريحة كافية لحقوق المرأة ويشيرون إلى عبارات غامضة مثل الإشارة للأخلاق والوطنية. ويخشى الليبراليون أن يكون معنى ذلك أن الإسلاميين المحافظين سيسعون لفرض قيود اجتماعية قد تضر بالمرأة والأقليات والفنون. ويرى محللون إن مشروع الدستور صبغة إسلامية واضحة. وبالرغم من أن «مبادئ» الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع كما كانت في الدستور القديم ولكن بنداً يضيف تفاصيل أخرى إلى ما يعنيه ذلك. وتنص مادة أخرى على وجوب أخذ رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر في «الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية».وقالت الشاعرة والكاتبة فاطمة ناعوت «48 عاماً» والتي كثيراً ما تتحدث عن قضايا المرأة وتدافع عن الفنون في مواجهة الرقابة «تحت ظل الإخوان والجماعات المتطرفة سيكون مستقبل كل المصريين مظلماً دون شك». ولم تعد هزيمة الدستور من خلال الاستفتاء الآن في متناول المعارضة على ما يبدو. وستكون معركتهم المقبلة في الانتخابات البرلمانية التي من المرجح أن تجري في أوائل 2013. وسيطر الإسلاميون على البرلمان الأخير الذي تم حله في يونيو الماضي.وتستطيع جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في عام 1928 أن تعتمد على التأييد الاجتماعي وعلى الشبكات الخيرية التي أسستها على مدى 8 عقود حتى بالرغم من سجن أعضائها. ولم تصل المعارضة بعد إلى حد منافسة الجماعة في هذا الشأن حتى لو كانت جماعات مثل التيار الشعبي وحزب الدستور الذي يتزعمه محمد البرادعي توسع انتشارها.ويستخدم الإسلاميون والليبراليون مصطلحات عنيفة. وأشار قيادي في جماعة الإخوان المسلمين في دعوته إلى مظاهرة احتجاج في الإسكندرية رداً على اشتباكات بين إسلاميين وخصومهم الأسبوع الماضي إلى ما وصفه «بالوجه القبيح للعلمانية وعدائها للإسلام».من جانبه، أكد القيادي في جماعة الإخوان المسلمين عصام العريان بعد المرحلة الأولى من التصويت في الاستفتاء على مشروع الدستور إن العالم كله منقسم ولا يعني ذلك أنه سيدخل في حروب عالمية. وأضاف أن الانقسام في أي انتخابات لا يعني بدء حرب عالمية أو فوضى. لكن خصوم الإخوان المسلمين يقولون إنه لا ينبغي للدستور أن يؤدي إلى انقسام للأمة لأنه من المفترض أن يعكس مبادئ الحكم لا السياسات الحزبية. ويضيفون أن التأييد لمرسي وجماعته ربما يتراجع. ويشير الاستفتاء على التعديلات الدستورية والانتخابات البرلمانية والانتخابات الرئاسية في العامين المنصرمين إلى تراجع التأييد للإسلاميين. وكان حسن نافعة وهو ناشط ليبرالي وأستاذ للعلوم السياسية من بين الناخبين الذين أعلنوا تأييدهم لمرسي في الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة في يونيو الماضي عندما كان البديل أحمد شفيق وهو عسكري سابق وآخر رئيس للوزراء في عهد مبارك. وفاز مرسي بنسبة 51.7% من الأصوات. لكن نافعة قال إن مرسي عاد إلى جماعته وتجاهل المصريين الآخرين حتى أعضاء المعارضة الذين أيدوه في الانتخابات. وقال إن الرئيس يرفض ببساطة المعارضة باعتبارهم «ليبراليون ليس لديهم أي ثقل حقيقي بين السكان».«رويترز»