كتبت ـ عايدة البلوشي:
أشعلت البحرين أمس الشمعة الخامسة والعشرين لمؤتمر الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب «الكلمة من أجل الإنسان»، بمشاركة كوكبة من المثقفين والأدباء والمفكرين العرب.
وخصصت أسرة الأدباء والكتاب تظاهرة المؤتمر في نسخته الحالية للاحتفاء بعلمين بحرينيين، أثريا الساحة الشعرية والفكرية محلياً وعربياً، وهما الشاعر الراحل إبراهيم العريض والمفكر محمد جابر الأنصاري.
افتتح الحفل رئيس مجلس إدارة الأسرة رئيس اللجنة التنظيمية العليا للمؤتمر إبراهيم بوهندي بكلمة رحب فيها بالحضور، وقال «تحية بفرح القلوب إلى الكاتب العربي الكبير محمد سلماوي أمين عام اتحاد الأدباء والكتاب العرب بمناسبة إعادة انتخابه لدورة مقبلة، مؤكدين دعمنا ومساندتنا له في حمل الأمانتين، أمانة اتحادنا العربي وأمانة اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا».
وأضاف «يسرني أن أرى أنكم تداعيتم إلى هذا المكان استجابة لدعوتنا لكم بالفرح في أيام البحرين الوطنية، شرفتمونا بهذا الحضور مقابل جهدنا وصبرنا الطويل، وأجبتم به على انحراف بعض الأقلام الملوثة أحبارها بأنفاس العبث الطائفي، عندما أساءت للأدب والأدباء باتباع نهج لا يتوجه إلى كل أدباء الوطن».
وقال «حاول أصحاب تلك الأقلام أن يثنوا فيكم عزم المشاركة في هذا الحدث العربي الكبير، إلا أنكم بموقفكم العربي النبيل مع الأدب البحريني المتجرد من فتنة التمزق والفرقة، أنقذتم كيان اتحادنا العريق من شر التجاذبات السياسية العابثة باللحمة العربية، فخاب رجاء تلك القلوب المريضة».
وتابع «ها أنتم أيها الأحبة بيننا تحفكم محبتنا وتحرسكم عين الله في سلام روح هذه الأرض، تحتفون معنا برمزين كبيرين وعلمين بارزين لهما أثرهما في الحركة الثقافية البحرينية الحديثة، الراحل الكبير إبراهيم العريض الذي كان مدرسة أدبية ولدت من رحم النهضة الثقافية البحرينية المتصلة بالنخب العربية الرائدة في الفكر والأدب، والأستاذ الكبير د.محمد جابر الأنصاري صاحب المدرسة الفكرية التي نشأت بتجلياتها الإبداعية في الفكر القومي العربي، ملتزمة بنضال الشعوب العربية في مسيرة التحرر من الهيمنة الاستعمارية».
وواصل حديثه عن المحتفى بهما «بفضل إبداعهما وتشجيعهما تأسست حركتنا الأدبية الشابة منتصف الستينات من القرن الماضي، يتقدمها الأنصاري مفكراً عروبياً ملتزماً بروح القومية العربية، وأديبا بحرينياً يبحث فيما أبدعه الرواد البحرينيون في الثقافة، إضافة إلى ما كان يغترفه من نهر الإبداع العربي في الفكر والأدب.
وأضاف متحدثاً عن العريض «كان مثالاً رائداً على مستوى الأدب بينما كان الأنصاري مثالاً في الفكر، فالعريض كان ملهما لنا في الوصول إلى جذورنا الأدبية، بجانب التعرف على المدارس الأدبية المنتشرة في الغرب، بينما كان الأنصاري رائدنا في الفكر وقائداً مؤسساً ومقيماً بنقده الإبداعي في حركتنا الأدبية الحديثة».
وقال بوهندي «من هنا يأتي اختيارنا للعريض والأنصاري للاحتفاء بهما بحضور هذه الكوكبة من الأدباء العرب الذين عرفوهما مبدعين بحرينيين في الفكر والأدب، وعرفوا بهما أن ما تنجبه البحرين من اللآلئ فوق أرضهما أثمن مما يسكن الأعمق في بحرها».
وأضاف أن هذا اللقاء العربي الجميل «كان حلماً يراودنا منذ أن بدأت بنا أسرة الأدباء والكتاب وانتشرنا بها عبر المكان في الوطن العربي، منذ أن تعلمنا صياغة هم الوطن والإنسان في إبداعنا، ومنذ أن كنا نتطلع إلى مباشرة اللقاء بمن تأثرت حركتنا الأدبية بهما من رواد العرب».
من جانبه تقدم أمين عام اتحاد الأدباء والكتاب العرب محمد سلماوي بالشكر للبحرين التي تحل فيها المنامة عاصمة للثقافة العربية، واستضافتها المؤتمر الـ25 للاتحاد العام، وتخصيصه للاحتفاء بالمفكر البحريني الكبير د.محمد جابر الأنصاري والشاعر الراحل إبراهيم العريض.
وأضاف «مضت دورة كاملة من دورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، استطاع خلالها أن يخطو خطوات جديدة إلى الأمام في سبيل تقدمه على طريق خدمة قضايا الأدباء والكتاب في مختلف أرجاء الوطن العربي، وفي ظل التزام لا يتزعزع بالأهداف القومية العليا والثابتة لهذه الأمة صاحبة الحضارة والتاريخ والمتطلعة دوماً إلى مستقبل مشرق يليق بها».
وقال «لا شك أن هذه الدورة كانت مختلفة عن سابقاتها، حيث شهدت بعض الدول العربية ثورات واحتجاجات وتظاهرات واضطرابات سياسية واقصادية واجتماعية كبيرة، بدأت بتونس وامتدت إلى مصر ومنها إلى ليبيا واليمن وسوريا، تغيرت إثرها بعض الأنظمة، وتغير معها الخطاب السائد سواء على المستوى السياسي والثقافي، ومازالنا نشهد ونتابع فصولاً أخرى في هذا المشهد مرشحة لإضافة تغيرات جديدة إلى خريطة الوطن العربي، حيث ما تزال الاضطرابات سائدة في البلدان سقطت أنظمتها من ناحية، وما تزال هناك مظاهر للاقتتال الأهلي في دول أخرى، غير أن مظاهر الغضب والاحتقان هي السائدة في كل الحالات».
وأردف «لابد أن المتابع المحايد يشهد أننا نبهنا مبكراً في الاتحاد العمم إلى هذه الاضطرابات الناتجة عن اختلال ميزان العدل، وعن القمع السياسي وعدم إتاحة الفرصة لقطاعات عديدة في الشارع العربي للتعبير عن آرائها بحرية، أن يكون الاحتكام إلى الصندوق ورأي الشارع هو الفيصل والملاذ الأخير، واستحدثنا منذ عام 2007 آلية جديدة للتنبيه والتحذير من الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان في مختلف الأقطار العربية وخاصة ما يتعرض للحقوق الطبيعية للأدباء والكتاب، من خلال إصدار الاتحاد بياناً نصف سنوي عن حال الحريات في الوطن العربي، يتم استخلاصه من مجموع البيانات الواردة للأمانة العامة من الاتحادات والروابط والأسر والجمعيات الأعضاء».
وتابع «صدر البيان الأول هنا في البحرين ديسمبر 2007، ووضعنا يدنا في هذه التقارير المتعاقبة على انتهاكات تمارسها الأنظمة القمعية على حرية الرأي والفكر والتعبير، وتهميش الأدباء والمثقفين وتعرض النشطاء وعائلاتهم في المجالات المختلفة لطرق متباينة من القمع وتكبيل الحرية والإيذاء البدني والنفيسي، والمحاكمات الصورية والتعذيب والقتل أحياناً».
وألقى رئيس الاتحاد العام لأدباء وكتاب العراق فاضل ثامر كلمة المشاركين، رحب فيها بالشيخة مي بنت محمد آل خليفة ومحمد سلماوي، معبراً عن سعادته الغامرة بأن يلتقي في لؤلؤة الخليج العربي موطن الحلم الإنساني والحضاري الذي بذرته دلمون العريقة، فوق هذه الجزيزة الساحرة المعطاء.
وقال «نقدر البرنامج الكبير لحفل الافتتاح، ويسعدنا أن نلتقي في انعقاد المؤتمر الخامس والعشرين لاتحاد الأدباء والكتاب العرب لنؤكد التزامنا الأخلاقي بوصفنا مناصرين لقضايا شعوبنا وتطلعاتها في بناء عام عادل ومبرأ من عيوب العنف والاضطهاد، عالم يتطلع إلى تحقيق الحرية الكاملة، ومنها حرية التعبير والكتابة ويشترك مع شعوب العالم أجمع من أجل عالم يسوده السلام والعدالة وتحترم فيه شريعة حقوق الإنسان».
وأضاف «أود أن أحيي زملائي في المكتب الدائم للاتحاد العام على جهودهم الكبيرة المبذولة ما بين المؤتمرين، كما أحيي جميع الاتحادات والروابط والأسر والجمعيات الأدبية العربية على تحملها كل هذه المسؤوليات الجسام لإدارة أنشطتها الثقافية المتنوعة وعلى مشاركتها الفعالة والمسؤولة في أعمال المؤتمر الحالي».
من جهته قال مستشار جلالة الملك للشؤون الثقافية محمد جابر الأنصاري «في عام 1969عملنا على تأسيس أسرة الأدباء والكتاب في البحرين وهي الآن إحدى أقدم مؤسسات المجتمع المدني في البلاد، كانت أساساً بالمشروع الإصلاحي لعاهل البحرين المفدى الذي غير الخارطة السياسية للبلاد وجعلها مميزة بمنجزات يمكن لأي زائر منصف أن يلاحظها».
وأضاف «مرت الأسرة بمراحل وتطورات اتخذت العديد من المواقف الوطنية والقومية، إلى أن وصلت إلى مرحلة التفاعل الإيجابي مع منجزات المشروع الإصلاحي لجلالة الملك برئاسة الشاعر الكبير إبراهيم بوهندي، وإنها لفرصة سانحة للترحيب بإخواننا الأدباء والكتاب العرب الذين اتخذوا قراراً صائباً بالتوجه إلى بلدهم الثاني البحرين».
وأردف «يطيب لي أن أؤكد لهم أن القرار في البحرين يعرفونه فرداً فرداً لأنهم يقرؤون لهم بحكم كونهم شعراء بحرينين عرباً من أهل الثقافة العربية النابعة من عروبة البحرين التي كانت طويلاً من أجل عروبتها وكان ارتباطها بأمتها العربية من أسباب انتشارها».
وفي ختام الحفل أُعلن اسم الفائز بجائزة القدس الشاعر حميد سعيد، وعلى هامش الحفل أقيم معرض للكتاب ضم باقة منوعة من الإصدارات للكتاب والأدباء العرب.