يترقب القطاع الخاص الخليجي قمة قادة دول مجلس التعاون والتي تستضيفها العاصمة البحرينية، ويأمل القطاع الخاص الخليجي أن تصدر القمة قرارات اقتصادية وتجارية تدعم مسيرة التنمية والبناء في دول مجلس التعاون.
وتأمل القيادات التنفيذية في القطاع الخاص الخليجي أن تُحدث قرارات القمة الخليجية الاقتصادية المرتقبة؛ والعالم على أعتاب العام 2013؛ نقلة استراتيجية تسهم زيادة فعالية القطاع الخاص الخليجي في اقتصاديات دول المجلس وتحقق مزيداً من المواطنة الاقتصادية بين شعوب مجلس التعاون الخليجي، لكن هذه النقلة الاستراتيجية لن تحقق إلا من خلال معالجة كثير من العوائق التنظيمية والإدارية التي تحد من تحقيق هذه الخطوة، حيث يأمل القطاع الخاص أن يصبح شريكاً استراتيجياً في صنع القرارات الاقتصادية والتجارية ترفعها اللجان الوزارية لقادة دول مجلس التعاون لإقرارها رسمياً وتوجيه الجهات ذات العلاقة بسرعة التطبيق والتنفيذ سعياً من القادة لتحقيق الوحدة الاقتصادية بين دول المجلس
ربما ستشهد قمة المنامة المقبلة تبني قرارات داعمة لمبدأ المواطنة الاقتصادية، خاصة وأن دول الخليج تعتبر كتلة اقتصادية قوية.
1.4 تريليون دولار ناتج 2011
لقد بلغ الناتج المحلي لدول الخليج العام 2011 قرابة 1.4 تريليون دولار، بزيادة نسبتها 29 في المائة مقارنة بعام 2010، وبنسبة نمو حقيقي قدره 7.8 في المائة العام 2011 وذلك بحسب تقرير حديث أصدرته غرفة تجارة وصناعة البحرين مؤخراً، ما يعني أن الاقتصاد الخليجي يمثل أكثر من نصف الاقتصاد العربي ككل، كما إن هذه الدول تلعب دوراً حيوياً في استقرار أسواق النفط العالمية، وتمثل 40 في المائة من الاحتياط النفطي المكتشف، و23 في المائة من احتياط الغاز العالمي، وتسهم دول المجلس في استقرار أسواق النفط، لأنها تعتبر أكبر مصدر للنفط وبنسبة 25 في المائة من إجمالي الصادرات العالمية، كما تمتلك دول مجلس التعاون 630 مليار دولار من الاحتياط النقدي الرسمي ونحو تريليوني دولار من الاستثمارات الخارجية، تشمل موجودات صناديق الثروة السيادية. وبلغ مجموع صادراتها العام 2011 نحو 956 مليار دولار بمقارنة بـ687 مليار في 2010، بينما بلغت الواردات في عام 2011 في حدود 578 مليار دولار قياساً إلى 491 ملياراً عام 2010، وبلغ فائض الحساب الجاري في عام 2011 في حدود 378 مليار دولار مقارنة بـ196 ملياراً في عام 2010، بينما قدرت الإيرادات الحكومية في عام 2011، بنحو 548 مليار دولار، وبـ440 ملياراً عام 2010، بينما بلغت نسبة الرصيد المالي 11.6 في المائة من الناتج المحلي مقارنة بـ7.7 في المائة عام 2010. ومن المتوقع أن يرتفع الإنفاق الخليجي في عام 2012 بنسبة 32 في المائة ليصل إلى 389 مليار دولار، في مقابل 294 ملياراً في 2010. حسب تقرير غرفة تجارية وصناعة البحرين .
سوق قوامها 40 مليون نسمة
وتمتلك دول المجلس سوقاً موحدة قوامها نحو 40 مليون نسمة، ويبلغ متوسط دخل الفرد فيها نحو 25 ألف دولار . وفي القطاع المالي، كانت القيمة السوقية للشركات المدرجة في البورصات الخليجية نحو 771 مليار دولار عام 2010، وإجمالي موجودات المصارف الخليجية نحو 1.1 تريليون دولار، أما الودائع فتبلغ 701 مليار، ما يعني أنها تمول نسبة كبيرة من الموازنات، يقدر حجم المشاريع الكلية قيد التنفيذ في دول مجلس التعاون الخليجي بتريليوني دولار.
وكانت قمة الرياض الأخيرة التي استضافتها في (ديسمبر) العام الماضي، أكدت في بيانها الختامي خلال اجتماع قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المجتمعين في الدورة الـ32 للمجلس الأعلى، على تبني مبادرة خادم الحرمين الشريفين لتجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد لتشكل دول المجلس كياناً واحداً يحقق الخير ويدفع الشر استجابة لتطلعات مواطني دول المجلس ومواجهة التحديات التي تواجهها، وتسريع مسيرة التطوير والإصلاح الشامل داخل دولهم بما يحقق المزيد من المشاركة لجميع المواطنين والمواطنات ويفتح آفاق المستقبل الرحب مع الحفاظ على الأمن والاستقرار وتماسك النسيج الوطني والرفاه الاجتماعي.
وشدد البيان الختامي لقمة الرياض، على العمل الجاد لتحقيق أعلى درجات التكامل الاقتصادي بين دول المجلس وتجاوز العوائق التي تعترض مسيرة الإنجاز للاتحاد الجمركي والوحدة النقدية والسوق المشتركة لدول الأعضاء، وتعميق الانتماء المشترك لشباب دول الخليج وتحسين هويته وحماية مكتسباته عبر تكثيف التواصل والتعاون والتقارب بينهم وتوظيف الأنشطة التعليمية والإعلامية والثقافية والرياضية والكشفية لخدمة هذا الهدف.
دور ريادي للقطاع الخليجي
وأكد رئيس اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي خليل الخنجي، أن القطاع الخاص الخليجي ظل يمارس دوره الريادي لإيصال وجهه نظره للمسؤولين في دول مجلس التعاون حول العديد من القضايا والموضوعات الاقتصادية التي تحتاج إلى مزيد من الدراسة والتأني قبل إقرارها بشكل رسمي سواء عبر الوزارات المعنية بشؤون الاقتصاد والمال والتجارة والصناعة في دول مجلس التعاون الخليجي أو من خلال اللجان الوزارية المختصة، خاصة وأن القطاع الخاص ومن خلال معايشته لواقع الحياة الاقتصادية وتجاربه المتراكمة تمكنه من تقديم رؤية ثاقبة حول العديد من القضايا والموضوعات والتحديات التي تواجه الاقتصاد الخليجي .
وقال الخنجي :» القطاع الخاص الخليجي يعتبر شريكاً استراتيجياً للقطاع العام في مسيرة التنمية الاقتصادية ، لذا لابد من يلعب دوراً أساسياً في صياغة القرارات الاقتصادية قبل إنزالها على أرض الواقع حتى لا تصطدم بكثير من العقبات عند التطبيق »
توفير الأمن الغذائي
ويرى رئيس الاتحاد أن تحقيق الأمن الغذائي لدول المجلس يجب أن تسعى الحكومات الخليجية لتهيئة القطاع الخاص لتوفير الأمن الغذائي، والاستفادة من الإمكانات الضخمة التي يمتلكها القطاع الخاص لتحقيق هذا الهدف من خلال وضع رؤية واضحة تبني استراتيجية مشتركة، والتركيز على تنفيذ الأمن الغذائي الرامي لتأمين المواد الغذائية الرئيسة والدخول في مجالات الاستثمار الزراعي في الخارج من خلال اتفاقيات حكومية تؤمن الضمانات اللازمة ومن خلال الشركات الخليجية القائمة حالياً التي تمتلك خبرة واسعة في البلدان الزراعية الخليجية، وإعطاء الأولوية في الاستثمار الخليجي المشترك سواء في مجال الزراعة أو الصناعات الغذائية وإقامة المخازن والصوامع للدول الخليجية حسب المزايا والموارد الزراعية واللوجستيات.
وأشار خليل الخنجي إلى أن القطاع الخاص قدم رؤيته بشأن الأمن الغذائي الخليجي، وأهمية التشاور حول هذه القضية التي أصبحت تمثل قضية محورية في الوقت الراهن، والحاجة الماسة لخلق شراكة قوية بين الجانبين للمضي قدماً وفق خطط مدروسة للتعاطي مع موضوع الأمن الغذائي، مؤكداً أن اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي كانت له العديد من المبادرات الهامة التي سلطت الضوء على هذا الموضوع، وقد لاقت المبادرات ترحيباً كبيراً من المستثمرين في القطاع الخاص الخليجي الذين بدورهم أبدوا اهتماماً كبيراً بالمساهمة في المشاريع الزراعية والغذائية الخليجية.
مواجهة تحديات الوحدة
وتابع الخنجي : «نحن في اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي نأمل أن يشهد العام المقبل أيضاً توجهاً حقيقياً نحو اعتماد مشروع التأشيرة السياحية الموحدة بين دول مجلس التعاون، لما في هذا المشروع من إيجابيات تصب في مصلحة الاقتصاد الخليجي من خلال تحرك الحركة التجارية للقطاعات السياحية والإيواء وقطاع الطيران والنقل البري والعديد من القطاعات الخدمية التي ستستفيد من هذا المشروع الذي أثبت نجاحاً فائقاً بين كل من إمارة دبي وسلطنة عمان ودولة قطر « .
وقال الخنجي إن القطاع الخاص بحاجة أيضاً لاتخاذ خطوات ملموسة وعملية لمواجهة التحديات التي تعيق الوصول للوحدة الاقتصادية الخليجية الشاملة والمنشودة والتي من بينها ضرورة إزالة أي عوائق لتفعيل العمل التجاري المشترك ودعم المعارض الخليجية المشتركة وتأكيد دورها في رفع الصادرات الخليجية كما يحدث الآن في الدول المتقدمة، مع اهمية إشراك القطاع الخاص ممثلاً في اتحاد غرف دول مجلس التعاون حضور اجتماعات لجنة التعاون التجاري بالأمانة العامة لمجلس التعاون وكذلك اللجان الفنية التي تبحث القضايا ومشروعات القوانين المتعلقة بالشأن الاقتصادي لتحقيق مشاركة فاعلة للقطاع الخاص الخليجي في قضايا التنمية الاقتصادية وفي صياغة وصناعة القرارات المؤثرة بما يحقق مصلحة اقتصاديات دول المجلس ومصالح شعوبها ويلبي طموحات وتوجهات قياداتها السياسية في قطاعات اقتصادية خليجية فاعلة ومؤثرة إقليمياً ودولياً .
ويشير الخنجي إلى أهم معوقات السوق الخليجية المشتركة من منظور القطاع الخاص مثل قيام بعض الدول بحصر أنشطة ممارسة تجارة الجملة في أنشطة معينة، أو وضع قيود على تملك الأراضي والأسهم، وعدم السماح لقيام شركات بدون شريك وطني، وعدم السماح بفتح فروع للبنوك التجارية وغيرها، إضافة إلى المعوقات المرتبطة بالاتحاد الجمركي الموحد مثل حماية الوكيل وتعريف القيمة المضافة والإجراءات الجمركية الروتينية.
تهيئة بيئة اقتصادية داعمة
وأشار إلى أن القطاع الخاص بحاجة إلى بيئة اقتصادية واجتماعية مواتية ترتكز على عوامل عدة ترعاها وتدعمها الحكومات الخليجية، وفي مقدمتها مساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في التطوير والنمو وتهيئة العمالة المنتجة، وضرورة تهيئة المناخ الاستثماري وتوسيع الأسواق، وتوفير الحرية الاقتصادية والحركة النشطة لرؤوس الأموال وتوجيه الاستثمارات من القطاع الخاص والمؤسسات المالية ورجال الأعمال إلى قطاعات الصناعة والزراعة والموانئ والسياحة والاتصالات ونظم المعلومات والإنشاءات، والتوسع في إنشاء المناطق الحرة.
وأضاف رئيس الاتحاد أن الاتحاد يسعى في المرحلة الراهنة إلى تعزيز رؤيته لتوفير البيئة المناسبة لتطوير أداء القطاع الخاص الخليجي وتعزيز قدراته التنافسية، ليكون قاطرة التنمية في اقتصادات دول مجلس التعاون والأداة الدافعة نحو تكاملها ووحدتها. وأن أبرز ما يسعى تحقيقه العمل على تنفيذ الإستراتيجية التي اعتمدت من خلال مجلس الاتحاد التي أكّدت على تفعيل دور القطاع الخاص في مسيرة التكامل الاقتصادي بين دول المجلس للوصول للوحدة الاقتصادية الكاملة بينهم. كما يسعى الاتحاد إلى تعزيز مساهمة القطاع الخاص الخليجي في سن القوانين والأنظمة والقرارات والتشريعات الخليجية المتعلقة بالشأن الاقتصادي والخليجي المشترك من خلال المشاركة بالدراسات والمذكرات الخاصة بهذه القوانين والاستمرار في تمثيل القطاع الخاص الخليجي لدى اللجان الوزارية والفنية التابعة لمجلس التعاون الخليج، إضافة إلى تنسيق التعاون مع الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية ذات العلاقة الذي من شأنه تعميق العلاقات الاقتصادية الخارجية للقطاع الخاص الخليجي.