يدرك قادة دول التعاون أن مواطني دولهم لا ينتظرون خطباً إنشائية بقدر ما يتطلعون لقرارات ملموسة تؤمّن لهم الحماية وسط إقليم تموج دوله بالاضطراب وتغرق تفاصيله بالدم. كلمات القادة أمس تقول ذلك، مواقفهم، تحركاتهم، سعيهم إلى نقل المنظومة لمرحلة أكثر تماسكاً.
«الاتحاد» كان العنوان الأبرز، مشروع جدي في مواجهة المتغيرات الدولية والإقليمية، وعلى خط التماس مع مشروع إيراني مضاد يمد أذرعه من العراق إلى سوريا ولبنان واليمن والسودان. وآخر دلائل جديته ما أعلنته السعودية عن مقترح النظام الأساسي للاتحاد. على هذا الدرب الذي يبدو طويلاً وصعباً، كانت قمة المنامة محطة مهمة ليس للخليجيين ولمستوى رفاههم الاقتصادي والاجتماعي وحسب، بل لشعوب المنطقة التي طال ليلها وكثرت فتنها. فمن لا ينظر الآن إلى موقف «التعاون» تجاه سوريا واليمن والأردن والمغرب ومصر وهو المنظومة الأكثر استقراراً والأوضح تماسكاً؟! ومن لا يأمل بدور خليجي أشد وقعاً، بعد أن جنبت مبادرات المجلس بعض دول المنطقة مآسي كثيرة.
المتغيرات ليست كلها تحديات سلبية، الشروط الموضوعية قدّمت مجلس التعاون لاعباً رئيساً فاقت أهميته أحياناً كثيرة دور الجامعة العربية. ومن تابع الجلسة الافتتاحية لقمة المنامة وكلمات القادة أمس يعرف أن قراءة واقع دول الخليج والمنطقة والعالم كانت حاضرة بوضوح، والهدف «مواطنة خليجية كاملة تعبر عن تماسكنا وسياستنا الثابتة» و«قرارات ملموسة لصالح مواطنينا» و«إنجازات ستحقق التكامل والاتحاد» كما جاء في كلمة جلالة الملك المفدى.
وبانتظار ما سيصدر عن القمة من قرارات وتوصيات اليوم، فإن أنظار الخليجيين والعرب متجهة إلى رؤية سياسة موحدة توظّف إمكانات الخليج وخبرة سياسية في التعاطي مع الملفات والأزمات عمرها 31 عاماً، لتجنيب هذه الشعوب ما صار واضحاً أنه يدبر في غير صالحها.

يوسف البنخليل