كتب ـ حسين التتان:
على المحبة والسلام لمت البحرين شمل الشعراء العرب، اجتمعوا من مشارق الوطن ومغاربه، تغنوا في حب الأوطان ووصف الطبيعة وجمال الحياة وعشق المحبوبة وشذا الورود، وكل ما هو جميل آسر.
أسرة الأدباء والكتاب البحرينية احتضنت المؤتمر الـ25 للاتحاد العام، توّجتها بأمسية شعرية أمس الأول، في مركز الشيخ عيسى الثقافي وبمشاركة نخبة من ألمع الشعراء العرب، من أرض المنامة أطلقوا صرختهم وغنوا للسلام والمحبة.
نجاح المرديني قدمت الضيوف، وبكلمات قصيرة وصفت الشعر بأنه كان ومايزال ديوان العرب، واللغة العاطفية البسيطة، وأول المشاركين من الكويت الشاعرة فاطمة العبيدان، اختارت مشاركتها الشعرية الأولى خارج وطنها في المنامة، ألقت قصائد أربعة «القلب الحنون» حملتها وصفاً لعاطفة جياشة تجاه البحرين، و»بحرين يا أسطورة الإباء» وفيها تصف ملامح الشعب البحريني، وما يتمتع به من نبل وقيم إنسانية رفيعة، و»ثقافة» تتحدث فيها عن أهمية الثقافة في هذه المرحلة، مرحلة التحديات، و»لؤلؤة البحار» قصيدة عاطفية تغنّت فيها بحبها لوطنها الكويت، كانت أبيات غزل في هوى الوطن.
الشاعر اليمني مبارك سالمين حملت قصيدته عنوان «ما المدينة إن لم تكن عدن»، كتبها في طريقه إلى البحرين، وصف مدينة عدن، تحدث عن قمحها وسفوحها الجبلية، عن الأنبياء والحالمين، عن البحر والأنوثة، عن الرايات والمساجد والآذان والمعابد، عن الفقر والناس والماء والشاي والأحلام، تحدث عن مصائب أثقلت كاهل المدينة، وظلت رغم ذلك مدينة الحب والسلام.
كان جمهور البحرين على موعد مع أمسية شعرية حالمة، بطلها الشاعر المصري الكبير محمد الشهاوي، بثلاث قصائد أبهر الحضور، صفقوا بحرارة، في ختام الأمسية تلا قصيدة أخرى بناء على رغبة الجمهور.
الأولى تحت عنوان «من أنت»، قصيدة ذات دلالات رمزية، رغم مفرداتها البسيطة والرشيقة، عبر فيها عن القلق والحيرة وكيف تكون مفاتيح التطلعات والرؤى والبحث عن وطن، قصيدة «المرأة الاستثناء» طرقت أبواب امرأة من عالم آخر، ليست كبقية النساء، إنها أنثى أقرب إلى الأسطورة، وهنا لابد من خلق عناوين وأوزان شعرية جديدة تليق بها، هي سيدة النور وامرأة تشبه المستحيل، القصيدة الأخيرة كانت أندلسية اختتم بها الشهاوي.
الشاعر العماني عوض الوهيب ألقى قصيدة «الخيول»، قصيدة حداثية تعج بالرموز، تلاعب بالخيل الرمز، استغرق في وصف الطبيعة، بعدها أسمع الحضور قصيدة ثانية بعنوان «بصيرة الإزميل».
بعدها جاء دور الشاعر والقاص الإريتيري أبو بكر حامد كهان، كانت قصائده قصيرة جداً، أو هي قصيدة تحتوي على مقاطع صغيرة، يحفها جميل اللغة، فجال بها عبر الرمزية المشعة.
ومن إريتيريا إلى العراق، ألقى الشاعر العراقي حسن عبدالراضي قصيدة أهداها إلى وطنه، تحدث فيها شعراً عن الماء والنفط والضمير، وقصيدة «قافلة المر» تناول فيها نهر الفرات والرمل والتيه ورسائل الخلفاء، وفي آخر قصيدة دق أبواب الصمت والرحيل.
من الأردن كان الجمهور على موعد مع الشاعر هشام عودة وقصيدة «أميــر مجــــدو»، مجـــدو المدينة الفلسطينيـــــــة، حــاول أن يناديها لعلهــا تعود من جديد، عرج علــــــى أطفــال الحجــارة ومهرجاناتهم البطولية، عن العدوان الصهيوني علـــــى المدينــة، علـــــى الأمل المعلَّق بشخصية «محمود».
بعدها جاء دور شعراء البحرين، بدأ عبدالحميد القائد بقصيدة من الشعر الحداثي الحر، وصف نفسه بالشجرة، ذلك المعنى المزدهر والمفتوح من كل جوانبه الفياضة، كان القلب والضوء والبنفسج كلها أدوات بصيص نور الشجرة «الذات»، في قصيدة «رقص داخل الجسد» استطاع تجسيد الأساطير، خاطبها وخاطب كل الراقصين والحالمين بها.
الشاعرة نبيلة زباري كانت حاضرة، تحدثت عن الغربة والمطر وابنتها أسيل، استنفرت وهي في سفرها كل ما يتعلق بالمطر والغربة والشوق والحنين إلى الوطن، في القصيدة الثانية «كيف أعلق رتاج العمر دونك» تحدثت عن الشخص الراقي في حياتها، وعدم اعتيادها العيش دونه، كما هو لا يستطيع العيش دونها، قبل أن تختم بقصاصات شعرية متفرقة وقصيرة.
الجمهور الحاضر أبى أن يختم أمسيته الحالمة إلا بكلمات الشاعر محمد الشهاوي، جاء بقصيدة «الخروج إلى المطلق» ألهب حماسة الجماهير وصفقوا بحرارة.
على هامش الأمسية
«الوطن» التقت بمجموعة من الشعراء المشاركين بالأمسية، حاورتهم عن انطباعاتهم، عن الشعر والثقافة والبحرين، الشاعر عبدالحميد القائد قال «كانت الأمسية ساحرة بامتياز، وكان نجمها الشاعر الكبير محمد الشهاوي، هو أساساً شاعر متصوف، وصفته من قبل بأنه الشاعر المعجزة».
الشاعر اليمني مبارك سالمين وصف الأمسية «كانت تحمل روحاً عالية للمشاركين، وفيها شعرت بدفء البحرين الذي تفجر بحرارة الشعر، وتفجرت معها الأمكنة والأزمنة والتاريخ، استمتعنا بأصوات شعرية مختلفة، كانت عبارة عن ساعة حب وفرح».
وأضاف «يظل الإنسان البحريني جميل ورائع ومحب للبشر والعرب خاصة، ولمسنا طيبة أهل هذا البلد، بل وتمكنت من قراءة المكان البحرين حتى قبل زيارته».
رئيس اتحاد الأدباء والكتاب الموريتاني عبدالله السالم المعلى قال إن «أجواء الأمسية كانت تقطر عبقاً بالأدب والوجدان، وكان كل شيء فيها رائعاً، لأنها احتوت على الحميمية الممزوجة بالمشاعر والثقافة والإبداع، وعلى تلاقي الأحبة من كل قطر عربي، وكل منهم كان يحمل بعده ودلالاته، من أقصى نقطة عربية في الشرق، إلى أقصى نقطة عربية في الغرب، تلاقى الجميع على المحبة والإخوة والسلام».