شكلت دولة قطر علامة بارزة في مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، منذ إطلاقه من قبل أصحاب الجلالة والسمو قادة المجلس، نوفمبر عام 1981 بالإمارات العربية المتحدة، وحتى القمة الـ33 بمملكة البحرين في ديسمبر 2012.
وكانت مشاركة قطر في اجتماعات وفعاليات المجلس، سواء على مستوى القادة أو الوزراء أو على مستوى اللجان، تمثل دائماً دافعاً ومحفزاً لاتخاذ قرارات تخدم شعوب خليجنا العربي، وتخدم مصالحهم المشتركة، هذا على مستوى المشاركة أما على مستوى الاستضافة والتنظيم، فالتاريخ يقف أمام خمس محطات رئيسية هي قمم قادة التعاون التي استضافتها الدوحة على مدار تاريخ قمم التعاون الـ32.
فقد كانت قطر دولة الانعقاد للدورات الرابعة لاجتماع المجلس عام 1983، والقمة الحادية عشرة عام 1990، والسابعة عشرة عام 1996، والقمة الثالثة والعشرين عام 2002 والثامنة والعشرين عام 2007.
وبين اجتماعات طافت دول خليجنا العربي، سنتوقف أمام ما احتضنته الدوحة من قمم كنموذج يحتذى للعمل الخليجي المشترك، وبرهان على ما مثلته قطر من ثقل لمؤتمرات مجلس التعاون وأن ما صدر عن الدوحة من إعلانات كان لها عظيم الأثر في مسيرة المجلس.
واحتضنت الدوحة في عام 1983، القمة الرابعة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهي القمة التي عقدت في ظروف عربية بالغة الدقة على أصعدة عدة، خصوصاً على الصعيد الخليجي نتيجة الحرب العراقية - الإيرانية، وقد وحدت قمة الدوحة الموقف الخليجي إزاء كل هذه القضايا وخرجت ببيان قوى تضمن تأييداً لقرار مجلس الأمن الصادر في 31 أكتوبر1983، الذي يدعو إلى وقف جميع العمليات العسكرية في الخليج، وعدم التعرض للمدن والمنشآت الاقتصادية والموانئ، والممرات البحرية والطرق المائية.
وفي القمة الـ»11» التي عقدت بالعاصمة القطرية الدوحة عام 1990، كان الخليج العربي يعاني جرحاً نازفاً، إثر العدوان العراقي على دولة الكويت، وكانت قمة الدوحة بمثابة مشرط الجراح الذي يداوي الجرح ويخفف من آثاره، وقد حرصت قطر أن يتضمن البيان الختامي للقمة إعلان الدول الأعضاء حكومات وشعوب دعمها لدولة الكويت في محنتها ومساندتها المطلقة وتضامنها التام مع شعبها وحكومتها في جهادهما حتى التحرير الكامل، وأشاد المجلس الأعلى بشعب الكويت الصامد الرافض للاحتلال والمتمسك بحكومته الشرعية بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح.
كما دعت قمة الدوحة العراق أن يبادر فوراً إلى سحب قواته من جميع أراضي دولة الكويت دون قيد أو شرط لتعود إليها السلطة الشرعية، وقادت قطر تحركاً خليجياً يحمل العراق مسؤولية التعويض عن الأضرار والخسائر الناجمة عن الغزو التي لحقت بالمصالح الحكومية الكويتية والبنوك والهيئات والمؤسسات والشركات العامة أو الخاصة والاستيلاء على ممتلكاتها وأموالها وودائعها ونقلها خارج الكويت، وقررت قمة الدوحة تكليف لجنة من وزراء الخارجية في الدول الأعضاء للقيام بجولات جماعية إلى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وبعض الدول العربية وغيرها من الدول ذات الأهمية لإقناع النظام العراقي بالخروج السلمي وتجنيب المنطقة ويلات الحرب.
وفي الفترة من 7-9 ديسمبر من عام 1996، وصل قطار قمم مجلس التعاون إلى الدوحة من جديد مع القمة رقم «17»، وكما كانت القمة الـ11 هي قمة احتلال الكويت، يمكن القول إن القمة السابعة عشرة هي قمة إنقاذ العراق، فقد احتضنت قطر جملة من التوصيات والقرارات في البيان الختامي تتمحور حول تنفيذ العراق لقرارات مجلس الأمن الخاصة بالعدوان على دولة الكويت.
وأكدت قمة الدوحة، استمرار مجلس التعاون دعمه لجهود اللجنة الخاصة التابعة للأمم المتحدة المكلفة بإزالة أسلحة الدمار الشامل العراقية، واستعداد دوله للاستمرار في المساهمة في توفير الدعم المالي والسياسي لإنجاح أعمالها، وحث المجتمع الدولي، على مواصلة دعم جهود تلك اللجنة مادياً وسياسياً ومعنوياً، لضمان استمرار أعمالها وإنجازها للمهام الموكلة إليها.
كما قادت قطر وبقوة تحركاً خليجياً في هذه القمة للتأكيد على سيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث، طنب الكبرى، وطنب الصغرى وأبوموسى، ودعم المجلس المطلق للإجراءات والوسائل السلمية كافة التي تتخذها لاستعادة سيادتها على هذه الجزر، وكرر المجلس دعوته للحكومة الإيرانية إلى إنهاء احتلالها للجزر الثلاث، والكف عن ممارسة سياسة فرض الأمر الواقع بالقوة.
واحتضنت الدوحة من جديد، المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الدورة الـ23 عام 2002، وطرح حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر أمام القمة دعوة قطرية لتطوير المجلس وتوسيع مجالات التعاون المشترك لدوله، وتطوير أداء مؤسساته عبر حوار خليجي بناء بما يحقق آمال وتطلعات شعوب دول المجلس للارتقاء بالتعاون إلى مستوى التكامل، لاسيما في المجالات الحيوية التي تنعكس آثارها بشكل مباشر على مصالح المواطنين ومعيشتهم والشعور بأن المجلس، بالنسبة لكل مواطن، قد أصبح حقيقة يومية وحياتية لا غنى عنها. وقدمت قطر مبادرة متكاملة بضرورة الارتقاء بمستوى المؤسسات التعليمية وإعطائها المزيد من الاستقلالية لإطلاق طاقات الإبداع وعلى حاجة النظم التربوية إلى تطبيق مناهج حديثة واعتماد معايير دولية لتقويم مخرجات التعليم مع المحافظة على الهوية العربية والإسلامية والتمسك بقيم العدالة والتسامح والتعاون، وقرر القادة تكليف الأمانة العامة لتحقيق التوجهات القطرية وتعميمها خليجياً.