كتب ـ حسين التتان:
لامس الشعراء العرب في أمسيتهم الثانية بمؤتمر اتحاد الأدباء والكتاب بالمنامة، قضايا الهم والوجع الإنساني، غنوا لفرح الطفولة وحب الأوطان، وضعوا أناملهم على جرح العراق النازف، حلموا بوحدة تحتضن الأمة من محيطها لخليجها.
الشاعر الجزائري نور الدين طيبي افتتح الأمسية، بدأ بقصيدة عن الذات المفجعة، عن الأنا بصورتها المؤثرة، ربط همه بقضية قميص يوسف وبراءته من الغواية، في قصيدة أخرى قارب الصفاء ونقاء الروح، والتصاقهما بالطبيعة والتاريخ.
الجزائري الآخر علي أبو زواله استخدم في قصيدة «امرأة الشعر» لغة ناعمة دافئة، لامس المتناقضات في تجلي امرأة الشعر، بين الرغبة والهروب، في «صوتي تقدم» هرب نحو صناعة الحب والسلام والشموخ، وفي الختام ألقى على مسامع الجمهور قصيدة تعج بالأسئلة.
الشاعر الجزائري الثالث محمد بن راحلة وفي «فضاءات إلى أبي الطيب المتنبي» وصف القصيدة المطرودة والمدى والقصيدة المليحة أيضاً، قال شعراً عن الصحوة المتأخرة، وفي «فوضويات لحنظلة» تحدث عن خراب الفوضى وهروب الأوطان من وجع الألم، استغاث بالمنقذ القاتل، حكى عن الجمر والبحر، وعن كل مفارقات الحياة.
من مصر كان الجمهور على موعد مع الشاعر حسن طلب وقصيدة «استضاءة»، تناول فيها عمل النواقيس والضوء في حضرة الآلهة، تحدث عن الحب في عيون امرأة لها من الضوء الخاص، أحيا بها الروح مع الجسد، قدم استضاءة الطفولة والبحار والنفوس والكائنات الأخرى، وحلم بـ»معجزة ضوء تأتي غداً في حينها».
من السودان الشقيق قدم الشاعر التيجاني الحاج موسى أغنيته «أنا في بلدي» باللهجة السودانية، سرد الماضي والذكريات المِلاح، وقصيدة أخرى بالفصحى، ألح فيها على الحبيب عدم مغادرته، لأنه لا يستطيع البقاء دونه، وفي ختام قصائده غنّى باللهجة السودانية، عن الحب وجمال العواطف التي يغدقها القلب على الحبيب.
الشاب العراقي عمر السرَّاي أختار أبياتاً شعرية من نوع مختلف، تحدث عن أماسٍ تفرض علينا حديث الحب وشجونه، قال إنه لن يتوب عن حب معشوقته بعد أن تقرب بها إلى الباري زلفا، دخل إلى نص آخر لم يغادر فيه تلك المعاني، وآخرها كان في قمة الروعة، تفاعل معه الجمهور بطريقة عاطفية أخاذة، تحدث عن العراق الممزق، عن ألم الأطفال في الحروب المدمرة، عن تحكّم الغرباء في أرض السواد، فهو لا يريد انتماءً، بل يرد نخلة من العراق تولده عند المخاض.
ألقى بعده الشاعر الموريتاني عبدالله السالم ولد المعلى قصيدته «حلم الوحدة المغاربية»، وصف المدن المغاربية العريقة، والحلم المشروع لكل من يسكن تلك المدن، طالب بعودة الروح المغاربية إلى ساحة الوحدة العربية، ثم ألقى نص «رسائل مدبلجة» تحدث فيها عن التقاء الشرق بالغرب مع معوقات التضادات الأزلية بينهما.
الشاعر البحريني القدير عبدالرحمن الرفيع، افتتح قصائده عن النمل ومدى تفوقه على الإنسان بالعمل الجاد والوحدة، تمنى أن يستفيد الإنسان من هذا الكائن الصغير العظيم.
تحدث الرفيع في نص باللهجة البحرينية عن النفط وأنه ليس هو المستقبل، وتحدث أيضاً عن مقاربة لأفضل قصيدة للمتنبي جرت بينه وبين الأديب العريض والقصيبي، ألقى بعدها أبياتاً عن أهمية البنات في الحياة، بطريقة فكاهية، وبعدها قصيدة عن موظف الحكومة والشمطاء، وآخر نص كان لصاحبة الكلب، امرأة هام خلفها وفي نهاية المطاف اكتشف أنها عمياء، بالصدفة عن طريق صاحبه.
الشاعرة الإماراتية الهنوف محمد اختارت قصيدة «جوزاء» لهذه الأمسية الحالمة، مع بعض النصوص الشعرية القصيرة.
ثم ألقى الشاعر التونسي شمس الدين العوني «متعة الصمت»، تحدث فيها عن رغبته المجنونة في الصمت الوقور والبريء، وتناول صمت المرأة والأطفال والأحلام، والصمت في زمن الأزمنة الموحشة، ومن تونس أيضاً ألقى الشاعر الغربي المسلمي قصيدة عن القمر بتجلياته، عن القطا والفتى وهما في المدينة يتحاوران عن القمر، مع مفردات حداثية جميلة.
ومن المغرب ألقى الشاعر عبدالسلام مصباح قصائد باللغة الإسبانية، وكان يترجمها للعربية مباشرة، وكلها نصوص تحدثت عن الحب والإيمان، بعدها ألقى نصوصاً شعرية عن الحب والأمل.
ثم جاء دور الشاعرة المغربية وداد بن موسى فألقت نصوصاً حداثية خاطفة عن النور والغربة والعشق، بعدها قرأ الشاعر الفلسطيني مراد السوداني نصوصاً صغيرة رائعة، وأخيراً وقبل الختام، ألقى الشاعر إدريس الميلاني من المغرب نصوصاً أخرى جميلة محملة بالحب الإنساني.
على هامش الأمسية
وفي سؤالنا له حول انطباعاته عن الأمسية الشعرية في المنامة، قال الشاعر الأردني هشام عودة «هذا المهرجان كغيره من المهرجانات الشعرية، فيه الغث والسمين، استمعنا فيه إلى قصائد جميلة وممتعة وناضجة فنياً، وأخرى تقليدية لم تقدم شيئاً، والمسؤولية هنا تقع على عاتق اتحادات الكتَّاب العربية أولاً وأخيراً».
وأضاف «تعودنا في كل مؤتمر أن يكون مهرجان الشعر العربي مميزاً بقصائده وشعرائه، وهذا ما تعودنا عليه منذ عام 1969 حين انعقد مهرجان الشعر الأول ببغداد، هنا تنوعت القصائد على مدى ليلتين، بين القصيدة التفعيلية والعمودية والنثرية، حيث تجاورت القصائد الشعرية على المنصة، كما تباينت السَّويَّة الفنية أيضاً، والمهرجان شكل مناسبة لنتعرف على الشعر العربي في مختلف أقطاره من المغرب إلى المنامة».
من جهته دعا الكاتب والمخرج المسرحي البحريني علي فردان محمد إلى ضرورة إحياء المثقف والمبدع البحريني، وقال «انطباعي الأولي عن المهرجان كان جيداً، خاصة أنه جاء في الوقت المناسب، في عام المنامة عاصمة الثقافة العربية 2012، وأن أسرة الأدباء والكتاب البحرينية نظمت الأمسيات بطريقة جيدة».
وعتب فردان على أسرة الأدباء «المؤتمر جاء بعنوان «الكلمة من أجل الإنسان» بما يتناسب وكتاب ألفته مؤخراً «الفكر والكلمة وأهميتهما لتحقيق الاستقرار والأمن المجتمعي»، لكن ما يؤسف له ألا يدشن الكتاب في التظاهرة، بدلاً من ذلك فالأسرة وبعد أن نقصتهم الكتب بالمعرض المصاحب، بعثوا لي مسجاً يطلبون أن أحضر كتابي».