قال علماء وشيوخ دين إن «شهادة الزور تتسبب في دخول صاحبها النار لأنها تطمس العدل والإنصاف وتعين الظالم على ظلمه وتضيع حقوق الناس وتظلم بعضهم على حساب بعض، وتعطي الحق لغير مستحقه، وتزرع الأحقاد في القلوب وتعصف بالمجتمع وتقوض أركانه وتزعزع أمنه واستقراره»، مشيرين إلى أن «من أظهر الشهادة زوراً يقترف إثماً عظيماً، وفي نفس الوقت من يكتم الشهادة وهو يعلمها ويشهد بغير الحقيقة التي يعرفها فهو أيضاً يقترف أيضاً كبيرة من الكبائر».
الرجس والقول الزور
وأضافوا «جاء في الصحيحين عن عبدالرحمن بن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر -ثلاثًا- ؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئًا فجلس، فقال: ألا وقول الزور، وشهادة الزور»، فما زال يكررها حتى قلنا: «ليته سكت».
وذكروا أن «الحديث الشريف يبين خطر هذا الذنب العظيم الذي بادر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالكلام عليه قبل أن يسألوه فقال «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر» «ثلاث مرات» وعندما أراد أن يذكر قول الزور جلس بعد أن كان متكئاً وهذا دليل آخر على عظمة هذا الأمر وخطره ثم أخذ صلى الله عليه وسلم يكرر «ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور»، حتى قال الصحابة رضي الله تعالى عنهم «ليته سكت»».
وتابعوا «لقد قرن الله سبحانه وتعالى بين عبادة الأصنام وبين قول الزور فقال (فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور)، ونزه المؤمنين عن قول الزور وجعل من أبرز صفاتهم الابتعاد عن قول الزور وشهادة الزور فقال: (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كرامًا)».
وأوضح شيوخ الدين أن «ما ذلك إلا لأنه من أكبر الكبائر وأعظم الجرائر وأخطر الظواهر لما يترتب عليه من الكذب والفجور والظلم وهدر الحقوق ونشر البغضاء والضغينة».
وأضاف العلماء أن «شهادة الزور تسبب لشاهدها دخول النار لأنها تطمس العدل والإنصاف وتعين الظالم على ظلمه وتضيع حقوق الناس وتظلم بعضهم على حساب بعض وتعطي الحق لغير مستحقه وتزرع الأحقاد في القلوب وتعصف بالمجتمع وتقوض أركانه وتزعزع أمنه واستقراره، يقول النبي صلى الله عليه وسلم «إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له بحق أخيه فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو يذرها».
ولفت العلماء إلى أن «هذا الذنب الخطير والشر المستطير موجود ومنتشر للأسف الشديد في أوساط مجتمعنا فكم سمعنا عن أناس يجلسون على أبواب المحاكم يبيعون ذممهم ويعرضون شهادتهم».
وقالوا إن «من يشهد زوراً ينسى ربه وظلمة قبره وينسى أن الحقائق قد تقلب في الدنيا لكنها عند الله في الآخرة لن يحق فيها إلا الحق ولن يصح منها إلا الصحيح فالحق في ميزان رب العالمين وأحكم الحاكمين سبحانه وتعالى لا تنفع في رده شهادة المزورين ولا فصاحة المحامين ولا تزوير المدلسين والمزورين».
كاتم الشهادة
وأوضح العلماء أن «كثيراً من الناس يظنون أن شهادة الزور مقتصرة على التي في المحاكم وعند القضاة وهذا إنما هو نوع من أنواع الزور، الشاهد والمشهود له مجرمان فيه غاية الإجرام، والشاهد أشد إجراماً لأنه يبيع دينه بدنيا غيره، وأشد إجراماً منهما القاضي أو الحاكم إذا كان يعلم أن شهادة الشاهد كاذبة كما هو حال بعض الشهود الذين يرابطون عند أبواب المحاكم فيترددون على القاضي مراراً وتكراراً في قضايا مختلفة ولأناس مختلفين».
أنواع شهادة الزور
وقال العلماء إن «من أنواع الزور تلك التوقيعات التي يوقعها بعض المسؤولين في بعض الإدارات بأن فلاناً تم انتدابه لمدة كذا، أو أنه مصاب بمرض كذا، أو أنه موجود ومداوم عندهم في الإدارة والأمر ليس كذلك فهذا زور وتزوير من الطرفين وأكل للمال بالباطل، ومن الزور تلك التقارير المزورة التي يرفعها بعض المدراء والمشرفين في أمور يعلمون علم اليقين أنها غير صحيحة كالتقارير التي تعطى لبعض الأشخاص للحصول على إجازة من العمل أو الحصول على مساعدة من جهة معينة أو التقارير التي يرفعها بعض الأطباء بمرض من ليس بمريض أصلاً أو إعطاء الطالب تقريراً يمنعه من الذهاب إلى المدرسة أو دخول الامتحان أو غير ذلك من الزور والبهتان، ومن الزور ما يفعله بعض أصحاب المحلات التجارية من كتابة لفواتير مزيفة وغير حقيقية أو إعطاء الزبون فاتورة بيضاء ليكتب فيها ما يريد أو كتابة فواتير بمبلغ غير المبلغ الفعلي الذي استلمه صاحب المحل كل ذلك من الزور والإعانة على الإثم والعدوان، ومن أعظم الزور تلك الشهادات المزورة التي تعطى لمن ليس أهلاً لها كالشهادات التي تعطى لمن نجح بالغش أو لمن لم يدرس أصلاً وكذلك شهادات الخبرة في مجال معين لمن ليس كذلك».
وأوضحوا أن «من يظهر الشهادة زوراً يقترف إثماً عظيماً وكذلك من يكتم الشهادة وهو يعلمها ويشهد بغير الحقيقة التي يعرفها فقد يقترف أيضاً كبيرة من الكبائر، يقول الله سبحانه وتعالى: (ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها».