لم تعد في سياقها مجرد مدينة أو عاصمة لخارطة من ماء، لم تعد في تركيبها تستحضر فكرة واحدة، بل حزمت في حقيبة العام 2012، فكرة واحدة تؤسس لأن تكون الثقافة فعل مقاومة، فعل مواءمة يتجاوز ما قد تحدِثه السياسة أو يمارسه الاقتصاد، أو تشرخه فيه ممارسات معينة. «المنامة.. عاصمة الثقافة العربية للعام 2012»، تمردت على ذاتيتها الصغيرة، وتمكنت أخيراً من إيجاد مكان لها على خارطة العالم، كشفت من خلاله رهانها الجميل على أن يعيش شعبه حقيقته ووعيه في استلهام الفكر وتدويره، إذ عاشت المنامة قاب فرحٍ أو أقصى حين صارت تضع الثقافات المختلفة على اثني عشر عموداً فكرياً، أشارت إليها وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة في إعلان المنامة عاصمة للثقافة العربية أكتوبر 2009. وحول هذه المراهنة، بدأت الصياغة الشفيفة والجميلة للعديد من المفاعيل والروافع الحضارية، واتخذت المنامة من قلبها ذريعة لتكون مرفأ العالم ومحط الثقافات التي انسلت باثنتي عشرة هيئة وطريقة احتضنت فيها المنامة واحدة لكل شهر، وشملت تشكيل، عمارة، تصميم، تراث، متاحف، شعر، فكر، تراجم، موسيقى، بيئة، مسرح ووطن على مدى عام، حضرت فيه المنامة بمواقع كثيرة في العالم، كما تجسدت فيها أوطان متداخلة استدرجت منها أهم المفكرين، الاختصاصيين والخبراء عبر مجموعة من الندوات، المحاضرات، ورش العمل، المسابقات الثقافية والفنية، والمعارض، ودشنت مجموعة من الكتب المترجمة لمثقفين بحرينيين وعالميين على مدى كل شهر، اختصّ كل واحد منها بموضوع يلائم ثيمة الحدث.