^ البعض يتحدث الآن عن الحل السياسي، وينتقد سلوك ومواقف وممارسات الحكومة على أنها ممارسات لا تتجاوز إطار (الحل الأمني)، فهل هذان المفهومان جديدان ضمن لعبة المفاهيم التي يتم خداع الرأي العام البحريني بها منذ فترة؟ حتى نفهم ما إذا كانت هناك خدعة في مفهومي (الحل السياسي والحل الأمني) على الرأي العام البحريني من الأهمية بمكان أن نفهم ما المقصود بالحل السياسي والحل الأمني. الحل السياسي يستخدم عندما تكون هناك أزمة سياسية في دولة ما، ويكون الحل نفسه مجموعة من الإجراءات التي تساهم في إحداث انفراج سياسي يؤدي إلى إنهاء الأزمة أو التخفيف من تداعياتها. وبالتطبيق على الحالة البحرينية فإننا نجد أن الحل السياسي كان ومازال موجوداً بشكل دائم منذ بداية الأزمة وحتى الآن. فعلى سبيل المثال أطلق حوار التوافق الوطني، وتم تشكيل اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، وأنشئ صندوق التسوية المدنية، وتم تنفيذ العشرات من التوصيات للحوار واللجنة باعتبارها إصلاحات سياسية شاملة، وهي كلها إجراءات تخدم الحل السياسي بل وتشكل الحل نفسه. أما الحل الأمني فإنه الطريقة التي تستخدمها الحكومة أو الدولة لمعالجة أزمة ما، وتكون قائمة على وسائل العنف والإكراه القسري، وفي هذه الحالة يتم زج المواطنين في السجون، وانتهاك حقوقهم الإنسانية، بل وتصل الحلول الأمنية إلى درجة مرتفعة من درجات العنف السياسي من الدولة تجاه مواطنيها. والحل الأمني غالباً ما يؤدي إلى تداعيات أكبر من تداعيات الأزمة نفسها. ومن الأمثلة الواضحة والصريحة على التعامل الأمني في معالجة الأزمة الطريقة التي يتبعها النظام السوري في معالجة الأزمة التي يواجهها من قتل وتعذيب وتعامل وحشي مع المواطنين. في الحالة البحرينية أيضاً الحل الأمني غير مطروح، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال وصف الإجراءات الأمنية التي تتخذها الدولة بأنها إجراءات تخدم الحل الأمني. فما يتم من معالجات أمنية تتم بهدف إيقاف المتجاوزين للقانون لضمان هيبة الدولة وسيادة القانون. حتى وإن استخدمت قوات الأمن بعض أدوات حفظ النظام كمسيّلات الدموع، وبعض الأدوات الأخرى لأنها تملك المشروعية والمسؤولية القانونية لاستخدامها وفقاً للدستور والقوانين الوطنية، على أن تتم مراعاة قواعد الانضباط الأمني والتزامات البحرين الدولية في مجال حقوق الإنسان. نخلص في النهاية إلى أن مفهومي الحل السياسي والحل الأمني خدعة جديدة يتم تسويقها على الرأي العام البحريني حالياً، وإذا كان هناك من يطالب بالحل السياسي فعليه قبول كافة الإجراءات التي تتخذها الدولة لبيان حسن النية وصدق الرغبة في مزيد من الإصلاحات، أما التعنت والرفض وإقصاء الآخر فإنه لا يؤدي إلى الحل السياسي بل يؤدي إلى تعقيد الأمور ودفعها نحو مزيد من التأزم.