هنا ثالوث خطيرٌ جداً، يتربع على قمته الرئيس الأمريكي الراحل إبراهام لنكولن وإسهاماته التي مثّلت علامة فارقة في تاريخ الولايات المتحدة، وفي زاوية المثلث يقبع المخرج الشهير ستيفن سبيلبرغ الحاصل على 12 جائزة أوسكار، بينما حجز آخر زواياه الممثل المربك دانيال دي لويس الحائز على جائزتي أوسكار.
هذا الثالوث يشكل فيلم «لينكولن» الذي كان هاجس سبيلبرغ طوال 10 سنوات مضت، كان يرغب فيها إخراج فيلم حول أكثر الرؤوساء الأمريكيين إجلالاً في التاريخ الأمريكي والذي اغتيل أبريل 1865.
تحفة سبيلبيرغ الجديدة تروي سيرة النضال من أجل تحرير العبيد ووضع النهاية للحرب الأهلية، عبر تسليط الضوء على الأشهر الأربعة الأخيرة من حياة الرئيس الأميركي السادس عشر وجهوده في القضاء على العبودية بينما لا تزال الحرب الأهلية تعصف بالبلاد، وهي فترة حاسمة في التاريخ الأميركي، شهدت إقرار التعديل الثالث عشر للدستور والقاضي بإلغاء الرق في الولايات المتحدة.
كانت النتيجة فيلماً حميمياً يمزج بين أفلام السيرة الذاتية والدراما والأفلام التاريخية والحربية، واتكأ المخرج لطرح رؤيته الشخصية في الفيلم على السيناريست والكاتب المسرحي توني كوشنر الذي حول كتاب «فريق متنافسين: العبقرية السياسية لإبراهام لنكولن» الصادر في 2005 للمؤلفة دوريس كيرنز جودوين إلى سيناريو فيلم.
وفي تعليقه على كتابته قال كوشنر إنه كان مهتماً بالدرجة الأولى خلال صياغته بالعلاقة بين لينكولن والزعماء السياسيين المناصرين لإلغاء الرق في الولايات المتحدة، وقدرة لينكولن على التعامل ببراعة فائقة مع الظروف السياسية الصعبة للغاية التي واجهها، مع الحفاظ على إدارة دفة الحكم وسير البلاد قدماً خلال أصعب فترة في تاريحها.
ويرى النقاد أن الفيلم سيكون في مقدمة الأفلام المرشحة لنيل العديد من جوائز أوسكار، نظراً لما يتمتع به من مقومات الأعمال الســــــــــينمائية المتفوقـة من حيث الإخراج والسيناريو والتصوير والموسيقى والمونتاج والمستوى الفني والمكياج، خاصة بعد تصدي الممثل البريطاني القدير دانيال دي لويس للعب دور الشخصية الرئيس في الفيلم، حيث يتفاعل معها بتلقائية عفوية بجميع مكنوناتها وأحاسيسها، كزعيم سياسي هادئ الطبع رغم التحديات الجسيمة التي تواجهه، ويكاد ترشيحه لجائزة الأوسكار عن دوره في حكم المؤكد، حيث سيكون أكبر المتحدين له على الفوز بهذه الجائزة الممثل دينزل واشنطن في دوره بفيلم «رحلة طيران».
الفيلم عرض في مهرجان نيويورك السينمائي ومهرجان معهد الأفلام الأمريكي السينمائي، وفاز بثلاث جوائز رابطة نقاد السينما في نيويورك لأفضل ممثل رئيس دانيال دي لويس وأفضل ممثلة في دور مساعد للممثلة سالي فيلد وأفضل سيناريو، كما رشح الفيلم لثمان جوائز ساتيلات السينمائية، بينها جوائز أفضل فيلم ومخرج وممثل، وبلغت الإيرادات العالمية الإجمالية للفيلم على شباك التذاكر 117 مليون دولار، في حين بلغت تكاليف الإنتاج الفيلم 65 مليون دولار.