كتب ـ جعفر الديري:
«عدنان ولينا»، «الحوت الأبيض»، «سندباد»، «حكايات عالمية» أفلام كارتونية قديمة، عرضتها شاشاتنا الصغيرة في ماضٍ ولى، ولم تعد مرغوبة في عالم الأطفال اليوم مع ظهور «الدببة الطيبة»، «ريحانة»، و»الحيوانات الآلية».
أطفال السبعينيات والثمانينيات آباء اليوم يفضلون القائمة الأولى، يطلبونها لدى بائعي «دي في دي» وينسخونها عبر الإنترنت، يشاهدونها سراً حتى لا يثيرون ضحك واستهزاء أبنائهم.. ولكن لماذا؟.
بعض الآباء يردون السبب إلى الطفل الكامن بأعماقهم والباحث عن كل ما يردهم لمرابع الطفولة، وآخرون يجدون فيها متعة ونوعاً من التجديد، وفريق ثالث لم يتسنَ له أن يعيش طفولته كما يجب ويفضل البدء من جديد.
جواد علي تعلق بكارتون «عدنان ولينا» ومايزال «ضرورة لا غنى عن مشاهدتها بين الحين والآخر» يستمتع جواد بمشاهدة برامج الأطفال وكأنه طفل في العاشرة وليس رجلاً جاوز الخامسة والثلاثين ويقول علي «ما إن امتلكت نسخة من كارتون عدنان ولينا، حتى شعرت بسعادة كبيرة، وكلما شعرت بالضيق شاهدته، وضحكت من كل قلبي، لمرأى عدنان و»قفشات» عبسي، حقاً إنه كرتون رائع»، ويضيف مبتسماً «أفلام الكرتون تردنا إلى مرابع الطفولة الأولى».
ويرد جواد سر اهتمام الناس بمسلسلات الأطفال إلى إحساسهم بطغيان المادة، والجري الوحشي وراء لقمة العيش «كأن الناس يجدون في أفلام الأطفال واحة يستريحون عندها من شدائد الحياة وصعوباتها».
التحزّب لفريقين
أم علي سيدة متزوجة ولها 4 أبناء، تجد صعوبة في إقناع أبنائها بشاهدة أفلام كارتون قديمة شاهدتها وتابعتها بشقف في طفولتها «جيل اليوم مولود لزمان غير زماننا»، وتضيف «كل شيء مختلف حتى العادات والأذواق»
تتذكر أم علي كارتون «عدنان ولينا» و»توم سوير» و»سندباد» وسواها «كانت حديث التلميذات وقتها، كنا نحرص على مشاهدتها في المنزل، والحديث عنها في الفسحة المدرسية، فهذه تحكي عن جمال لينا، وأخرى عن تسريحة سميرة، ومواقف توم سوير المضحكة، وشجاعة سندباد، كانت أياماً جميلة لا تُنسى».
لا تخفي أم علي ضيقها من أفلام كارتون اليوم، ولا تؤمن كأم على أبنائها منها «بخلاف أبوي كانوا يتركوني وأخواتي نشاهد أفلام الكارتون كما يحلوا لنا» وتتابع «الأفلام الكرتونية القديمة كانت تُراقب من قبل التلفزيونات الرسمية، خلاف ما تعرضه القنوات الخاصة اليوم من أفلام كارتون لا تقدم للأطفال أي زاد طيب، بل مشاهد وسلوكيات مريبة».
العيش بمنزل «عدنان ولينا»
يحمل إياد إبراهيم في قلبه صورة سعيدة للأيام الخوالي، يتأوه طرباً لذكريات الطفولة «كانت أفلام الكارتون إحدى مفردات الحياة البسيطة، الأشياء تُرتّب على عفويتها، لا هم ولا تعب، بل لعب ومرح سرور».
يشعر إياد عندما يعيد مشاهدة «عدنان ولينا» أنه يولد من جديد «ذلك أن طفولتي كانت سعيدة جداً، وكان عدنان ولينا مصدر سرور كبير بالنسبة لي، خاصة أن الفيلم ارتبط بذهني بصورة الطفل المشاغب الجريء والظريف».
شخصية مثل عبسي تكاد لا تفارق خيال إياد «أضحك دون سبب عندما أتذكر مواقفه، ولا أنسى لحظة تعرّفه على عدنان، وهو يقول بصوت الفنان عبدالرحمن العقل سأكسر ذراعك، أو يحاول إدخال رأسه في نافذة السفينة الضيقة».
«الحوت الأبيض» بالمقدمة
تذكر خديجة حسن كارتون «الحوت الأبيض» وأغنيته الجميلة المحمّلة بالمعاني الإنسانية والدفاع عن المظلومين ضد الأشرار، وشخصية صابر الذي يحارب قــوى الشــر فــي آخــــر حلقة في مشهد كان يبكي الأطفال.
وتتساءل عن سبب تردي ما يعرض على شاشات اليوم من أفلام كارتونية «أطفال اليوم ليسوا سعداء كما كانت وأترابها»، معللة ذلك أن الحياة الحديثة سرقت منهم فطرتهم، فربما يكون حظهم من الذكاء أكبر، لكن نصيبهم من السعادة ضئيل جداً.
بالمقابل يجد يوسف إبراهيم في أفلام الكارتون بحثاً عن طفولة ضائعة لم يعشها «وسائل التكنولوجيا لم تكن موجودة، والقنوات المتخصصة بالأطفال كلها جديدة، كانت برامج الأطفال تقتصر على ساعة يومية واحدة قد تتيسر لك مشاهدتها أو لا».
يواظب يوسف على متابعة قنوات «سبيس تون» و»طيور الجنة» و»براعم» ويقول «توم وجيري» مخصص للأطفال والكبار، وكل البرامج الأطفال الأخرى أشاهدها مع أبنائي الثلاثة بشغف يفوق شغفهم».