ترجمة - أمين صالح:
*أنا بالأحرى منشغل البال، وأيضاً مرعوب، بسبب عزلة هي جزء من حياتنا المعاصرة.. لدي انطباع أن الناس -وربما هذا ضرب من التعميم الأحمق- يصبحون وحيدين أكثر فأكثر، إنهم وحيدون طوال الوقت في إنجاز الأمور، في التعامل مع مشاكلهم، وأنت لا تستطيع أن تتغير أو تصير كائناً أفضل إذا كان ثمة ما يعوقك داخل نفسك.
أنت وحيد حتى لو كنت تعيش مع آخر، ولا تحقق اتصالاً مع الآخرين على الإطلاق.. إنه أمر رهيب، أحياناً ينتظر الناس حتى يصيروا ممتلئين بالمشكلات وعندئذ يصلون إلى مرحلة يتعين عليهم فيها أن يقرروا بأنه الوقت الملائم للتحدث إلى محلل نفساني، في اعتقادي، يكفي أن تكون أكثر انفتاحاً قليلاً.
* محتمل أن يكون سبر العزلة خاصية مشتركة في أفلامي، كل مخرج يضع دائماً الكثير من ذاته في أفلامه، مع ذلك أنا لا أعاني من العزلة على الإطلاق، بل أميل إليها، إني أحاول على الدوام أن أجعل العزلة شيئاً إيجابياً، صحيح أن شخصين معاً يمكن أن يكونا وحيدين كما الفرد الواحد، لكن وجود الاثنين معاً سيكون أفضل.
* في فيلمي «زوج المزينة»، كنت واضحاً جداً بشأن وجود ظلم كبير بين الرجال والنساء، لماذا يكون للرجال الحق في أن يشيخوا ولا يكون للنساء الحق في ذلك؟ هذا ليس عدلاً.
* نهايات أفلامي تكون أحياناً مأساوية، عندما حققت «الرجل في القطار» قلت لنفسي «لا، لن يحدث مرة أخرى أن يموت شخصان في نهاية الفيلم»، لذا قبل التصوير مباشرة، اخترعت نهاية أكثر إيجابية إلى حد ما، صحيح أنهما يموتان لكنهما يستمران في الحلم.. وهي نهاية ليست تشاؤمية، لا يمكن لفيلم مثل «مسيو هاير» أن ينتهي نهاية سعيدة، لو حققت الفيلم في أمريكا وبنهاية سعيدة لبادر النقاد إلى التعليق بأني صرت أمريكياً يحب النهايات السعيدة.
* فيلم «الفتاة على الجسر» صور في اتساق ولم يكن واقعياً بقدر ما كان شعرياً أكثر، في النهاية، عندما تصل هي في اللحظة التي يوشك أن يرمي بنفسه في المياه، فإنك لا تتساءل عن المعقولية أو المصداقية.. هي كانت هناك، وهذا يكفي.
صحيح أن وليام، في «غرباء حميمون»، يذهب إلى الجنوب للعثور على «أنـا»، لكني لا أعرف بالضبط كيف نجح في إيجادها، على أية حال، هو انتقل وأعاد خلق الديكور نفسه في مكتبه الجديد، وخلع ربطة العنق، وفي النهاية، شرع في التدخين، تماماً مثلما هي تفعل.
هذا تذكير بالتعبير الذي لدينا بالفرنسية «ليس ثمة حب، هناك أفعال حب فحسب»، عندما يفعل الرجل الشيء الذي يفعله وليام، فهذا يعني أنه حقاً واقع في الحب، وبما أنه شخص مكبوح ومنغلق جداً على نفسه، فإن من الصعب جداً بالنسبة إليه أن يعترف بأنه يحب «أنـا»، هو غير قادر على قول الجملة البسيطة «أنا أحبك».. غير أنه قادر على التنقل، على البحث عنها، على العثور عليها، على إعداد شقة جديدة تماماً.. وهذا ما يبهجني.
* توظيف الإضاءة، في فيلم «غرباء حميمون»، هو مجاز يضيء حالاتهم الداخلية.
* أنا، بطريقتي الخاصة، لست ناجحاً تماماً في بلوغي سن الرشد، كان لدي دائماً ذلك الولع المدهش بالبالغين الذين ينجحون بطريقة ما في الحفاظ، إلى حد ما، على براءة الطفولة فيهم، وإذا أنت واع لحقيقة أن النساء غامضات، أو مكتنفات بالأسرار، فإن هذه الخاصية الغامضة عند النساء هي التي تجعلنا أولاداً صغاراً، عندما تكون في مواجهة هذا المفهوم، للخاصية الغامضة عند النساء، فإنك تتصرف إما بطريقة فحولية جداً، بالادعاء أنك لا تخشى لغز المرأة، أو أنك ستشعر فحسب بهذه الدهشة الطفولية تجاه النساء.
أعتقد أن الرجال أقل غموضاً من النساء بدرجة كبيرة.. وهذا مخجل. أنا لا أريد أن أفرط في التبسيط أو أطلق تعميمات، لكنني أظن أن الرجال أكثر افتتاناً بلغز المرأة مما هو العكس، حقاً لا أظن أن النساء يشعرن بالافتتان إزاء غموض الرجال، ربما يشعرن بالافتتان إزاء حماقة الرجال لكن ليس غموضهم.
* بداية أي فيلم هي مهمة جداً بالنسبة لي، أبداً لا أفقد إدراكي بفكرة الجمهور الذي يدخل الصالة، وبعدئذ يبدأ الفيلم، من المهم تذكر أن الناس حين يقررون مشاهدة فيلم ما، ويدخلون الصالة لأجل ذلك، فإنهم يرغبون في أن يحبوا هذا الفيلم، لا أحد يذهب إلى فيلم لا يحب مشاهدته، كل متفرج لديه أمنية واحدة أن يرتادوا هذا العالم الذي يمنحهم شيئاً من المتعة، ونحن لا نستطيع أن نخدعهم ونضللهم.. لهذا السبب تكون بداية الفيلم مهمة جداً، إذ يتعين عليك أولاً أن تجعلهم يمسكون بيدك ثم تتشبث بأيديهم ولا تدعها تفلت.
* السينما هي فن الصورة، الفن الذي يخولك أن تعرض أشياء، وكنت دائماً أشعر بأنه فن رائع ومدهش ليس فقط لأنك تستطيع أن تعرض الأشياء بل أيضاً لأنك تستطيع أن توحي بالأشياء.
* فكرة أن تكون قادراً على تصوير، أو إظهار ما تكونه وما تعنيه، الرغبة.. ذلك أمر يثير اهتمامي بعمق.
* كنت دائماً حساساً تجاه الإيروسية أكثر من البورنوغرافيا، الإيروسية كلمة كبيرة، لكن ما تكونه أساساً هي الطريقة التي بها أنت تستطيع أن توحي بالأشياء.
970x90
970x90