^   المبادرات الوطنية التي تأتي من أفراد ومؤسسات هي تعبير عن موقف وطني، خاصة تلك البعيدة عن أي حسابات سياسية أو حزبية والتي لا تقترب من بعيد أو قريب لأي أجندة أجنبية. وما تشهده البحرين اليوم من تداعيات سياسية على الساحة الوطنية يتطلب من جميع أبناء البحرين المبادرة بوضع حلول ناجعة لهذه التداعيات وتوصيل البحرين إلى مرفأ السلام وضفة الأمان. فرجال البحرين ونساؤها، التجار والمثقفون، الكتاب والمفكرون، المؤسسات السياسية والمهنية والاجتماعية، جميع هذه الفئات وغيرهم مدعوون للمساهمة والقيام بمبادرات فردية وجماعية. وتكمن أهمية المبادرات وأثرها في وضع البلسم على جراح الوطن التي أصابته مما تشهده بلادنا من أحداث، وبحسب إمكانات واهتمامات المبادرين، هذه المبادرات التي تشهدها البحرين على شكل جمعيات وملتقيات في بعض محافظات البلاد ما هي إلا مبادرات جماعية لمجموعة من الأفراد والأشخاص تحتاج إلى الانتقال من العفوية إلى التخطيط، ومن الغموض إلى الوضوح، ومن التأثير المحدود إلى التأثير الواسع، ومن الوضع العرفي إلى الوضع القانوني، ومن الأقوال المكتوبة إلى الأفعال المشهودة، وأن الإطار القانوني لهذه المبادرات يجعلها أكثر قوة وحقيقة، من أجل الاستفادة من طاقات أفرادها وتوجيه جهودهم إلى برامج ذات نفع مباشر على المجتمع وعدم ضياع وقتها في اللقاءات والمناقشات التي تهدر الوقت وتضيع الأهداف. وحتى تكون هذه المبادرات المختلفة التكوين والأهداف عليها أن: - تعمل وفقاً لترخيص معترف به من قبل المؤسسات المعنية بها، لكي تقوم بأعمالها وتنظمها وفقاً لأسس وضوابط تُحدد دور كل أفرادها، وليحقق أهدافها ورسالتها ورؤيتها. - توفير البيئة المناسبة لترجمة دورها المجتمعي، والعمل على استقطاب المتطوعين الراغبين في الانضمام إليها، وتأهيلهم وتدريبهم وتزويدهم بالمهارات المناسبة للعمل ضمنها. - تجاوز العمل من مجرد النوايا الحسنة لأعضاء المبادرات إلى العمل الفعلي والحقيقي. - توجيه طاقات وإمكانات أعضائها وفقاً لبرامج مدروسة وموجهة تساهم في تحقيق الأهداف المتوخاة من تأسيس مبادرتهم. - تنظيم عملهم بالشفافية والاستقلالية والنزاهة بعيداً عن الصراعات السياسية وأجنداتها. - تقديم برامج وحلول تساهم في رفع كفاءة الأعضاء والمتطوعين. - تعمل على حفظ هوية البحرين العربية وسيادتها على أراضيها. إن المبادرات الفردية المجتمعة تعمل على تنمية المجتمع وتساهم في حل الكثير من المشاكل، وأن نشاطها سيكون مسانداً ومكملاً لجهود مؤسسات المجتمع من أهلية وحكومية، لأن هذه المبادرات تمثل جزءاً لا يتجزأ من العمل التطوعي الذي هو رافد من روافد التنمية الاجتماعية. وهذا العمل سيعزز كثيراً نماء الشعور بالمواطنة لدى المتطوعين. وأن وجود تنظيم واضح اسماً وهوية لهذه المجموعات (أصحاب المبادرات) سيساهم كثيراً في إبراز جهودهم ونشاطهم في المجتمع، الأمر الذي سيساهم في نشر ثقافة العمل التطوعي بين أبناء الأمة وتشجيع الآخرين على الانخراط فيه، والعمل على نشر ثقافة التطوع في المجتمع وتنمية مهاراتهم المجتمعية. إن التطور المجتمعي لم يكن إلا بجهود جميع أبناء المجتمع، وهذا التطور هو نتيجة لتراكم الخبرات الإنسانية وتلاقيها على أرضية واحدة، وهذا ما سُينمي المسؤولية الاجتماعية والمجتمعية في الوطن، وذلك لأن المتطوع وذا المبادرة الوطنية الحق لا تحركه المطامع والأهواء الشخصية بل ما يُحركه هو حُبه لوطنه ومجتمعه وشعبه. فهذه المبادرات تحتاج إلى برامج حقيقية وتوجه عملي جاد بعيداً عن تعطيل العمل الشعبي الحُر، يدفع المبادرين في ذلك الجانب الأخلاقي والإنساني والواجب الوطني. إن العمل التطوعي في المبادرات لا يجب أن يكون فرصة لاحتكار المشهد السياسي وتصدر الواجهة الإعلامية أثناء قيادة الأنشطة وتفعيلها، لأن ذلك سيؤدي إلى نتائج وخيمة، وسيعطل الطاقات الفاعلة والحقيقية في المجتمع، وستفقد المبادرة روحها وستموت أهدافها وستنطفئ رسالتها، وستبقى بذلك في مستنقع راكد دون إبداع أو ابتكار وسيسير أعضاءها في فلكها سيراً أعمى. فالمبادرات الفردية هي قوة المجتمع لكونها ميزة تشجع على الإبداع وتعود بالنفع العام على عموم المجتمع، ويستطيع أفرادها في ظل أجواء الحرية أن يتحولوا إلى تيار اجتماعي واسع فتترسخ مبادرتهم وتتحول يوماً ما إلى قرار سياسي