كتب - حسن خالد :
في خضم المرور بأية بطولة، دائماً ما نرى الملعب الرئيس الذي يحتضن البطولة هو المعلم السياحي الرياضي الأول طوال أيام البطولة، فماذا بإمكان هذا المعلم الذي يستضيف متفرجيه أن يفعل مقابل الاهتمام فيه فقط ؟!
عملية الموازنة من أهم العمليات التي يجب أن تمر بها أي جهة تنظيمية في مراحل التنظيم، فهي العملية التي تقرر استمرارية المشروع من عدمه، هي العملية التي تؤكد مقدرة الجهة المتبنية للقيام بالمشروع بجاهزية فعلية حتى و لو انخفضت جودة الموارد المستعملة أثناء العمل، و لعلها من جملة واحدة، ماذا لو كان الأستاذ الوطني و ملعب الأمير خليفة كانوا على أتم الجاهزية ؟ بالفعل كنا سنشهد وجهاً آخر الآن بالمبلغ الذي دفع على أساس تعديل و إعادة صيانة هذين الملعبين “ولو بنسبة أكبر للملعب الأول” إلا أن لو كانوا على أحسن وجه لكنا الآن بنينا ملعباً جديداً قد يفيدنا في تشكيل معلم متفرد لمكافأة بطولة إقليمية عريقة اسمها كأس الخليج، ومن هذا الجانب ليس علينا إلا الانتباه لعملية الموازنة و التقييم لملاعبنا، تلك الملاعب التي تتجاهل طوال الوقت ولا ترى عين الانتباه إلا حين فعالية من الفعاليات، كان الشارع البحريني كله ينتظر يوماً من الأيام لأن يكون الأستاذ الوطني بؤرة جمال الكرة البحرينية، بفعاليات إقامة دوريها، أو عندما يلعب منتخبها، الكرة البحرينية كانت من أشد المنتظرين لقرار صيانة الملاعب بعد المقالات المتعددة في الصحف و البرامج المرئية الغير معدودة والتي تشكو سوء أرضية ملاعبها طوال فترة ليست بالقصيرة عندما يقام الدوري المحلي، إذ لم يأت هذا القرار إلا بعد منبه اسمه بطولة كأس الخليج العربي.
ملاعب كأس الخليج دائماً ما تلقى حب المشجعين الخليجيين، بل تكون صورة الملعب راسخة في الأذهان لمدة مديدة فقط لأنها احتضنت إحدى بطولات الخليج، فنحن عندما نشاهد لؤلؤة الملاعب أستاذ الملك الفهد رحمه الله مباشرة نتذكر بطولة كأس الخليج التي أقيمت في السعودية بعام 2002، وعندما نشاهد الآن أستاذ مدينة الشيخ زايد يأتي بخاطرنا على الفور هدف إسماعيل مطر على الحارس الحبسي في الدقيقة 77 من خليجي 18، حتى أيضاً أستاذ نادي السد الذي يأتينا بذكريات دموع القطريين عندما فازوا باللقب للمرة الثانية بعد الفوز بها عام 1992، هي تلك الملاعب تصنع خلودها فقط من احتضانها لبطولات كأس الخليج، باحتضانها للاعبين تألقوا، لحراس كان لهم المجد في الدفاع عن بوابة المرمى.
ولطالما كانت ملاعب كأس الخليج مفتاحاً هاماً جداً لتطور الدوري المحلي والذي سيؤدي لاحقاً لتطور المنتخب الوطني، ولنأخذ بالأمثلة التاريخية حتى لا نشكك بمصداقية القول، ففي العقد الأخير كان للملاعب الدور الأبرز في تكوين قاعدة وأساس رصين يبنى عليه فيما بعد قيمة وجودة خالية من الشوائب عندما يلعب الدوري المحلي، فعلى سبيل المثال قطر التي استهلت نظامها الاحترافي تزامناً مع الفترة التي أتت بها دورة “خليجي 17”، كانت لملاعبها الدور الأمثل في تقديم صورة صافية جداً للعالم لما هي عليه من دوري محلي، فانطلقت الأندية القطرية بمحترفيها و وصل السد فيما بعد لنهائي دوري أبطال آسيا، بل و تمكن من الفوز والوصول لمقابلة برشلونة في نصف نهائي كأس العالم للأندية، و لعله من سؤال وجيز، لو لم تكن تلك الملاعب الجميلة، هل كان سيلعب الفريق الأبيض القطري أمام برشلونة ؟!
الملاعب هي موطن كرة القدم دائماً وجماهيرها هي شعوب تلك المستديرة، ولطالما اشتهرت دول لملاعبها التي بنت حضارة لدوريها ومنتخباتها فيما بعد، فالملعب يصنع مجداً كما هو المجد الذي يصنعه اللاعبون لأنفسهم ولمنتخباتهم.