تكافح مصر لإبطاء هبوط قيمة الجنيه مع التقلص السريع لاحتياطياتها من النقد الأجنبي ومن المرجح أن يؤدي تراجع العملة إلى صعود التضخم ويهدد بإشعال احتجاجات شعبية. وحذر خبراء اقتصاديون من أن البنك المركزي ليس لديه سوى مجال محدود للمناورة في ظل احتياطيات متاحة من النقد الأجنبي تكفي لتغطية فاتورة واردات مصر لما يزيد قليلاً عن شهرين وتقل كثيراً عن مستويات الاحتياطيات في كثير من الأسواق الناهضة المماثلة.وشهد الجنيه مزيداً من الهبوط في رابع عطاء للبنك المركزي لبيع وشراء الدولار حيث باع البنك 74.9 مليون دولار للبنوك وبلغ أقل سعر مقبول 6.386 جنيه مقابل الدولار وذلك أضعف من 6.351 جنيه مقابل الدولار الأربعاء الماضي. وفقد الجنيه نحو 10% من قيمته مقابل الدولار منذ بداية عام 2011 قبيل انتقال انتفاضة الربيع العربي إلى البلاد. وجاء ثلث هذا التراجع في الأسبوع الحالي وحده منذ أن بدأ البنك المركزي الأحد الماضي عطاءات لبيع 75 مليون دولار يومياً من احتياطياته الأجنبية. وقال كبير الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لدى «في.تي.بي كابيتال» رضا أغا «الجنيه في مركز ضعيف للغاية. كان ينبغي أن يستخدموا نظام العطاءات هذا منذ أشهر لتقليص انخفاض الاحتياطيات بدلاً من استخدامه للدفاع عن مستوى تعسفي للجنيه مما أوصلهم إلى حيث هم الآن». وانزلق الاقتصاد المصري الذي كان مزدهراً منذ فترة في براثن اضطرابات بعد انتفاضة في عام 2011 التي أطاحت بحسني مبارك لكنه تلقى ضربة شديدة جديدة جراء أسابيع من تجدد الاضطرابات السياسية في نهاية العام الماضي. وبدأ المصريون العام الجديد في مناخ يتسم بتنامي القلق ولا يتوقع أحد تقريباً أي حلول سريعة في ظل استمرار الخلافات السياسية قبل الانتخابات البرلمانية المتوقع إجراؤها في غضون شهرين. ومع تفاقم الأزمة ومواصلة الجنيه هبوطه يومياً يعتقد خبراء اقتصاديون أن مصر أكثر البلاد العربية سكاناً قد تواجه مزيداً من الفوضى المالية. وقال خبير اقتصادي «هذه هي أسوأ وسيلة ممكنة لإدارة الهبوط بإهدار 300 مليون دولار أسبوعياً لإبطاء التراجع». ويعد استمرار المشاحنات السياسية وقتاً طويلاً أنباء سيئة للرئيس محمد مرسي الذي يحتاج بشدة إلى توافق لاتخاذ إجراءات تقشفية لا تحظى بشعبية لكنها مهمة لضمان الحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي. وللحفاظ على الاحتياطيات واستعادة الثقة فرضت مصر قواعد جديدة تتضمن عطاءات يومية للعملة الصعبة ووعدت بأن الموقف سيستقر قريباً. وأثار البنك المركزي مزيداً من الذعر لدى المصريين حينما أعلن في نهاية الأسبوع الماضي هبوط احتياطيات النقد الأجنبي إلى مستوى حرج عند نحو 15 مليار دولار في نهاية نوفمبر الماضي. وهذا يغطي فاتورة الواردات لثلاثة أشهر. ورغم ذلك قال محلل من القاهرة إنه إذا تم استبعاد السبائك الذهبية من الاحتياطيات فإن تلك الاحتياطيات في نهاية نوفمبر تغطي فقط فاتورة الواردات لنحو 2.1 شهر.ويمكن استخدام احتياطيات النقد الأجنبي سريعاً لتمويل الواردات أما الذهب فيجب بيعه أولاً لجمع أموال حيث يمكن أن يؤدي إغراق السوق بكميات كبيرة من السبائك إلى تداعيات مدمرة. وتعرض الاقتصاد المصري لضغوط شديدة في نوفمبر الماضي حينما وسع الرئيس مرسي نطاق سلطاته وتحرك سريعاً لطرح الدستور الجديد مثيراً أزمة سياسية وموجة من الاحتجاجات شهدت أعمال عنف. وأدى ذلك إلى ارتفاع تكلفة التأمين على الديون المصرية من مخاطر العجز عن السداد بشكل كبير. ولم يتضح بعد موعد استئناف المحادثات مع صندوق النقد الدولي بعدما كان يتوقع بداية أن تستأنف في يناير الجاري الأمر الذي زاد من حياة الضبابية وعدم التيقن. وقال الصندوق إنه لم يتحدد بعد موعد لاستئناف المحادثات لكن متحدثاً باسم الحكومة المصرية قال إن وفداً من الصندوق سيزور القاهرة الشهر الجاري. ورغم استمرار أسعار السلع الأساسية المدعمة كما هي إلا أن تكلفة السلع الأخرى المستوردة على وشك الصعود مما يذكي مزيداً من الغضب والاستياء ويزيد من احتمال الاضطرابات. «رويترز»
970x90
970x90