كتب - حسن خالد:من دون شك فإن قضية البناء الاحترافي وأسسه أبرز وأكثر النقاط تداولاً وغموضاً حتى في الاتحادات الخليجية إلى الآن “باستثناء بعض من الدول”، وفي الوقت الذي نريد من خلاله أن نتعرف على الاحتراف، يجب أن نتعرف على بعض من المفاهيم قبله، بكون مفهوم الاحتراف منتشراً كانتشار النار في الهشيم في الإنترنت وبالمؤسسات الرياضية.نظرية الاختلاف المتناقضة!لا توجد نظرية اسمها “تختلف قدرات الغرب عنا”، وإذا كان هناك من يصدق هذه الجملة فأدعوه للنظر إلى لاعبي اليابان وروسيا وتركيا وعلى الصعيد الإقليمي القريب منتخب عمان قبل ثلاثين عاماً على الأقل، فماذا كانت هذه المنتخبات؟، كنا مجرد نصدق بأن قدراتنا الفردية الذهنية والفنية والبدنية أفضل منهم وهناك أفضل منا حسب معايير تدريجية فنية ولكن ما نشاهده الآن يثبت نقيض ما كنا نؤمن ونظن به، فكل من هؤلاء يملكون محترفاً واحداً على الأقل في الدوريات الأوروبية العريقة، أليست المسألة خاصة في الدولة والتي تتجزأ في المؤسسة المتخصصة في إحداث هذا التغيير النخبوي المختلف، وإن كنا نفتقر للجان كافية ولكن لا ولم نفتقر أبداً لأفكار، فالعقل لا ينضب إلا بنضوب صاحبه، نعم لدينا الفرصة منذ أكثر من عشر سنوات أن نطبق مشروعاً وطنياً واضح المعالم حتى تنتشر إيجابيات أوبئته في جذور اتحادات الخليج العربي!بالتأكيد خطأ الوصول لإحدى هذه الدوريات لا يتحمله اللاعب وحده ولا تتحمله المؤسسة المسؤولة وحدها بقدر ما هم الاثنان يحتملان أخطاءه على القدر المتوازي، فاللاعب أيضاً يحتمل جزءاً كبيراً، فهذه الدوريات كالإسباني والإيطالي والإنجليزي ليست بحاجة سوى للاعب يطابق معايير اللاعب المناسب لهذه البطولة، أن يكون قوياً بدنياً، سريع البديهة ذهنياً، يقدم جديداً للفريق، يكون موضع إحداث فارق من الفوارق الشهيرة في لعبة كرة القدم، كمثال تسجيل الأهداف الحاسمة، التمريرات الحاسمة، الكرات المقطوعة الحاسمة، فكل هذه الأمور تزيد من قدرة اللاعب على البقاء مع النادي والجمهور حتى، فلا أعتقد أن جمهور ويغان الإنجليزي يفضل أحداً في الفريق كما يفضل علي الحبسي الحارس العماني المتألق.ثقافة وأخلاقيات عمل مع خطة مفهومة!ولكن أيضاً عملية صنع الفارق لا تأتي من خلال حقنة أو أنبوبة سحرية، وإنما قادمة من عمل وجهد وأخلاقيات، ولعل ما هو أهم آخر نقطة وهي الأخلاقيات في عالم الكرة، فاحترام المهنة جزء كبير جداً من إتقانها، وما نحن بحاجة إليه لاعب يحترم كرة قدمه، ويكون قد قدم لها كل ما لديه من جهد وعمل، ولا يكون ذلك في اللاعب الذي يداوم على 5 حصص تدريبية ويغيب عن واحدة، ولا ينطبق عن من يحضر لحصة تدريبية ويغيب عن 5 حصص، وعلى هذا الرياضي أن يغدو في قسم الثقافة الرياضية حتى تكتمل ميزاته الفكرية ومن ثم البدنية، فاللاعب الذي لا يملك موهبة التحدث لوسائل الإعلام بكل احترافية لا يعد لاعباً محترفاً، فلم أجد يوماً لاعباً يسأل عن ما فعله بالمباراة إلا ويجاوب “بسم الله الرحمن الرحيم، المنتخب قدم ما عليه والحمد لله، الله وفقنا بالنهاية”، وإن جاوب على هكذا سؤال بهكذا إجابة فإنها كارثة بحق، فنحن بحاجة لمن يكون سميكاً فكرياً قبل أن يكون بدنياً، وحتى يصدر اسم أي من الدول الخليجية لاحقاً بأي من المحافل، سواء أن كانت في استوديوهات تحليلية، أو في طواقم تدريبية فنية.نحن نكون أكبر المخطئين والساذجين إذا اتخذنا مسألة الاحتراف بالخارج هي مجرد تعاقد وبرقيات تهاني، بالعكس تماماً فهذه التجربة عليها أن تمر بعدة تراكمات وأحداث وإن تمت بشكل مفاجئ وبديهي، فستفشل كما فشلت تجربة عدد من اللاعبين الذين بمجرد ذهابهم لأندية البريمرليغ أصيبوا لعدم جاهزيتهم لخوض هذه التجربة الاحترافية، فكما ذكرت بالأعلى، لها معايير ثقافية وبدنية وفنية وتاريخية حتى هي أيضاً مترتبة على تراكمات مفاهيمية ثقافية.دور الجميع في المساهمة!الجميع يجب أن يساهم بهذا التطور والوصول بأحد اللاعبين إلى هذه الدوريات، أولاً بخطة عمل وطنية واضحة المعالم طويلة المدى والاستفادة من الخامات الموجودة بكوننا الدولة الأفضل في المواهب على الصعيد الإقليمي في الخليج العربي، وتوافق اللاعب أخلاقياً وبدنياً مع هذه الخطة بكل تكيف ومرونة وبناء ثقافية فكرية ومعلوماتية كافية ووافية، ومن بعد ذلك يأتي دورنا كإعلام للتحفيز وتشجيع هذه الخامات الوطنية الخليجية الفريدة.