كتبت ـ شيخة العسم:
«النقصة».. سلوك اعتاده البحرينيون منذ قديم الزمان، ويتلخص في تخصيص البحريني مقداراً من طعامه لجيرانه المقربين، فترى عند الغداء طفلاً يذهب بصحن متروس بالبرياني ويغدو يقطر شحماً ولحماً.
أم رمضان لا تحرم جيرانها من أطباق الصالونة والمجبوس والهريس توصلها لمنازلهم بنفسها، أم سعد تتبادل وجيرانها الأطباق «تصدف أحياناً أن نعد الأطباق نفسها».
بالمقابل تأسف أم أحمد لتلاشي العادة تدريجياً بين الأسر البحرينية، وترد شيماء صالح زوال العادة ببعض الأحياء والفرجان إلى تغير العادات ومتطلبات العصر الحديث.
سارة يوسف تفتقد برياني جارتها أم محمد، ولا تتبادل أم علي الأطباق مع جيرانها إلا في شهر رمضان «لا لشيء إلا خشية كسر صحون الجيران، أو تبادلها مع جار آخر».
«ديلفري».. من الأطفال للخدم
تقول أم رمضان «عندما كان أطفالي صغاراً كنت وجيراني نتبادل أطباق الطعام يومياً من الصالونة والمجبوس والهريس، اليوم بعد أن شبوا بات يزعجهم السير في الفريج خاصة وقت الظهيرة».
تضطر أم رمضان أحياناً لتوصيل الأطباق بنفسها «حتى لا أحرم جيراني من تذوق أطباقي وأرجو الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى».
أم سعد لم تتوقف عن عادة تبادل الأطباق مع جيرانها «في السابق كان الأولاد يتولون المهمة، اليوم حل محلهم الخدم» ولا تخفي أم سعد حبها لعادة «النقصة» وتقول «هناك أطباق تقدمها جارتي يفضلها أبنائي وزوجي على ما طهوته، يجدون دوماً طبقهم المفضل على السفرة بدل الذهاب للمطاعم.. يصدف أحياناً أن نعد وجيراننا الطبق نفسه».
أم حمد تقول توقفت عن «النقصة» منذ زمن ومازالت تفتقد أطباق جيرانها «هناك أطباق لا أجيدها وجارتي تتقنها باحتراف» وتضيف «إحدى جاراتي هندية كانت ترسل لنا المأكولات الهندية».
تتمنى أم حمد أن تعود عادة «النقصة» لسابق عهدها «ضيق الوقت والانشغال الدائم بين العمل والمنزل جعل الالتزام بها شبه مستحيل».
لا مكان لـ«النقصة»
وترى شيماء صالح في «النقصة» عادة جميلة، تقوي وشائج العلاقة والترابط بين الجيران، وترد سبب انقطاعها وتلاشيها «الزمن تغير.. والعلاقات بين الناس باتت شكلية».
وتذكر شيماء أيام الصبا «كنت صغيرة أمي ترسلني لبيت الجيران مع طبق عامر، كانت جارتنا عائشة تجعلني أنتظر حتى تسكب لي صحناً من غدائهم، كان الانتظار يزعجني، وأقول في نفسي لماذا لا ترسل ابنها أو ابنتها بالطبق».
سارة يوسف مازالت تذكر برياني جارتها أم محمد «بعد مدة تزوجت وذهبت للعيش بمنطقة أخرى، طلبت منها أن تعد لي طبقاً، لم تقصر طبخت البرياني وقائمة أطباق أخرى».
أم علي لا تتبادل وجيرانها الأطباق إلا في شهر رمضان «لا أفضلها كثيراً.. الصحون أمانة وأنا أخاف أن تضيع أو تنكسر، أو أتبادلها مع جار آخر».