قال المركز البريطاني لدراسات و ابحاث شرق الأوسط في دراسة حديثة إن جمعية الوفاق التي كسبت ما يقارب نصف المقاعد النيابية في البرلمان البحريني عام 2010 تشهد انخفاضا ملحوظا في تآييدها الشعبي.
وأجرى المركز دراسة في قرى سترة والعكر وكرزكان شارك فيها 900 شخص، وتمت عبر لقاءات مباشرة بين باحثين والموطنين.
ونقل المركز عن أحد المواطنين المشاركين في الدراسة قوله: "نشعر بالتضليل، الوفاق وعدتنا بالديمقراطية والتغيير لكن كل ما قدمته لنا في الواقع هو البطالة، وفقدان ثقة اصدقائنا السنة، الوفاق شجعتنا على الاعتصامات وترك وظائفنا بحجة أن هذا هو السبيل الوحيد لجعل الحكومة تصغي لمطالبنا، ولكن الوفاق لم تصغ كذلك. كل من ينتقدها يصبح عرضة للتهديد والاتهام بالخيانة، لا نظن أن الوفاق بسوء الحكومة ولكن أسوء".
وأوضح المركز البريطاني أنه قام على الإستفتاء 12 باحثا من بريطانيا والبحرين في ثلاث مناطق أغلب سكانها من الطائفة الشيعية وهي سترة والعكر وكرزكان، لعبت هذه المناطق دورا في أحداث 2011 واشتهرت بتأييدها الواسع لجمعية الوفاق التي حظت بتأييد أكثر من 65? من سكان القرى الثلاث، بتسويق نفسها كواجهة رسمية للاحداث. بعد سلسلة من الخذلان السياسي الذي تحمل عواقبه الثوار، كسروا حاجز الصمت وأعلنوا توقف تأييدهم لها حيث أنخفضت نسبة التأييد الشعبي الى 42? من اجمالي السكان.
وقال المركز انه بعد مضي عامان على الأحداث في البحرين، تغيرت دينامية السياسة الداخلية بشكل سريع وغير متوقع، و يجب التنويه أن العناصر الرئيسية في السياسة البحرينية هي نظامها المتمثل في الحكومة ، ومعارضة تقودها جمعية الوفاق.
وبين المركز أن المنهجية المتبعة في هذه الدراسة قامت على مقابلات تحادثية تتكون من أسئلة مفتوحة كالتالي: هل تؤيد الوفاق؟ في حال الإجابة بنعم، يطرح السؤال الثاني -هل لا زلت تؤيد الوفاق؟ لماذا؟ هذا التقرير يعرض نتائج إستفتاء شارك فيه 900 محليين من سترة، العكر وكرزكان.
وجاء في نص تقرير المركز البريطاني:" في ديسمبر 2012، تم اختيار 12 مستفتي، ثمانية منهم تابعين للمركز البريطاني لدراسات وبحوث الشرق الأوسط بالاضافة الى 4 طلاب من جامعة البحرين. تم تقسيمهم الى 3 مجموعات تتكون من 4 باحثين لكل منطقة. أمن وسلامة الباحثين أولوية المركز ولذلك تم اجراء الإستفتاء خلال النهار حين تتمتع المناطق بهدوء نسبي. استغرق البحث ثلاث أسابيع وذلك لأسباب عدة منها أن عدد المشاركين كبير مقارنة بالباحثين، اضافة الى أن بعض المحليين رفضوا دخول طاقم العمل أو ابداء أي تعاون تجاههم. 900 من أصل 1100 محلي شاركوا في الدراسة قبلوا نشر النتائج.
وأضاف التقرير :"تكونت المجموعة" أ" من متطوعين شباب وهم طلاب في جامعة البحرين عقدوا الأستفتاء في قرية كرزكان التي تقع بالقرب من الساحل الغربي للبحرين. نمتنع عن ذكر أسماء الطلبة المتطوعين بناءا على رغبتهم ولأسباب أمنية نذكر منها قول أحد الطلبة بأنهم لا يضمنون سلامتهم من اعتداء بعض مؤيدين الوفاق الراديكاليين. تعددت أسباب دعم أو رفض قيادة الوفاق عند اجراء الاستفتاء. أولئك الذين يوافقونها عللوا تأييدهم بأن الوفاق هي الصوت الوحيد الممثل للمعارضة والقادر على مواجهة الحكومة ولا يوجد بديل متاح، أما البعض فقد علل تأييده بانتماءه الديني المشابه لذلك الذي تتبعه الجمعية. من جهة أخرى، المحليين الذين أبدوا استيائهم وشكلوا أغلبية الجمهور المشارك (بنسبة 65.5%) كانت لهم آراء أخرى أهمها تخلي الجمعية عن مذهبها الأساسي الذي طالب بحقوق الجميع واعتناقها مذهب ديني يميني يسمى ولاية الفقيه والمشابه للذي تتبعه ايران بعد ثورة 1979، حسب تصريخ شيخ كبير من سكان كرزكان يرفض أهل المنطقة هذا المذهب نظرا لطبيعتهم الأسلامية المعتدلة".
قبول للعنف في سترة
وتابع المركز:"المجموعة "ب" اتجهت لسترة، وهي مسقط رأس 14 ضحية بحرينية بعد أحداث فبراير 2011 . تكونت المجموعة من ناشطَين بحرينيين نتحفظ على أسماءهم حفاظاً على أمنهما، ومنسقَين بريطانيين يتبعان لمركزنا هما السادة آدم كار ومارشال ألبين. تقع سترة ضمن المحافظة البحرينية الوسطى في شرق المملكة. تتميز سترة بشيوع استعمال قنابل المولوتوف من قبل سكانها خلال مواجهاتهم مع قوى النظام.
وأضاف المركز :" رغم آن أغلب سكانها يعادون الحكومة بشكل تام ويطالبون بتنحيها الفوري الا أنهم يعتبرون الوفاق عامل مُخدر لعملية انتقال السلطة وعلى هذا تشهد الوفاق تدني ملحوظ في شعبيتها بين أهالي سترة يصل لنسبة 47? تقريباً وخاصة بعد موافقتها الدخول في الحوار مع ممثلي الحكومة،الأمر الذي يتعبره الأهالي خيانة وتحقير. ويبدو أن الطرق العنيفة لتحقيق المطالب تلقى قبولاٍ واسعاً في سترة حيث أن الكثير من شبابها أجابوا برد مشابه حين سؤالهم عن سبب رفضهم للوفاق؛ "ليست حاسمة بما يكفي".
وقال المركز :"المجموعة" ج" تكونت من الباحثين الزملاء في كارديف الذين عقدوا الإستفتاء في منطقة العكر وهم راسيل ستينلايت، ماري ثاول وروي مارسي بالاضافة الى لويد مور وهو خريج ماستر في جامعة نيوكاسل وصحفي حر . بينت النتائج أن العكر تحظى أقل نسبة تأييد شعبي حيث أنخفضت النسبة بمعدل 68? منذ 2011 وذلك لأسباب عدة منها قرب المنطقة لمدينة الرفاع السنية. وفقاً لسكان العكر فإن الوفاق تهمل القرية وعلى هذا لا يمكن اعتبارها قائداً لها. تحدث بعض المواطنين عن فوضى تتحمل عواقبها المعارضة وليس الحكومة سببها الخطابات التحريضية التي تلقيها الوفاق والتي تعد سبباً في اشعال حماس الشعب ومبرراً لبعض أعمال التخريب".
واختتم المركز دراسته :"من الواضح أن الوفاق اليوم ليست ذاتها الوفاق بالأمس من ناحية الجماهيرية والتمثيل الشعبي. كما إن تدني الدعم يُلاحظ بشكل واضح في مناطق كانت بالأمس تقف ورائها وعلى هذا نقف أمام السؤال التالي: الى متى ستتمكن الوفاق من الحفاظ على موقعها البارز في قيادة المعارضة البحرينية قبل أن يطالب الشعب المعارض بقيادة جديدة لحركته؟".