قال وزير شؤون حقوق الإنسان صلاح علي إن عدد المنظمات الدولية غير الحكومية التي زارت البحرين منذ فبراير 2011 حتى الآن 75 منظمة، ما يعادل 3 منظمات شهرياً، داعياً مجلس حقوق الإنسان إلى تبنى معلومات وتقارير صادرة عن منظمات تستقي معلوماتها من مصادر مغلوطة أو منحازة أو غير موثقة، أو تنطلق من مصالح ضيقة بهدف عرقلة الإصلاح والحوار الوطني.
وأضاف الوزير علي، في كلمة البحرين في الاجتماع رفيع المستوى أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف أمس أن «البحرين تعهدت بتقديم تقرير طوعي في السنة المقبلة حول ما تم تنفيذه من توصيات قبل الموعد الرسمي المقرر في نهاية عام 2016 م»، كاشفاً أن «الحكومة تدرس الانضمام إلى البروتوكول الاختياري الخاص بالتعذيب، وحددت موعد زيارة المقرر الخاص بالتعذيب للمملكة في شهر مايو العام الحالي (..) ونحن نتطلع أيضاً لزيارة المفوضة السامية لحقوق الإنسان إلى المملكة خلال العام الجاري بناءً على دعوة رسمية تم توجيهها».
وأشار إلى أن «إعلاء ثقافة حقوق الإنسان والتأكيد على ضرورة احترام الحقوق والواجبات في إطار سيادة القانون، ونبذ العنف، وإقرار مبدأ الحوار والتسامح، كلها أمور من شأنها تهيئة المناخ الملائم لتشجيع احترام وحماية حقوق الإنسان وتجاوز أية اختلافات»، موضحاً أن «مسيرة احترام حقوق الإنسان في مملكة البحرين تتواصل قانوناً وعملاً في إطار من سيادة القانون والممارسة الديمقراطية، والحرص على اللحمة الوطنية ومواصلة التنمية الشاملة ويؤطر لهذه المسيرة ويؤكد عليها المشروع الإصلاحي لجلالة الملك الذي انطلق في عام 2001م في إطار ميثاق العمل الوطني، الذي وافق عليه الشعب بأغلبية ساحقة في استفتاء شعبي بلغت نسبته 98.4%».
وتابع وزير حقوق الإنسان أنه «عندما تعرضت مملكة البحرين لأحداث مؤسفة في بداية عام 2011م، بادر جلالة الملك بإنشاء لجنة مستقلة لتقصي الحقائق والتحقيق في مجريات الأحداث التي وقعت في المملكة خلال شهري فبراير ومارس 2011م، ولما انتهت اللجنة من تقريرها وقدمت توصياتها تم قبولها جميعاً، وتم تنفيذ ما نسبته 75% من هذه التوصيات، وتواصل الأجهزة المعنية تنفيذ بقية التوصيات».
وأكد الوزير «أننا في مملكة البحرين نعتز بتعاوننا مع مجلس حقوق الإنسان، وقد تجلى هذا بوضوح في تقريري المملكة في إطار المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان عامي 2008 و2012، وما حصل من تفاعل إيجابي بين وفد المملكة وبين مجلسكم الموقر من حيث الشفافية والتعاون وروح المسؤولية، حيث قبلت مملكة البحرين مؤخراً ما نسبته 90% من توصيات المجلس، وهي في مرحلة بذل الجهود واتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ هذه التوصيات».
وقال إن البحرين سباقة في إطلاق المبادرات الوطنية والمشاريع المتميزة في جميع الميادين ومنها الميدان الحقوقي، فقد أفسحت الحكومة المجال لإنشاء مجموعة من الجمعيات والمؤسسات الحقوقية الوطنية التي تمثل أطيافاً مختلفة، واهتمامات حقوقية متنوعة، كما تخطو وزارة شؤون حقوق الإنسان نحو نشر ثقافة حقوق الإنسان في أوساط المجتمع، بحيث تكون هذه الثقافة ثقافة مجتمعية وليست ثقافة نخبة. ومثل هذا الدور التنويري سيكون بمعاونة وإسناد من مجموعة من الشخصيات والمنظمات والمؤسسات الحقوقية الدولية في هذا المجال، والتي لها تاريخ عريق في الممارسة الحقوقية، ويمكن الاستفادة منها لتطوير الأداء المؤسساتي في المجال الحقوقي للبحرين.
شواهد
وساق الوزير علي بعض الشواهد على مسيرة المملكة في مجال احترام حقوق الإنسان مثل «التشريعات المتعلقة بالحقوق والحريات، وإلى وضع ضوابط ومدونات سلوك تحدد مسؤوليات رجال الشرطة، وإطلاق ورش تدريب للمسؤولين عن إنفاذ القانون في احترام حقوق الإنسان، واستحداث وزارة خاصة لشؤون حقوق الإنسان، وصدور الأمر الملكي بتعديل إنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بما يتوافق مع مبادئ باريس، وما تبع ذلك من تشكيل مجلس المفوضية للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وإنشاء لجنة تنسيقية عليا لحقوق الإنسان تتشكل عضويتها من ممثلين من عدة جهات حكومية، وإنشاء مكتب مستقل لأمين عام التظلمات بوزارة الداخلية ومفتشاً عاماً بجهاز الأمن الوطني يختصان بتلقي وفحص الشكاوى المقدمة ضد منتسبي قوات الأمن العام وجهاز الأمن الوطني، وإنشاء وحدة خاصة تابعة للنيابة العامة للتحقيق في ادعاءات تتعلق بجرائم التعذيب، وتعديل أحكام قانون العقوبات وفقاً للمعايير الدولية، وكذلك إضافة مادة جديدة (69 مكرر) إلى قانون العقوبات والتي أكدت على أن يكون تفسير القيود الواردة على الحق في حرية التعبير في قانون العقوبات أو في أي قانون آخر في الإطار الضروري اللازم لمجتمع ديمقراطي، وشددت على أنه يعتبر عذراً معفياً من العقاب لممارسة حرية إبداء الرأي والتعبير في هذا الإطار. وتأكيداً على هذا التوجه، قامت النيابة العامة بإسقاط جميع الاتهامات والقضايا التي يتداخل معها الحق في إبداء الرأي وممارسة حرية التعبير، ومؤخراً صدور المرسوم الملكي رقم (44) لسنة 2012 بمنح السلطة القضائية الاستقلال المالي والإداري التام، الأمر الذي يعزز استقلالية القضاء. وغير ذلك من التغييرات الديمقراطية التي رفعت من سقف الحريات والحقوق والفصل بين السلطات، وبما جعل البحرين واحة للحقوق الإنسانية وملاذاً للعدالة الاجتماعية.
منظمات منحازة
وقال الوزير علي إن مملكة البحرين حريصة على التعاون مع المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان الوطنية منها والدولية، والتواصل معها. ونود أن نؤكد هنا أن ما يعزز هذا التعاون هو تطلعنا ألا يتم تبني معلومات وتقارير صادرة عن بعض المنظمات التي تستقي معلوماتها من مصادر مغلوطة أو منحازة أو غير موثقة، أو تنطلق من مصالح ضيقة بعيدة عن النظرة الموضوعية لحقوق الإنسان، وهذه التقارير المغلوطة من شأنها أن تعرقل جهود الإصلاح والبناء في البلد وتؤثر سلباً على أجواء الحوار الوطني، وأود أن أشير هنا إلى أن عدد المنظمات الدولية غير الحكومية التي قامت بزيارة المملكة منذ فبراير 2011 حتى تاريخه خمسة وسبعون زيارة لمنظمات دولية، أي ما يعادل ثلاث منظمات شهرياً، قد اطلعت على الملف الحقوقي لمملكة البحرين، وقابلت عدداً من الجهات الرسمية والأهلية، وهو ما يترجم تجاوبنا وسياستنا في هذا المجال.
الحوار «إصلاح تجددي»
وأكد أن مملكة البحرين تشهد في هذه الأيام جلسات مهمة لاستكمال حوار التوافق الوطني في المحور السياسي، وذلك تلبية للتوجيهات الملكية السامية التي صدرت بدعوة مختلف مكونات المجتمع السياسي في البحرين، للجلوس على طاولة الحوار، والتوافق من أجل إحراز مزيد من التقدم والنماء والتطور في المسيرة الديمقراطية البحرينية، والتي تمثل حركة إصلاحية تجديدية انطلقت مع المشروع الإصلاحي منذ فبراير 2001، وبإرادة وطنية خالصة، وأن الجولة الجديدة من حوار التوافق الوطني تأتي من أجل حاضر ومستقبل البحرين والبحرينيين، وأن هذا الحوار ممثلاً بالحكومة والسلطة التشريعية والتجمعات الرئيسة من الجمعيات السياسية المرخصة، يعد نموذجاً بحرينياً في إدارة الملف الوطني، وبأن ما يجمع البحرينيين أكثر مما يفرقهم، وأن البحرينيين بمختلف أطيافهم وتوجهاتهم قادرون على تجاوز الأحداث المؤسفة، وتعزيز وحدتهم الوطنية ولم الشمل الوطني في إطار البيت البحريني الواحد، فالتمسك بالوحدة الوطنية هو عمود المجتمع البحريني.
وأشار إلى أن البحرين حريصة على التعاون مع الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة وبالأخص مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان، وتأكيداً لذلك فقد استقبلت البحرين في نهاية عام 2012 وفداً تقنياً عالي المستوى من طرف المفوضية السامية لحقوق الإنسان من أجل الوقوف على احتياجات المملكة في بناء القدرات والتدريب والدعم الفني لتطوير العمل الحقوقي وأن هذا التعاون ماضٍ لتحقيق أهدافه المنشودة، كما تعهدنا بتقديم تقرير طوعي في السنة القادمة حول ما تم تنفيذه من توصيات تم قبولها من مجلسكم، وذلك قبل الموعد الرسمي المقرر في نهاية عام 2016 م، كما تدرس حكومة البحرين موضوع الانضمام إلى البروتوكول الاختياري الخاص بالتعذيب، كما تم تحديد موعد زيارة المقرر الخاص بالتعذيب للمملكة في شهر مايو من هذا العام، ونحن نتطلع أيضاً لزيارة المفوضة السامية لحقوق الإنسان إلى المملكة خلال العام الجاري بناءً على دعوة رسمية تم توجيهها.
القانون أساس الحريات
وأشار صلاح علي إلى أن مملكة البحرين ماضية في نهجها الذي يؤكد على احترام وحماية حقوق الإنسان من خلال بنية قانونية وطنية أساسها سيادة القانون والممارسة الديمقراطية الحرة، وشبكة عريضة من الالتزامات الدولية في المجال الحقوقي، وعلى رأسها العهدين الدوليين لحقوق الإنسان، وممارسات وسياسات تستهدف خدمة الإنسان والمجتمع البحريني وتطوير القدرات من خلال التعاون مع أجهزة الأمم المتحدة المختلفة، كما تم مناقشة تقرير البحرين الوطني الأول أمام لجنة حقوق الإنسان التابعة لجامعة الدول العربية، حيث إن مملكة البحرين من أوائل الدول التي صادقت على الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
وخلص إلى أنه من دواعي اعتزازي أن أشير في نهاية كلمتي هذه إلى أن البحرين تحتضن حالياً في الفترة من 25-26 فبراير 2013، مؤتمر الجامعة العربية للتباحث حول مبادرة جلالة الملك المفدى بشأن إنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان وأن يوفقنا جميعاً لمواصلة الجهد على طريق إشاعة احترام حقوق الإنسان في العالم، لكي تتحقق أهدافنا جميعاً وأهداف الأمم المتحدة في بناء عالم يسوده الأمن والاستقرار والسلام والتنمية واحترام الحقوق في ظل سيادة القانون».