كأس الخليج العربي هو تلاحم بين مواطني دول مجلس التعاون الخليجي وتطبيق عملي للواقع الاجتماعي الذي يربط بين أبناء هذه الدول قبل أن تكون ظاهرة كروية ودورة تستحق منا كل التقدير، فقد نجحت بكل المقاييس من ناحية الإعداد والإعلانات والحملات الترويجية لـ»خليجي 21» فكانت عرساً خليجياً رائعاً أثبت فيه الجمهور الانتماء لأرض وبحر وسماء الخليج العربي، واستطاعت أن تغطي على من يريد الشر بالبلاد لإفساد هذا التجمع الذي ينتظره عشاق الكرة، لتعود الحياة إلى الإستاد الوطني بعد التجديد الذي طاله الأشهر الماضية لاستقبال الوفود الكبيرة التي حضرت لتشجيع منتخبها الوطني، ويقولوا للعالم أجمع بأن مملكة البحرين استطاعت بفضل الله سبحانه وتعالى ومن ثم حكمة الملك والشعب الوفي أن تكون صداً منيعاً ضد الإرهاب والطامعين.
يستعيد البعض ذكرى الدورة الأولى والتي أقيمت في نفس هذا المكان ولكن في غير الزمان، ولكن يبقى حلم البحرينيين في الحصول على اللقب الخليجي الأول والذي طال انتظاره، كما نقدم التحية لكل أبطال المنتخب البحريني الذين كانوا رجال الوطن باستماتتهم القوية في الصعود إلى النصف النهائي، ونحن موقنون بأن الأحمر قادر على المستحيل وفي النهاية لا بد أن يصل حتى وإن صعبت الحسابات، لأنه دائماً ما يقلب المعادلات ويمسي ملك الملاعب لكنه ربما قد يفتقد فقط إلى اللمسة الأخيرة، مع أن كل الظروف مهيئة والإمكانات متوفرة والاتحاد البحريني يقدم كل ما يطلبه اللاعبون من أجل الأداء الأفضل، والأهم من ذلك هو اعتماد المنتخب البحريني على اللاعب البحريني الوطني، فمهما اخترت من لاعبين في العالم ليمثلوا منتخبك لن تجد لعباً بروح وطنية أكثر من البحريني.
إن ما يميز هذه الدورة هو الاهتمام الشعبي من الجميع كما إن تذاكر الدخول تنفد بمجرد طرحها على الجمهور والدخول المجاني، ليستمتع الكبار والصغار رجالاً ونساء ومن جميع الدول الخليجية التي تشارك في هذه البطولة الخليجية.
نرى امتلاء المدرجات بالألوان المختلفة الممثلة لهذه الدول وبكثافة تسر الناظرين، وتضفي على المدرجات ألواناً زاهية كألوان قوس قزح إن امتزجت بانت لك القلوب البيضاء التي يكنها أبناء الخليج العربي بعضهم لبعض، وحقيقة أن أكثر ما يشدك في هو تداخل أعلام دول الخليج العربي بين جمهور الفريقين بل وحمل شخص ما أكثر من علم من هذه الدول، في إشارة واضحة إلى أن الكيان والمصير مشترك وأن لا اختلاف بين هؤلاء فالخليج قلب واحد كان مقره المنامة، كما إنك لا تمل من سماع الأهازيج التي ترددها روابط المشجعين، والتي تتواصل في دعم منتخباتها بل حتى تشجيعهم للأداء المميز للمنتخبات الخليجية الأخرى دون تفرقة.
«هذا البحريني ما تغلبونه» و» البحرين قلب واحد» شعارات يرددها المواطنون البحرينيون مؤازرة لمنتخبهم الوطني، وثقتهم فيه عالية جداً لأنهم يعلمون بأنه لا يوجد أحد يرى خلاف ذلك وعلى كل فرد أن يقوم بواجبه الوطني، سواء أكان ذلك بالحضور إلى الملعب والتشجيع أو اللعب بكل مهارة في الملعب دون خوف أو الاكتراث لأية ضغوط، لأننا حتماً قادرون على تحقيق الإنجازات ما دامت الثقة والهمة عالية مهما طال الأمد.
إن البحرين تستحق أن نعطيها الكثير ونريد أن يأتي اليوم لتعم الأفراح ربوع الوطن وتمتد الاحتفالات إلى ساعات الصباح، لكن الأهم هو الصورة الطيبة التي نريد أن تخرج بها أي بطولة تمثل أبناء الخليج العربي، فالكل يستحق بجدارة أن يكون ممثلاً وسفيراً لبلده والمنافسة الشريفة في النهاية هي التي سوف تتوج البطل الذي يستحق البطولة.
عبدالله الشاووش