كتب - وليد صبري:
في عام 2002 قدم النائب البرلماني المستقل الدكتور محمد مرسي المنتمي لجماعة «الأخوان المسلمين» والتي كانت محظورة في ذلك الوقت، استجواباً أمام مجلس الشعب المصري طالب فيه بمحاكمة رئيس الوزراء آنذاك د. عاطف عبيد وكل المسؤولين، عن مقتل أكثر من 370 شخصاً في حادث قطار العياط الشهير، والذي صنف على أنه أسوأ الحوادث في تاريخ سكك الحديد المصرية على مدار أكثر من 150 عاماً.
وتساءل د. مرسي وقتها «كيف نترك ما حدث ليمر هكذا؟ يجب محاسبة الجميع على هذه المهزلة»، وشدد مرسي على أنه «لا يوجد أي شخص فوق المحاسبة».
وتمكن نائب الإخوان، على الرغم من أقليتهم إلى جانب أعضاء في المجلس، في انتزاع تأييد كل نواب البرلمان لاستجواب رئيس الوزراء د. عاطف العبيد حول أسباب الحادث ومحاسبة المقصرين، إلى حد وصف رئيس المجلس السابق أحمد فتحي سرور وقتها للاستجواب بـ «الموضوعية والدقة»، وعندما تدخل زعيم الأغلبية كمال الشاذلي بالقول إنه «يجب التعلم من الأخطاء والاستمرار فىي العمل»، رد عليه د. مرسي بجرأة وحسم، قائلاً «نتعلم منها ونحاسب المخطئ». لكن لم يكن يدر في خلد النائب الأخواني السابق أنه بعد 11 عاماً من استجوابه الشهير، سيتولى حكم مصر، وتتعرض البلاد خلال أول 6 أشهر من حكمه، إلى سلسلة من حوادث القطارات أدت إلى مقتل وإصابة العشرات، كان آخرها أمس الأول عندما قتل 19 شخصاً وأصيب 107 آخرين في مدينة البدرشين بمحافظة الجيزة، جنوب غرب القاهرة لدى خروج قطار ينقل مجندين في الجيش المصري عن مساره. ولدى وصول رئيس الوزراء هشام قنديل إلى موقع الحادث راح اثنان من السكان يصيحون له «يداك ملطختان بالدماء» فسارع حراسه إلى إبعاده. وزار الرئيس المصري بعضاً من مصابي الحادث الذين يتلقون العلاج في مستشفى المعادي العسكري، ووعد بمحاسبة المقصرين.
وتشهد مصر باستمرار حوادث سير وقطارات خطيرة بسبب سوء تنظيم حركة السير وتقادم الآليات والقطارات وقلة صيانة الطرقات والسكك الحديد وضعف المراقبة.
وأثار حادث قطار البدرشين الكثير من التساؤلات حول إمكانية توقف هذا النوع من الحوادث التي يسببها الفساد أو الإهمال، بعد تعدد الحوادث المشابهة خلال السنوات الأخيرة، والتي أودت بحياة الكثير من المصريين. ويرى محللون أن حادث الثلاثاء اختبار لقدرات حكومة الرئيس مرسي على إدارة مثل هذه المأساة، ولاحتواء غضب الجماهير، وإن كان البعض لا يحمل إدارة الرئيس المنتخب التي تسلمت البلاد منذ 6 أشهر فقط الذنب عن إرث الفشل خلال عقود مضت، لكن في الوقت ذاته، فإن إدارة مرسي مطالبة بسرعة احتواء الموقف والبحث عن بدائل وحلول سريعة لوقف نزيف دماء الأبرياء على قضبان الفساد والإهمال.
وقال وزير النقل المصري حاتم محمد عبد اللطيف إن تحقيقاً سيفتح في أسباب الحادث.
وعقد مرسي اجتماعاً مع رئيس الوزراء ووزير النقل من أجل «بحث آليات جديدة لوقف نزيف الدم المصري بسبب حوادث السكك الحديدية». وقالت مصادر قضائية إن النيابة العامة أمرت بحبس سائق القطار لمدة 4 أيام على ذمة التحقيق معه بتهمة القتل الخطأ. وفي نوفمبر الماضي قتل 50 طفلاً في مصر حين اصطدمت حافلتهم بقطار في قرية المندرة في محافظة أسيوط وأدى الحادث إلى استقالة وزير النقل وقيام تظاهرات غاضبة احتجاجاً على الإهمال.
وتبين أن عامل التحويلة الذي كان يفترض أن يغلق الحاجز على السكة الحديد كان نائماً عند وصول الحافلة المدرسية.
وأحال النائب العام متهمين اثنين من هيئة السكة الحديد لمحكمة الجنايات بتهمة الإهمال في حادث أسيوط.
وفي رسالة على «تويتر» قدمت جماعة الأخوان المسلمين «أحر تعازيها لعائلات» ضحايا الحادث معبرة عن تمنياتها بالشفاء العاجل للجرحى، كما دعت إلى وضع تصوّر واضح ومدروس يعمل على منع تكرار حوادث القطارات. ووجهت المعارضة انتقادات لاذعة للرئيس المصري وللحكومة ولجماعة الأخوان المسلمين.
وانتقد السياسي المعارض محمد البرادعي، طريقة قيادة مرسي للبلاد، واصفاً إصرار الأخير على قيادة البلاد بـالمأساة.
وتظاهر نشطاء مصريون، بمحطة السكك الحديدية المركزية وسط القاهرة، تضامناً مع أهالي الضحايا. وردَّدوا هتافات مناهضة لجماعة الأخوان المسلمين.
وتواجه مصر أزمة اقتصادية حادة أبرزها انخفاض الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية، وانخفاض قيمة الجنيه مقارنة بالعملات الأجنبية الأخرى.