كتب - سلمان بوسعيد:
إن مما اعتاد عليه الناس في ?هذه الأيام التي ?تسمى بعطلة الربيع، ?التخييم بالبر، ?وقد انقسم الناس في ?استغلال التخييم إلى عدة أقسام:? فمن الناس من ?يستغل هذا التخييم بشكل متزن، ?بحيث ?يكون ترفيهاً ?مباحاً ?لا حرام فيه، ?كأن ?يقضي ?نصف ?يومه في ?البر مع الأهل والأسرة،? ولا ?يتخلل هذا اليوم أي ?شيء من الحرام، ?ومن الناس من ?يستغله بالأنشطة العلمية كنوع من تغيير الجو، ?ومنهم من ?يجعله لقاءات أخوية سواء ثقافية أو رياضية أو شرعية، ?فهذا الصنف استغل التخييم على الوجه المشروع.?
ولكن هناك من يستغل التخييم على ?غير الوجه الذي? ينبغي، والذي لا يرضي الله تبارك وتعالى، ?حيث أخذوا الترفيه المباح ?غاية ومطية للقيام بأمور غير مشروعة، ?فمنهم من ?يسهر الليالي ?ويضيع الصلوات، ?ويترك الأسرة من ?غير عائل، ?وقد ?يزعج الناس بآلات محرمة، ناهيك عن السيارات ذات الأصوات المزعجة، وهناك من ?يجعله مكاناً ?للغيبة والنميمة، ?وهناك الكثير الكثير من المظاهر السلبية الأخرى التي ?تمارس في موسم التخييم بما يعكر صفو الراحة والطمأنينة التي ينشدها الناس في تخييمهم.
وقد سمعنا قصصاً ?تدمع الأعين بسببها، ?ويتشقق القلب لوقوعها وانتشارها، وإن كنا نأمل أن يكون هناك دور للدعاة في تثقيف الناس وحضهم على الاستمتاع بالبر دون التضييق على الآخرين وإزعاجهم.
?الترفيه الحلال
الإسلام أباح صوراً شتى من الترفيه ولكن بشروط، ?منها: ?أن لا ?يكون فيه حرام، ?وأن لا ?يضيع فيه ذكر الله، ?وأن لا تضيع الأوقات بسببه أو من أجله.?
ومن الأدلة على اهتمام الإسلام بالترفيه ودعوته وحثه عليه حديث سلمان الفارسي ?رضي ?الله عنه لما قال لأبي ?ذر: ?»إن لنفسك عليك حقاً، ?ولأهلك عليك حقاً، ?ولربك عليك حقاً، ?فاعط كل ذي ?حق حقه»، ?وقد أكد النبي ?صلى الله عليه وسلم على كلامه فصار حديثاً.?
ولا ?يمكن أن ?يكون الترفيه ?غاية ووسيلة لترك الفرائض والواجبات كمن ?يترك الصلاة ويتهاون في ?أمرها، ?فإن الله تبارك وتعالى حذر من إهمال الفرض فقد قال عز من قائل: (فويل للمصلين. ?الَّذِينَ ?هُمْ ?عَنْ? صَلاتِهِمْ ?سَاهُونَ)، ?كما إن ضياع الصلاة سبب لنزول العذاب قال تعالى: (?فَخَلَفَ ?مِنْ ?بَعْدِهِمْ ?خَلْفٌ ?أَضَاعُوا الصَّلاةَ ?وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ?فَسَوْفَ ?يَلْقَوْنَ ?غَيّاً).
ومع التنبيه أنه مع إباحة الترفيه فلا ?يمكننا أن نبيح ما حرمه ربي ?العظيم رب الملائكة وكل الخلق أجمعين.?
كما ينبغي أن يكون هذا الترفيه بعيداً كل البعد عما يشوبه من مجاوزة القانون، فالتخييم في البر لا يعني تجاوز القانون وعدم احترامه، فالقانون خارج نطاق المساحة المخصصة للتخييم يطبق أيضاً داخل المساحة المخصصة للتخييم، ومن خالف النظام والقانون فهو آثم شرعاً.
كما لا يجوز أن يعرض الإنسان نفسه والآخرين للخطر جراء تجاوزه للسرعة، أو القيام بأمور من شأنها تعرضه للخطر كالسرعة الجنونية عند قيادة السيارة أو ما شابهها.
كما إن الإسلام يأمرنا بالاهتمام بالوقت وعدم تضييعه، ?وأعلمنا أن الغاية من خلقنا هي ?عبادته فقال سبحانه (وَمَا خَلَقْتُ ?الْجِنَّ ?وَالأِنسَ ?إِلا لِيَعْبُدُونِ).?
ومن الأمور العظيمة الدالة على أهمية الوقت أن الله تبارك وتعالى أقسم بالوقت فقال عز من قائل: (والعصر، ?إن الإنسان لفي ?خسر)، والإنسان ?يسأل بعد موته عن أربع ومنها عن عمره فيما أفناه، ?فعن أبي ?برزة رضي? الله عنه قال: ?قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدم عبد ?يوم القيامة حتى ?يسأل عن عمره فيما أفناه وعن علمه ما فعل فيه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه»، من ثم فالوقت أمانة وتضييعه في ?غير نفع خيانة.?
فإذن علينا أن نزرع لنحصد ?غداً، ?فمن جد وجد ومن زرع حصد. ?ولا نستهين بنعمة الصحة والوقت فقد قال الله تعالى: (?فإذا فرغت فانصب، ?وإلى ربك فارغب).
وحث الرسول صلى الله عليه وسلم على اغتنام الوقت فقال: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: ?الصحة والفراغ».?
استحضار المراقبة
لا ?يظن الإنسان أنه بمجرد الخروج عن جو المدينة وعن أعين الناس ?يباح له فعل كل شيء، ?بل إن ?غابت أعين الناس فلن تغيب عن نظر الله، ?والمراقبة من أشرف أعمال القلوب، ?لأنها من أقوى الأدلة على حياة القلب بالإيمان.?
قال الشاعر: ?
إذا خلوت الدهر ?يوماً ?فلا تقل
خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبـن الله ?يغفل سـاعـة
ولا أن ما تخفيه عنه ?يغيب
وأولى منه وأخوف قوله تعالى:? (وَمَا ?يَعْزُبُ ?عَن رَّبِّكَ ?مِن مِّثْقَالِ ?ذَرَّةٍ ?فِي ?الأَرْضِ ?وَلاَ ?فِي ?السَّمَاء وَلاَ ?أَصْغَرَ ?مِن ذَلِكَ ?وَلا أَكْبَرَ ?إِلاَّ ?فِي ?كِتَابٍ ?مُّبِينٍ).
فعلينا أن نحافظ على أوقاتنا ولا نقضيها إلا فيما أحل الله تبارك وتعالى، ?فالتخييم مباح واهتمام الأسرة بالذهاب له شيء جميل، ما لم ?يكن فيه شيء من الحرام ولا تضييع الأوقات ولا ترك الصلوات والفرائض كالاهتمام بشؤون الأسرة وحاجتها.
?
أخصائي دراسات وبحوث