عواصم - (وكالات): تواصلت أمس العملية التي شنها الجيش الجزائري مساء أمس الأول على موقع لإنتاج الغاز جنوب شرق البلاد لتحرير رهائن جزائريين وأجانب اختطفتهم مجموعة إسلامية مسلحة، في هجوم عسكري أثار انزعاجاً غربياً لا سيما وأن مصير 30 رهينة أجنبية ما زال مجهولاً.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن مصدر أمني أن الجيش حرر «ما يقارب 100 رهينة أجنبية» من أصل 132 أجنبياً احتجزتهم مجموعة إسلامية مسلحة رهائن في موقع إن أمناس لإنتاج الغاز جنوب شرق البلاد.
وأضاف المصدر أن «عملية إخراج المجموعة الإرهابية التي تحصنت بالمنشأة الغازية مستمرة». وكانت الوكالة نفسها نقلت في وقت سابق عن مصدر أمني أن الجيش حرر قرابة 650 رهينة منهم 573 جزائرياً و»أكثر من نصف عدد الأجانب البالغ 132» الذين كانت تحتجزهم مجموعة إسلامية مسلحة في موقع لإنتاج الغاز بالصحراء الجزائرية.
وأضاف المصدر أن «القوات الخاصة تحاول إيجاد مخرج سلمي قبل القضاء على المجموعة التي تحصنت في مصفاة الغاز وتحرير الرهائن الذين تحتجزهم»، مشيراً إلى أن «بعض العمال الأجانب اختبؤوا في أماكن مختلفة من الموقع».
وكان مصدر أمني جزائري أعلن أن «القوات الخاصة للجيش قتلت 18 إرهابياً» خلال اقتحامها للموقع الغازي في إن أمناس بولاية إيليزي جنوب شرق الجزائر، مشيراً إلى أن عدد أفراد المجموعة المسلحة التي قامت بالهجوم يقارب 30 فرداً.
وزيادة على مئات العمال الجزائريين احتجزت المجموعة المسلحة بريطانيين ويابانيين وفرنسيين ونروجيين فيلبينيين وأيرلندياً واحداً.
وتحدثت تقارير عن طائرة هيلكوبتر عسكرية تحلق فوق الموقع بينما يمنع رجال الدرك أي شخص من الاقتراب لمسافة ثلاثة كيلومترات.
وبث التلفزيون الجزائري شهادات لرهائن فروا من خاطفيهم أكدوا فيها أنهم عاشوا «ظروفاً صعبة». وروى أحد العمال الجزائريين الذي قدم نفسه على أنه موظف في الشركة الأمريكية يدعى هالي بيرتن كيف «فر ما بين 300 و400 عامل من شركات مختلفة بعدما تلقوا إشارة من الجيش بذلك». وقال العامل الناجي وهو أربعيني وقد بدا عليه التعب إن «الإرهابيين جمعوا كل الرهائن الأجانب والجزائريين في مطعم وقاموا بتلغيم المكان». وأضاف «الجيش تدخل بالطائرات وأعداد هائلة من الدرك الوطني والقوات الخاصة».
وأوضح ناج آخر بدا من لهجته أنه من سكان منطقة القبائل بشمال الجزائر «خرجنا من باب خلفي لأن الإرهابيين لا يعلمون أن هناك باباً آخر، ولما خرجنا رفعنا رايات بيضاء ليعرف الجيش أننا عمال ويقوم بإنقاذنا». وتابع «تنقلنا مشياً على الأقدام إلى غاية موقع الجيش الذي نقلنا بواسطة الحافلات إلى إن أمناس».
بالمقابل أعلنت المجموعة الإسلامية التي تحتجز الرهائن أنها تعرض التفاوض مع فرنسا والجزائر لوقف الحرب في شمال مالي وتريد مبادلة الرهائن الأمريكيين لديها بالشيخ المصري عمر عبد الرحمن والباكستانية عافية صديقي المعتقلين في الولايات المتحدة.
وقالت وكالة نواكشوط للأنباء إن زعيم الخاطفين مختار بلمختار «طالب الفرنسيين والجزائريين بالتفاوض من اجل وقف الحرب التي تشنها فرنسا على ازواد وأعلن عن استعداده لمبادلة الرهائن الأمريكيين المحتجزين لديه» بالشيخ عبد الرحمن وصديقي.
وأضافت أن هذا العرض ورد في «شريط فيديو مصور سيرسل إلى وسائل الإعلام».
وبلمختار الملقب بـ «الأعور» هو احد قادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الذي أدخله إلى شمال مالي.
وتمضي العالمة الباكستانية عافية صديقي حكماً بالسجن 86 عاماً في الولايات المتحدة بتهمة محاولة قتل ضباط أمريكيين.
أما الشيخ عبد الرحمن، فهو شيخ ضرير يمضي عقوبة بالسجن مدى الحياة في الولايات المتحدة إثر إدانته عام 1995 بالتورط في تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك في 1993 وبالتخطيط لشن اعتداءات أخرى بينها مهاجمة مقر الأمم المتحدة.
وأكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن الجيش الجزائري «ما زال يطارد الإرهابيين ويبحث عن رهائن على الأرجح»..
وأعلن رئيس الوزراء الفرنسي جان مارك آيرولت مقتل «عدة رهائن» كانوا محتجزين في موقع لإنتاج الغاز في الجزائر موضحاً أنه لم يعرف «عددهم» و»جنسياتهم» في الوقت الحاضر.
بدوره وجه وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا في لندن تحذيراً إلى خاطفي الرهائن، أن «الإرهابيين لن يجدوا مكاناً آمناً».
وأكد بانيتا أن الولايات المتحدة «تعمل 24 ساعة على 24 ساعة» ليعود مواطنوها سالمين و»ستواصل مشاوراتها الوثيقة مع الحكومة الجزائرية»، بينما أكد مسؤول أمريكي آخر أن الأزمة حساسة ومستمرة.
بدوره ذكر وزير الخارجية الأيرلندي نقلاً عن أحد الناجين أن الرهائن كانوا يحملون أحزمة ناسفة عندما فتح الجيش الجزائري النار على قافلة من 5 سيارات كانت تقل خاطفين ومخطوفين في منشأة إن أمناس للغاز.
من جهته، قطع رئيس الوزراء الياباني شينزو أبيه جولة آسيوية وعاد إلى طوكيو لمتابعة القضية، واتصل بنظيره الجزائري عبد المالك سلال للاحتجاج على هجوم الجيش والمطالبة بوقفه فوراً، بينما استدعت الخارجية اليابانية سفير الجزائر للاحتجاج على تدخل الجيش.
وبعد تدخل الجيش الجزائري أعلنت مجموعة بريتيش بتروليوم النفطية البريطانية التي تشارك في تشغيل موقع إن أمناس مع شركة ستايت أويل النروجية وشركة سوناطراك الجزائرية أن 3 رحلات أقلعت من الجزائر حاملة 11 من موظفيها و»مئات» الموظفين في شركات أخرى من موقع احتجاز الرهائن على أن يتم تسيير رحلة رابعة في وقت لاحق.