يعمل باراك أوباما الذي يبدأ غداً ولايته الثانية كأول رئيس أسود للولايات المتحدة، على ترك بصماته على البلاد منذ توليه سدة الرئاسة قبل 4 سنوات، غير أن وعوده بتغيير خطاب واشنطن وطريقة عملها بقيت حبراً على ورق.
ويصفه محاوروه بأنه رئيس متحفظ يفضل أن يبقى بعيداً عن الأضواء، لكنه أيضاً شديد التنافسية ولا يحب الخسارة، ويعطي نتائج أفضل عندما يكون تحت ضغوط كبيرة. وظهر ذلك بشكل واضح خلال حملته الانتخابية في خريف 2012 عندما تبين لفترة وجيزة أنه يتراجع أمام خصمه الجمهوري ميت رومني.
وفي مؤتمر الحزب الديمقراطي عام 2004 في بوسطن الذي رشح جون كيري في منافسة جورج بوش، سطع نجم باراك حسين أوباما المولود في هاواي من أب كيني وأم أمريكية، على الساحة السياسية الوطنية بدفاعه عن نهج توافقي في السياسة حصد تأييداً كبيراً وشكل محطة ملفتة.
ولد أوباما في أغسطس 1961 في هاواي وأمضى قسماً من طفولته في إندونيسيا. وفي 2004 كان يمثل منذ 7 سنوات الجنوب الفقير لشيكاغو في مجلس شيوخ ولاية إيلينوي شمال البلاد. وفي مطلع 2005 وصل إلى مجلس الشيوخ الفيدرالي في واشنطن، وتميز بهالته الكاريزماتية وفصاحته الخطابية، ما جعل وسائل الإعلام تتهافت عليه.
وبعد 4 سنوات صعد نجمه بشكل سريع وهزم منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون في الانتخابات التمهيدية للحزب، ثم حقق الفوز على المرشح الجمهوري المخضرم جون ماكين بفضل رسالة «التغيير» و»الأمل» التي جعلها شعاراً لحملته، ليدخل في سن السابعة والأربعين الى البيت الأبيض مع زوجته ميشال وابنتيهما. لكن شبح الأزمة الاقتصادية الحادة خيم على كامل ولايته الأولى وتميز النصف الثاني منها خصوصاً بخلافات مع الجمهوريين الذين سيطروا على قسم من الكونغرس مطلع 2011. إلا أن أوباما نجح في دفع بعض الملفات العزيزة على قلبه مثل إصلاح الضمان الصحي ووضع معايير للتعامل في بورصة «وول ستريت» وإنهاء الحرب في العراق. وأوباما الحائز جائزة نوبل السلام في نهاية 2009، حقق إنجازاً كبيراً بعد أقل من عامين مع تصفية أسامة بن لادن في عملية نفذتها وحدة كومندوز أمريكية في باكستان، في موازاة «حرب الطائرات من دون طيار» التي صعدها ضد المتطرفين.
لكن لا تزال هناك وعود قطعها أوباما في 2008 يجب أن تطبق مثل إصلاح نظام الهجرة ومكافحة التقلبات المناخية وإغلاق غوانتنامو ووضع قوانين أكثر صرامة تتعلق بالأسلحة النارية وهو موضوع طرح نفسه بعد مجزرة وقعت في مدرسة بنيوتاون في 14 ديسمبر الماضي وذهب ضحيتها أطفال. ووصف أوباما هذه المجزرة بأنها «أسوأ يوم» في ولايته الرئاسية.
ونجح أوباما في انتزاع من الجمهوريين زيادة الضرائب على الأكثر ثراءً اعتباراً من 2013 لكن العديد من المسائل المتعلقة بالموازنة تبقى عالقة ما يعني مواجهات جديدة مع الكونغرس.
وإن كان انتخاب أسود لأول مرة في سدة رئاسة أكبر قوة في العالم، بعد 150 عاماً على إلغاء العبودية وأقل من نصف قرن على إعلان الحقوق المدنية شكل حدثاً تاريخياً، إلا أن أوباما يجهد للظهور في مظهر الشخص العادي أو حتى التقليدي.
ويمكن رؤيته وهو يلعب الغولف وينزه كلبه، كما يحرص مثلما يروي بنفسه على تعليق عمله لتناول العشاء مع عائلته المؤلفة من زوجته ميشال أوباما المحامية اللامعة التي تزوجها قبل 20 عاماً وابنتيه ماليا «14 عاماً» وساشا «11 عاماً».
«فرانس برس»