كتب ـ جعفر الديري:
عندما نصحه أخوه بزيارة طبيب نفساني، انفجر مثل بركان غاضب، كاد يحطم رأسه بحجر من شدّة الغيظ.. بعد أن هدأ وعادت إليه السكينة، ابتسم الأخ وقال ما بالك؟ قضيتُ سبع سنوات في لندن الجميع هناك لا يخجلون من مرضهم النفسي، بينما ترفض أن تستشير طبيباً، فرد شقيقه وعلى فمه ابتسامة ساخرة «البحرين ليست لندن».
الحكاية حقيقية وليست من نسج الخيال، لن تجد عربياً واحداً يعترف بحاجته لطبيب نفسي إلا صدفة، والسؤال.. لماذا؟!.
الطريق غير سالك
السبب في رأي الشاب مجيد محمد يعود لطبيعة الإنسان العربي «يولد إنساناً عاطفياً بشكل مخيف، يُربى منذ صغره على الحساسية تجاه الناس، ومراعاة ما يقولون عنه». ويضيف محمد «آباؤنا ينشؤوننا على الخوف من القيل والقال، حتى أنهم يخوفوننا من السمعة السيئة، ففلان يتحدث عنك إذا فعلت كذا، وآخرون يلوكونك بألسنتهم لأنك قلت كذا، والخلاصة أننا نشأنا نخشى لومة الناس في أبسط الأشياء، فكيف لو علم الجميع أو بعضهم أننا نزور طبيباً نفسياً؟!».
أين الخطأ؟
الفكرة تلقى قبولاً لدى الشابة هدى جعفر «العرب ليسوا كالغربيين، الذين ينشؤون أطفالهم على الاستقلالية في كلّ شيء، ومتى أراد الوالدان إقناع أبنائهم بأمر ما، يلجأون إلى طرق أخرى، وليس كما هو شأننا».
وترى هدى أن الفتيات يحملن التخلّف ذاته «بحكم ارتباطي بكثير من الفتيات أجدهن يحرصن على الظهور بمظهر من لا يعاني قلقاً على الإطلاق خلافاً للواقع.. تملأ قلوبهن الوساوس والمخاوف من المستقبل، يبحثن عن أي مخرج لا يمر عبر بوابة العيادة النفسية».
فكرة ليست واقعية
علي عيسى يحمل وجهة نظر مختلفة «الأطباء النفسانيون في البحرين والعالم العربي كثيرون جداً، ويتضاعفون عاماً بعد عام، الناس باتوا يتقبلون فكرة زيارة الطبيب النفسي».
ويضيف «ليس ممكناً على الإطلاق أن يظلّ الناس يخجلون من الاعتراف بحاجتهم لطبيب نفسي، هذا يخالف حتى أبجديات الحياة العصرية، وإذا كان الناس كانوا ينظرون للغرب على أنهم شعوب متحضّرة بينما البلدان العربية متخلّفة، فشباب اليوم قادرون على الأخذ بأسباب العلم، ولا ضير لديهم من استشارة طبيب نفسي عند الحاجة».
بالمقابل يتبنى الموظف محمد علي فكرة تقليدية، مفادها أن الإنسان لا حاجة له لطبيب النفسي «صحيح أن الأطباء النفسانيين موجودين، لكن من يذهب إليهم ليس كمن يذهب للعلاج الجسمي، والسبب ليس لأن الإنسان يخجل من الاعتراف بحاجته لطبيب نفسي، بل لأن الطبيب النفسي لا يقدم ولا يؤخر».