كتب - عبدالله الهامي:
تابعت جمعية «الوفاق» شغلها الشاغل في الإصرار على مطالب وطنية مزعومة ترفع سقفها في كل خطوة لتُصعّب فتح الدروب للحل الوطني الجامع والشامل بمشاركة كل مكونات المجتمع البحريني، فيما واصل الأمين العام للجمعية على سلمان وضع بقية القيادات السياسية في وضع محرج.
ورغم تغير الأحوال بشكل كبير من خلال زيادة عدد الإنجازات التي حققتها المملكة على المستوى المحلي والدولي، إلا أن «الوفاق» التي تدنت شعبيتها بشكل ملحوظ جداً نتيجة محاولاتها تهميش مكونات المجتمع الأخرى والشخصيات التي تمثل الشعب من خلال طرحها الأحادي، مازالت تنتهج طريق تهميش الآخر والعمل بشكل يبعد عن الديمقراطية من خلال الاستيلاء على الكلمة والرأي العام من خلال مزاعم وأساليب متناقضة.
وتجدر الإشارة إلى أن الوطن أمانة في يد الجيل الحاضر الذي استلمها من الأجيال السابقة ويجب إعماره وتسليمه للأجيال القادمة بأمانة، لذلك فإن التعددية التي يزخر بها المجتمع البحريني، تدفع الجميع للتعايش بأمن وسلام إضافة إلى الابتعاد عن العصبية والمكابرة التي من شانها التأثير في المنظومة الإنسانية الحضارية المتقدمة في كافة المجالات، إذ أن المملكة تُعرف على المستوى الإقليمي والعالمي بمرونتها وتقبل شعبها للحوار والتنوع العرقي والمذهبي، ما يساهم بشكل كبير في عملية التنمية.
وكما إنه ينبغي على كل فصيل من فصائل المجتمع البحريني أن يحترم أقرانه ويعرض ما لديه بلا مزايدات على حقوق الآخرين أو حريتهم في التعبير عن آرائهم وذلك لتحقيق مبدأ التعايش السلمي والتناغم وسد الفراغات، لكن من يزعم بأنه سيد الموقف ويحاول انتشال الوضع والدفع به للأمام يسعى من خلال طرح جديد لرفع السقف السياسي للمطالب، بما لا يمت للواقع الإصلاحي بشيء.
من جانب آخر فإن الوفاق تتلوّن يوماً بعد يوم بما يظهر لها بأنه قد يجلب لها أية مكاسب سياسية، إذ أنها ذكرت في السابق بأنها لن تدخل أي حوار إلا بالشروط التي طرحت في ما يسمى بـ»وثيقة المنامة»، ومن ثم أبدت استعدادها للمحاورة بدون شروط، إضافة إلى تأكيد قياداتها أن مطالبهم تمثل كافة أطياف الشعب البحريني، بينما هم في حقيقة الأمر ينادون بإسقاط النظام وتغيير الحكومة الذي لا يقبل به فئات كثيرة من البحرينيين.
وبالرغم من مرور سنتين على الأزمة التي افتعلتها ما تدعى بالمعارضة إلا أنها لا تريد أن تعي الدرس وتدرك بأنها عديمة الفائدة ليس فقط على المستوى الدولي والمحلي، بل حتى على مستوى المنظمات الدولية والحقوقية، إذ أصبح الجميع يتهمها بوضوح بأنها تسعى لجني مكاسب سياسية فئوية وليست جادة في العمل لمصلحة الوطن والارتقاء به نحو الأفضل، وأن المعارضة إن كانت جادة في مطالبتها بالإصلاح السياسي فإن مكاتب الحكومة وباقي مكونات المجتمع مفتوحة.
إلا أن واقعهم يرمي إلى أنهم يريدون الانفراد بالشارع، فكل الأعمال التخريبية التي يقومون بها ويعيقون بها مصالح الناس وإرهاب الآمنين لن تغير أي نظام ولن تجني أية مكاسب سياسية، ومهما كانت تصريحاتهم في الإعلام فإنهم يدورون في محور الإطار الذي يحرقونه، ولن تتغير بالطبع نظرتهم مادامت هناك بعض القنوات المغرضة التي تفتح لهم المجال، مما جعلهم أداة في يد الغير، يا ليتها تتحول إلى الحفاظ على السلم الأهلي.
وفي ذات السياق فإنه يفترض بمن يسعى للحل السياسي أن ينصاع لإرادة الشعب وعدم التحريض على الشغب والعنف في الشوارع، من خلال أكاذيب مختلقة تحاول الوفاق ترويجها وجرّ الآخرين إليها، سعياً منهم إلى إيهام الخارج بأنهم ممثلون عن عامة الشعب، على الرغم من أن تلك المزاعم باتت قديمة وغير مجدية، إلا أن هذا الواقع الغير صحيح يحاولون فرضه على الجميع.
كما لا يخفى على الجميع تزايد أعمال العنف التي تأتي نتيجة تحريض «المعارضة» وصولاً إلى الاعتداء على العمالة الوافدة بشكل منتظم، في إصرار مستميت على طرد الاستثمار وبث الرعب في قلوب الجميع، للضغط بشكل آخر على الاقتصاد البحريني والحكومة بشكل أكبر لتحقيق ما يسعون إليه من أهداف شخصية.
وعلى الرغم من السعي لاختراق المجتمع البحريني واستغلال كل حدث لتأزيم الأوضاع وإظهارها للرأي العام بارتياع شديد، فإن المملكة ستظل كما كانت حاضنة للجميع، متقبلة للتنوع الفكري والسياسي والثقافي، إذ إنه كما انتفض المجتمع في ظل ما أسمي بالثورة قبل عامين، فإنه لن يهدأ أو يتغاضى أبداً عن محاولة اقتناصه واجتذابه إلى مستنقعات العنف والتخريب، علاوة على أن الرأي الدولي لم يعد يكترث بتلك المحاولات السلبية للظهور ولفت الأنظار التي تتعمدها الوفاق.