كتبت ـ فاطمة خليل النزر:



ما بين أول مقال كتبته منذ ثلاث سنوات تقريباً «مطلقة ولكن..!!» وآخر مقال «نعم لدي مشكلة..!!»، شاركتكم في ملحق الأسرة بصورة شبه أسبوعية في تفاصيل حياتية يومية بطريقة علمية ونفسية، اعتبرها الكثيرون نقلة في تخفيف الوصمة المجتمعية للاضطراب النفسي، وعدها آخرون أمراً جديداً لا يتناسب وطبيعة مجتمعنا وأفكاره.
وكمختصة ومهتمة بعلم النفس، اعتبرتها حاجة ماسة علمية وعملية ونفسية لما يمر به مجتمعنا البحريني الصغير نسبياً والمتعدد الثقافات والاتجاهات، من مشكلات اجتماعية وأسرية وتربوية وعملية، واكتشفت بمرور الوقت ومع كثرة الاتصالات والرسائل الواردة إلي بعد كل موضوع من نساء وأمهات وآباء وموظفين يمرون بحالات مشابهة لما كتبت أنها حاجة مجتمعية ضرورية.
كنت محظوظة بوجود شخصية صحافية مثل سماح علام لها توجهاتها الاجتماعية لخدمة مجتمعنا المتنوع والمتعدد الشرائح، بجميع الأساليب المتاحة النفسية والاجتماعية والصحافية، وقد تكون بداية دعمها حس إنساني بي كامرأة وأم شابة جديدة، وتحولت مع مرور الوقت إلى ثقة -أعتز بها- لشخصية علمية ساهمت بتكوينها دون أن تدري، مختصة في المجال النفسي، تحاول استغلال ما درسته وعملت به طوال 12 سنة لخدمة مجتمعها ومواجهة وترتيب فوضوية الحياة اليومية التي يمر بها كل شخص، بأدواره المتعددة التي فرضها علينا عصرنا الحالي، وأصبحت هذه الأدوار لا تمر مرور الكرام بل تحتاج إلى تقنيات حياتية ونفسية نستطيع التأقلم مع ضغوطها وواجباتها والموازنة بينها وبين أنفسنا ورغباتنا الداخلية.
وها نحن ذا نعود بـ»لا فوضوية»، نناوب في طرح زاويتنا بين الفينة والأخرى، ونحاول من خلالها تقديم فوضويات وتناقضات شخصياتنا ومشاكلنا اليومية وأسبابها ونتائجها من الناحية النفسية، محاولة منا لسد النقص في هذا الجانب المهم من حياتنا اليومية كمجتمع مدني متحضر، يحتاج للدعم والإرشاد النفسي في مختلف جوانب حياته الشخصية والعملية والاجتماعية لمواجهة فوضوية حياته ذات الوتيرة السريعة التي لا نستوعبها في كثير من الأحيان، ما تجعلنا عرضة للكثير من الإحباطات والاضطرابات النفسية ربما تصل لحد المرض النفسي.
لماذا «بلا فوضوية»، أنا مكتئب، أنا محبط، أنا متوتر، لدي مشاكل في العمل، لدي مشاكل أسرية، ابني لديه نشاط زائد، ابنتي عنيدة، كلها أمور تشتت الذهن وتتعب النفس وكلها فوضوية يعيشها الإنسان ولا يستطيع في كثير من الأحيان التعامل معها، فيتشتت ذهنه وتزيده هماً وضيقاً وتعباً نفسياً، لهذا ستكون هذه زاوية إنسانية وعلمية من جانبها النفسي يكون لكم أنتم كقراء الجانب الأكبر في طرح تناقضاتكم النفسية وحيرتكم ونوضح لكم طريقة ترتيبها بطريقة صحيحة علمياً ونفسياً.
«بلا فوضوية» زاوية لمعرفة أفكارنا النفسية وترتيب فوضوية مشاعرنا وانفعالاتنا وتغيير نظرة المجتمع للإرشاد النفسي، ومعرفة أن كثيراً مما نمر به ويشعرنا بالفوضوية في حياتنا، يمر به كثيرون غيرنا، وأن هناك أساليب إرشادية وعلاجية نفسية ليس من الضروري أن نلجأ معها للعلاج الدوائي، بل لترتيبها في حياتنا، لهذا سأنتظر فوضوياتكم لنحاول ترتيبها معاً فتصبح حياتنا بلا فوضوية.
حين نرتب حياتنا تصبح ابتسامتنا مختلفة وواثقة، فما بين فوضوية المشاعر والأفكار ومحاولة ترتيبها تكمن متعة الحياة وبهجتها.