يطرح تيسير سلمان في كتابه الجديد «أنثى عذراء كل يوم» اكتشافاً جديداً لمدينة عمان، من خلال البطل «نهار» وشبكة علاقاته الاجتماعية مع مجموعة من الفتيات العمانيات، ومع كل فتاة يكتشف جانباً من جوانب الوعي المعرفي والبوح الأدبي للمدينة.
ويتجلى حب المدينة في صفحات الكتاب، من خلال اشتباك معرفي أراد به الكاتب أن يكتشف عمان، فوجد أفضل وسيلة أن يتعرف على فتياتها، ومع كل معرفة يقدمها تزيد عمان وضوحاً بجوانيتها وأنوثتها عبر 14 فتاة يرصد من خلالهن إيقاع المدينة.
يهدم الكتاب الأفكار الاستباقية والتصورات الراسخة والمتعلقة بالخصوصية الأنثوية في المرأة قياساً للخصوصية الذكورية، ويحاول إثبات أن لكل منهما خصوصيته المستقلة معرفياً، دون أن تنحسر مساحة الإنسانية لدى أي طرف على حساب الآخر. ويُقارب سلمان موضوع التفهم والقبول خارج سياق المفاضلة بين الذكر والأنثى، ويشبه عمان بالأنثى تأكيداً أن لها خصوصيتها وأسرارها التي تشبه المدن، ويرصد الإشكالية الانفعالية المعقدة بين الجانب الأنثوي والذكوري انطلاقاً من مفهوم الرغبة. ويركز الكتاب على ضرورة أن الرجل ليس له الحاجات النفسية والحسية نفسها لدى الأنثى، ويمتاز الكتاب بتأطيره للجنس كمقولة اجتماعية معرفية متداخلة مع المكونات الاجتماعية الأخرى وليس كمفردة قائمة بحد ذاتها، فالجنس هو الذات العارفة لممارسات إنتاج الذكر للمعرفة.
ويحاول الكتاب التركيز على محمولات إنتاج المعرفة من خلال شخصيات روائية مهمشة، بغية إنتاج معرفة تقف ضد المصلحة الذكورية وسيطرتها على الأنثى، بوصفها فئة مهمشة اجتماعياً ولا علاقة لها بصناعة معرفتها الخاصة. يقول الشاعر والروائي الفلسطيني أنور الخطيب في تقديمه للكتاب «بطل الكتاب اسمه نهار، واستعارة الاسم ودلالاته واضحة جداً، ويفلسفه داخل صفحاته في مواقف كثيرة، فحين يتجول نهاراً وليلاً، فإنه يرى ما يراه كثيرون، ولكن من زاوية فيها جدل كثير، فليل عمان ليس لفتيات المدينة إنه للغريبات والنادلات وبائعات الهوى». ويضيف الخطيب «يتردد في الكتاب أكثر من صوت، صوت الشاعر والسارد والإعلامي والفيلسوف، ولولا اشتراك هذه الأصوات في العزف بانسجام على آلة الذاكرة المفعمة بالألم، وأوتار القلب المسكون بالحب، لأصاب الملل الكاتب قبل القارئ». ويقول د.سميح مسعود عن الكتاب «يفيض بآفاق عديدة عن زحام الحياة في عمان الممتلئة بأفكار ومشاعر ومعانٍ ناضجة عن الحياة والناس.. ويكتنز الكثير من التفاصيل والجزئيات لنماذج تعيش في عالم عمان الليلي، فيفسر الرغبات تفسيراً دقيقاً عبر سرد العقبات النفسية المختلفة بمنظور المجتمع، ويبحث المؤلف فيها بدافعٍ إنساني عبر تجاربه مع الآخرين، ليقدم فيما بعد ما حصده عبر رحلاته تلك بطابعٍ إنساني مثقلٍ بالتوتر والريبة».يحاول الكتاب ترسيخ مفهوم أن الهدف من النزوة الجنسية هو اللذة أولاً؟ وليس التكاثر وحده، انطلاقاً من أن لذة الأنثى هي تجلي لخصوصيتها في الرجل، ويهدم فكرة أن الأنثوية تتمظهر وتتجلى حين تصبح أماً فقط، ويهدم الفكر المجتمعي القائل إن الأنثى تمر من العذرية إلى الأمومة دون توقف بطرق الحب وبطرق ترسيخها للجمال فيما يحيط بها مكانياً واجتماعياً. يقع الكتاب في 150 صفحة وصدر حديثاً عن دار فضاءات للنشر والتوزيع والصالون الثقافي الأندلسي في كندا.