الرياض - (وكالات): أقر قادة الدول العربية خلال قمة الرياض الاقتصادية أمس اتفاقية استثمار رؤوس الأموال في الدول العربية بصيغتها المعدلة مؤكدين ضرورة إكمال متطلبات إقامة المنطقة الحرة الكبرى للتجارة العربية. وقرأ الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي “إعلان الرياض” في الجلسة الختامية قائلاً “اعتمدنا الاتفاقية المعدلة لاستثمار رؤوس الأموال في الدول العربية” داعياً القطاع الخاص إلى أخذ المبادرة” في هذا المجال.
وطالب الدول العربية “بتهيئة المناخ الاستثماري عبر تعديل القوانين والنظم والتشريعات”. وقد وافق المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي على التعديلات التي تم إدخالها على الاتفاقية في اجتماعه الأخير الشهر الماضي في القاهرة. وأبرز البنود هي “تمتع المستثمر العربي بحرية تحويل رأس المال وعوائده إلى أي دولة طرف من دون تأخير، وإعادة تحويله إلى أي دولة من دون تأخير بعد الوفاء بالالتزامات القانونية التي ترتبت” عليه. وينص كذلك على “السماح للمستثمر التصرف في استثماره بما لا يتعارض مع القوانين وعدم خضوع رأس المال لأي تدابير خاصة أو عامة دائمة أو مؤقتة مهما كانت صيغتها القانونية، لكن يجوز نزع الملكية لتحقيق نفع عام بمقتضى ما تملكه الدولة المضيفة مقابل، “الحصول على تعويض عادل عما يصيبه من ضرر”. ويشدد إعلان الرياض على أنه “بما لا يتعارض مع أنظمة وقوانين الدولة المضيفة، يتمتع المستثمر العربي مع أفراد أسرته بحق الدخول والإقامة والانتقال والمغادرة بحرية ولا تفرض قيود على هذا الحق إلا بأمر قضائي”.
وكان الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية في الجامعة العربية محمد التويجري أعلن أن “قوانين الدول العربية طاردة للاستثمار”، كاشفاً عن “قصور كبير” في اتفاقية انتقال رؤوس الأموال التي أقرت عام 1980. ويتطلب إقرار الاتفاقية العربية للاستثمار البيني أحداث إصلاحات حقيقية في التشريعات والقوانين لأن الاستثمار يرتبط بشكل وثيق بقضية البطالة ومعدلها ?16 عام 2011. وأكد تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي أن البطالة تتراوح بين ?50 في جيبوتي و0.5 في قطر. كما يبلغ عدد العاطلين عن العمل في الدول العربية 17 مليوناً.
ومن العوامل التي ساعدت في ارتفاع معدلات البطالة تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة للدول العربية والتي انخفضت من 68.7 مليار دولار عام 2010 إلى 43 ملياراً عام 2011، أي بنسبة ?37.
وأضاف الأمين العام “نؤكد ضرورة استكمال متطلبات منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى قبل نهاية العام الجاري، والعمل على إتمام باقي متطلبات الاتحاد الجمركي العربي وفق الإطار الزمني وصولاً للتطبيق الكامل عام 2015”. ودعا إلى “زيادة حجم التجارة العربية البينية”. يذكر أن المنطقة الحرة أقرت عام 1998 على أن تنتهي الترتيبات اللازمة عام 2005. من جهته، قال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في مؤتمر صحافي تلا الجلسة الختامية للقمة “يجب تغيير قوانين الاستثمار، هناك تعقيدات حقيقية أمام انتشار السلع والاستثمارات في العالم العربي والكل يعترف بذلك”. وحجم الاستثمارات البينية العربية هزيل فهو لا يتجاوز 25 مليار دولار الأمر الذي يتطلب قفزة كبيرة في هذا المجال للحد من البطالة وإيجاد فرص عمل للشباب بما يعزز الاستقرار في الدول العربية، وفقاً للتقرير. بدوره، قال وزير المال السعودي إبراهيم العساف إن إقرار الاتحاد الجمركي عام 2015 من شأنه أن “يزيل عقبة رئيسية أمام زيادة حجم المبادلات التجارية”. من جهة أخرى، قال العربي إن القمة المقبلة ستعقد بعد عامين في تونس بعد أن تنازل لبنان عنها على أن تعقد القمة في بيروت عام 2017. وتابع أن القادة “رحبوا بمبادرة خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز زيادة رساميل الشركات العربية المشتركة بنسبة ?50. ونسبة الزيادة ذاتها لصندوق دعم مشاريع القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة الذي أطلقته الكويت خلال قمة عام 2009.
وتم توفير ?60 من رأسمال هذا الصندوق البالغ ملياري دولار، أي 1.2 مليار دولار من خلال مساهمة 15 دولة حتى الآن ليبلغ مجموع القروض التي خصصها للشركات 245 مليون دولار. وأوضح العساف أن السعودية والكويت ساهمتا بمليار دولار مناصفة من الأموال المدفوعة. بدوره، أكد الفيصل أن مبادرة الملك عبدالله ستعمل على “توفير 10 مليارات دولار إضافية للمؤسسات والشركات العربية المشتركة” مثل صندوق النقد العربي وغيره.
ورداً على سؤال حول التعاون مع الدول التي شهدت تغييرات أساسية خلال حركات الاحتجاج الشعبية، أوضح الفيصل أن القمة تأتي في ظل “تطورات ما يسمى الربيع العربي والمشاكل الاقتصادية من أبرز مسبباته”.
وأضاف “لقد زاد عدد القادمين إلى المملكة من مصر بأكثر من 500 ألف شخص كما دهمنا الاقتصاد بمبلغ 3.750 مليار دولار”.
إلى ذلك، تحدث العربي عن “الأهمية القصوى للأمن المائي كجزء من الأمن القومي” مشيراً كذلك إلى الأمن الغذائي. وكان التويجري أكد وجود “فجوة غذائية كبرى في الحبوب والزيت والسكر سيستغرق ردمها 30 عاماً بحجم سيولة نقدية من المتوقع أن تصل إلى 30 مليار دولار”. ودعا الأمين العام إلى “ضرورة الارتقاء بالتعليم والالتزام بتشجيع البحث العلمي وزيادة الميزانية المخصصة لذلك.
وبالنسبة للمرأة، فقد اعتبر “إعلان الرياض” أن دورها “مهم في التنمية” مطالباً بـ”تطوير القوانين والتشريعات” التي تزيد من تمكينها وتفعيل دورها في المجتمع.
كما ناقشت القمة موضوعات لتحقيق التنمية مثل مشاريع الربط بين السكك الحديد أو الطرق البرية أو النقل البحري ومشروعات الطاقة المتجددة والبيئة ومحاربة الأمراض غير المعدية.
من ناحية آخرى، توقعت وزارة المالية السعودية، ألا تقل الزيادة المرتقبة في رؤوس أموال الصناديق التنموية والشركات العربية المشتركة عن 10 مليارات دولار، مؤكدة أن هذه الزيادة التي دعت إليها السعودية خلال قمة الرياض ستسهم في تعزيز دور هذه الصناديق ودور القطاع الخاص العربي في التنمية.