كتب - عبدالرحمن خليل:أكد رجال دين أن الهدي النبوي يحث على حب الوطن وتعزيز الإخاء والوحدة الوطنية وتكريس السلم والأمان في المجتمع الواحد، مضيفين أن التأسي بذكرى المصطفي عليه الصلاة والسلام في جمع الشمل وتعزيز الأخوة ونبذ الفرقة والخلاف هو الإحياء الحقيقي لذكرى المولد الشريف. وقالوا، في تصريحات لـ”الوطن”، إن من يدعون إلى التحزب والطائفية واحتكار الرأي دون مكونات المجتمع الأخرى بعيداً عن الدين ليس هم من الإسلام ورسول الإسلام في شيء. وأشاروا إلى أن المصلحة العليا للوطن يمكن أن تتحقق دون النزوع للطائفية البغيضة والعنصرية والحزبية.الانتماء للوطن فوق كل انتماءوقال الشيخ محسن العصفور إن ذكرى المولد النبوي الشريف هي ذكرى لمولد لعصر جديد وشخصية عظيمة حولت مجرى التاريخ وأدت إلى نقلة نوعية في تاريخ العرب ابتداءً والبشرية على وجه العموم ونقل أمة كانت تعيش الانحطاط والسقوط إلى الحضارة والريادة أسهمت في بناء النهضة في العالم وكل ما نعيشه الآن من تمدن وانتشار للحضارة هو في الأساس إسلامي. وأضاف أن من أعظم خصائص الإسلام أنه لم يأتِ لأمة واحدة، وأن الأمم التي اعتنقت الإسلام هي امتداد للمسلمين الأوائل فالتزموا بمحاسن الإسلام والمقاصد العليا فيه التي جعلت المسلمين على مر التاريخ ينتمون إلى بعضهم البعض بعيداً عن المذهبية والطائفية والقومية، وأن كل ما يقال خلاف هذه المقاصد العليا للإسلام يدل على ابتعاد القائل عن حقيقة الإسلام ومفارقة علنية لأهم مظاهره السياسية الحضارية، وأن ما ورد من آيات تدعو للاعتصام بالله والتآخي في الله قارب بين الشعوب رغم البعد الجغرافي ووحد الأمة مع اختلاف اللغات والأعراف فرسالة الإسلام توحد وتجمع ولا تشتت وتفرق. وقال العصفور إن الهدي النبوي يحث على حب الوطن، “ففي الحديث الشريف: (حب الوطن من الإيمان) فارتباط المؤمن بالأرض التي يعيش عليها ارتباط وثيق وراسخ ولهذا شرع الله المرابطة والجهاد لصيانة حدود الوطن والذود عن حرمته بالغالي والنفيس، مضيفاً أن الانتماء للوطن فوق كل انتماء وتذوب معه كل الانتماءات”. ونوه العصفور إلى أن هناك مظاهر مرفوضة تتنافى مع قيم هذا الدين تمارس في المولد النبوي مثل الطرب والسهر لاستغلال هذه المناسبات بما يتعارض من قيم الدين أولاً والأخلاق والمبادئ ثانياً، وأشار إلى أن هناك مظاهر للبهجة والفرح تستحق الاهتمام فيتخللها إلقاء المحاضرات والخطب تنبه الناس بهذه النعمة العظيمة ألا وهي الرسول الأكرم عليه وعلى آله أفضل الصلاة التسليم.نبذ الفتنة وتعزيز اللحمة الوطنيةقال الشيخ فؤاد عبيد بادئاً بقول الحق تبارك وتعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون*ولتكن منكم أمةٌ يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون*ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذابٌ عظيمٌ)) آل عمران 103-105 ومناسبة هذه الآيات الكريمة أن المسلمين في شقاق وخلافات دائمة فدعاهم المولى عز وجل للتمسك بحبله الذي هو القرآن والسنة التي عزز بهما الرسول الكريم (ص) بتوحيد الصحابة في مكة أولاً بأن ساوى بين المسلمين الحر منهم والعبد الغني والفقير العربي والأعجمي ليكون هناك مجتمع إسلامي متوازن يكمل بعضه البعض فلذلك خلق الله الناس وفرق بين أرزاقهم ومكاناتهم. وذلك يعود لحسن قيادته (ص) التي تجلت مرة أخرى بعد الهجرة عندما أزال الخلاف بين الأوس والخزرج وآخى بين المهاجرين والأنصار وكل ذلك بفضل الله تعالى حيث قال: (وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيزٌ حكيمٌ) والأولى بنا كأتباع لهذا النبي ودينه أن نهتدي بهديه ونتبع سنته بالاقتداء بأفعاله وأن نستغل هذه المناسبة لتعزيز الصفوف وعدم استخدام المنابر لخلق الفتن والقلاقل بين المسلمين في المجتمع الواحد، فنحن في سفينة واحدة ولابد أن تستمر في الإبحار ويجب علينا جميعاً نبذ الفتنة والفرقة وتعزيز اللحمة الوطنية، وشدد على أهمية عدم الزج بالأطفال والشباب والتغرير بهم في صراعات طائفية لا هدف منها سوى زعزعة الأمن وخلق الفتنة والفرقة بين المسلمين.ووجه الشيخ فؤاد رسالة للداعين للتحزب والطائفية والتفرد بالرأي دون فئات المجتمع الأخرى قائلاً “أنتم ضيقو الأفق ولا تستوعبون الآخرين وليس لكم الحق بالتكلم باسم الشعب في محطات ذات أجندة وتوجهات معينة، أنتم لا تمثلون الشعب والشعب يريد الاستقرار وليس هناك من يريد الحرق والتخريب”، وأضاف بأن هناك بعض الجهلاء للأسف يتبعون المحرضين على الفتنة وهم للأسف لا يمثلون شعب البحرين المسالم والمتآلف منذ آلاف السنين، وهؤلاء يجب الأخذ بيدهم ويعاملوا كأناس ليس لهم خلفية وتجارب ويجب أن يدرسوا المواطنة ويعرفوا أهمية الوطن، فنحن في دولة صغيرة محدودة الموارد وليس من مصلحة أياً كان أن نعيش في وسط التخريب والحرق، فإذا استمر هذا النهج لن نستطيع أن ننمي المجتمع ولا أن يزدهر الاقتصاد.ونبه عبيد على أن البحرين كانت ومازالت نقطة ربط بين الأمم، فمنذ قديم الزمان كانت محطة للسفن التجارية واستمر هذا الأمر حتى زمننا الحالي فيجب أن يتم استغلال هذا الأمر لتحقيق المصلحة للوطن دون النظر للمصالح الشخصية والفئوية أو الحزبية، وعلينا أن نتذكر بأن هناك نسباً وعلاقات وطيدة بين الطائفتين فالبلد للجميع ونحن ننادي بالوحدة والاتحاد وفتح صفحة جديدة، وأضاف بأن الوئام واللحمة يجب أن تعود كما كانت وعلينا الابتعاد عن النعرات الطائفية وأن نحسن الظن بالجميع.