كتب - محرر الشؤون المحلية:
يبدو أن البيان الترحيبي من جمعيات سياسية معارضة بدعوة استكمال حوار التوافق الوطني لم يكن كافياً لإعطاء موقف وفاقي واضح من حوار سارعت الجمعية لاستباقه بسلة امتلأت شروطاً، رغم الحرص على إدراجها، تحت اسم “تطلعات وتأكيدات”، في وقت يزيد غموض الموقف النهائي للجمعية وشركائها، تجارب حوارية وسياسية سابقة، انسحبت منها “الوفاق” أو انقلبت عليها.
عدم خروج موقف “الوفاق” من دعوة الحوار الأخيرة عن نهج الجمعية في التعاطي مع دعوات الحوار، قد ينبئ برفض جديد، إلا أن خوف الجمعية، بحسب تقارير إعلامية، من “عزلة سياسية أكبر” حال رفض المبادرة قد يفرز تعاطياً جديداً ليس بالضرورة أن يحمل اتساقاً بين المواقف المعلنة والممارسات على الأرض. إسباغ صفة الجدية على الحوار، بحسب الوفاق، رهن بـ”التوافق على الأطراف المشاركة فيه، وآلية اتخاذ القرارات، وتحديد جدول زمني، وإضفاء الشرعية والقبول الشعبي إما من خلال مجلس تأسيسي أو الاستفتاء”، إلى جانب التمسك بـ”وثيقة المنامة”، وتنفيذ مخرجات الحوار عبر جهة مشتركة في ظل تقديم “ضمانات جوهرية”، فيما نص بيان وزارة العدل الداعي إلى الحوار على شموله كل المكونات السياسية في المجتمع البحريني.
وترددت أنباء مؤخراً عن طلب الجمعية حواراً منفرداً مع الحكومة، وهو ما رفضته الأخيرة، قبل أن تأتي سلة “التطلعات” لتؤكد نية الوفاق المضي نحو حوار منفرد أو يضم من يحظى بموافقتها في أفضل الأحوال، إلا أن تصريح وزير العدل الشيخ خالد بن علي آل خليفة بأن “الحوار يجب أن يكون بحضور الجميع وألا يستثني أحداً” قد يدعو الجمعية لقراءة موقفها من جديد.
وسبق أن انسحبت “الوفاق” من جلسات حوار التوافق الوطني في يوليو 2011 بعد مشادة وقعت مع أحد الشخصيات المشاركة، وفشلت محاولات وزير العدل وحضور الحوار في إقناع أعضاء “الوفاق” بالعدول عن قرارها. وأشارت تقارير صحافية، حينها، إلى أن قرار الانسحاب جاء بعد تلقي أعضاء الوفاق المشاركين في الحوار مكالمة من إحدى الجهات توصيهم بالانسحاب، ما فسر فيما بعد على أن مشاركة الجمعية قبل انسحابها كانت رسالة للخارج بأنها لم ترفض الحوار، بينما حافظت بموقفها المتصلب على الانسجام مع ضغط الشارع.
وكان للتجربة البرلمانية الوفاقية حصة من الانسحابات، إذ انسحبت كتلة الجمعية من مجلس النـــواب في فبرايـــر عام 2011، بعد شهرين من بدء دور الانعقاد، إثر التأزيم في الشارع خلال أحـــداث فبرايــر عام 2011.
وعلق نواب سابقون وحاليون على الانسحاب من البرلمان بأنه “خطأ فادح” تسبب في عزلتها، خاصة أنها كانت ساعية إليه ومطالبة به. وترددت أنباء عقب الانسحاب بحوالي ستة شهور عن محاولة الجمعية التقدم برغبة للعودة إلى عضوية المجلس، غير أن ضغط الشارع حينها حال دون إتمام هذه الخطوة، وقال النائب أحمد الساعاتي في تصريح سابق إن “الوفاق أخطأت في انسحابها من حوار التوافق الوطني، وأخطأت في مقاطعة الانتخابات، وأخطأت في عدم مشاركتها بلجنة تقصي الحقائق، ولاتزال تواصل نفس الأخطاء بوضعها شروطاً للحوار”.
وتزامن انسحاب “الوفاق” من مجلس النواب مع طرح مبادرة سمو ولي العهد للحوار والخروج من الأزمة، وبدورها قوبلت المبادرة بالرفض من قبل الجمعية، في ظل الاستقواء بالشارع والانقياد له خشية، ظناً من الجمعية بقدرتها على تحقيق سقف مكاسب سياسية أعلى. وبعد تغير الموازين السياسية أقدمت “الوفاق” على طرح ما سمي “وثيقة المنامة” في أكتوبر 2011 متضمنة أهم ما رفضته الوفاق سابقاً في حوار مبادرة سمو ولي العهد، ولم تجن المعارضة شيئاً لا في مبادرة ولي العهد أو الوثيقة المذكورة.