كتب - بشير جويزي صالح:
ولد سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم بشعب بني هاشم بمكة صبيحة يوم الاثنين التاسع من شهر ربيع الأول لأول عام من حادثة الفيل - على اختلاف بين أهل السيرة في هذا التاريخ فيما ذكر البعض أن الرسول ولد يوم الثاني عشر من ربيع الاول – ولما ولدته أمه أرسلت إلى جده عبد المطلب تبشره بحفيده، فجاء مستبشرًا ودخل به الكعبة، ودعا الله وشكر له. واختار له اسم محمد – وهذا الاسم لم يكن معروفاً في العرب – وختنه يوم سابعه كما كان العرب يفعلون.
وكانت جزيرة العرب مليئة بالشرك والظلم والطغيان، فأراد الله برحمته خيراً لأهلها وللأرض جميعًا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، فكان مولده ونشأته المباركة ليخلص الأرض من الشرك إلى التوحيد، ومن الظلم إلى عدل الإسلام، ومن ظلمات الجاهلية إلى نور الوحي.
وتمر بنا الأيام والسنون وفي كل عام نتذكر ميلاد هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ونتساءل: كيف نحتفل بهذه المناسبة ؟! هل نقيم لها الاحتفالات ونضيء لها الأنوار ونجمع لها العلماء والقراء والشعراء والأدباء؟ أم نطعم فيها الطعام ونصوم فيها النهار ونقوم فيها الليل والناس نيام؟ أم نعرض فيها الأفلام ونشاهد المسلسلات والحكايات التي تحكي لنا قصة مولده عليه الصلاة والسلام ؟ أم ماذا نفعل؟!
قبل الإجابة عن هذا السؤال لابد أن نعلم ما يلي :
1. أن من أصول دين الإسلام : تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم ومحبته. ولا يكمل إيمان المرء حتى يحبه أكثر من كل أحد ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين». 2. أن الله تعالى قال في كتابه:(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً). فما لم يكن ديناً آنذاك فليس اليوم بدين .
3. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»، أي: مردود. وقال صلى الله عليه وسلم «كل بدعة ضلالة». فهذان الحديثان يدلان على أن كل أمر لم يشرعه النبي صلى الله عليه وسلم فليس بمشروع ، ولا يكون حسناً، لأن كل من ألفاظ العموم .
وعلى ذلك نقول: إن الاحتفال الحقيقي بمولد نبينا - صلى الله عليه وسلم - أن ننصر دينه ، وأن نعظم ما عظمه من شعائر الله، وأن نعمل بسنته المطهرة، وأن نجعلها منهجًا لنا في حياتنا.
إن من صور الاحتفال الحقيقي صيام الاثنين والخميس والأيام القمرية من كل شهر عربي فهذا من سنته عليه الصلاة والسلام ، فكل يوم اثنين يجدد لنا ذكرى مولده وإذا سئلنا عن ذلك نقول لأن الرسول كان يفعل ذلك ويقول «ذلك يوم ولدت فيه» هذا هو حسن الاتباع بالقول والعمل.
إن الاحتفال الحقيقي بمولد نبينا الكريم الذي ولد يتيمًا أن نكفل اليتيم وأن نرحمه ولا ننهره لقول ربنا (فأما اليتيم فلا تقهر)، وقول نبينا صلى الله عليه وسلم «أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى». إن الاحتفال الحقيقي بالاعتصام بحبل الله المتين والعمل بكتابه العزيز الذي أنزل على خاتم المرسلين الذي قال فيه (واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا).
فيا أمة قد تفرق شملها، واختلفت كلمتها، وتكالب عليها عدوها، وبدأت تستجدي طعامها وشرابها وسلاحها ممن يتربصون بها، أما آن لك أن تعودي إلى هدي نبي المرحمة والملحمة محمد بن عبد الله الذي جاء بالوحدة واجتماع الكلمة والاعتصام برب الناس والتوكل عليه والثقة به.
إن الخير كل الخير ونحن نتحدث عن ميلاد سيد الورى أن نعلم أن العودة إلى النبعين الصافيين ألا وهما القرآن والسنة هما السبيل لتعود الأمة إلى ريادتها وقوتها ومجدها التليد (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون). وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.