القاهرة - (وكالات): تحيي مصر اليوم الذكرى الثانية لثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك لكن في أجواء أزمة سياسية واقتصادية مع دعوات إلى التظاهر ضد حكم الإخوان المسلمين والرئيس المنتخب محمد مرسي. وتستعد الأمة التي تواجه انقساماً حاداً وأزمة اقتصادية خانقة لمزيد من الاحتجاجات ضد زعيم منتخب. وبعد سنتين من الزلزال السياسي، لاتزال البلاد تسعى جاهدة لإيجاد توازنها بين سلطة تستند إلى شرعية صناديق الاقتراع وخصومها الذين ينددون بظهور نظام سلطوي يهيمن عليه “الإخوان المسلمون”.
ودعت المعارضة العلمانية إلى تظاهرات “في كل ميادين التحرير في البلاد. ودعا نحو 15 حزباً وحركة وائتلافاً إلى التظاهر ضد الرئيس تحت شعار “مرسي مبارك” واستعادوا نفس الشعارات التي كانت سائدة قبل عامين والداعية إلى الحرية والعدالة الاجتماعية.
وتتهم المعارضة جماعة الإخوان بخيانة أهداف ثورة 25 يناير. ووعدت السلطات بأن قوات الأمن لن تكون ظاهرة في ميدان التحرير لتجنب وقوع حوادث لكنها ستكون متواجدة في محيطه لتوقيف “من يمارسون الاستفزاز”. لكن ما زاد من توتر الأجواء الإعلان المرتقب غداً السبت للحكم في قضية الأشخاص الذين يشتبه في ضلوعهم بمقتل 74 شخصاً في ختام مباراة كرة القدم في بورسعيد في فبراير 2012. وهدد مشجعو فريق النادي الأهلي المعروفون إعلامياً باسم “الألتراس” الذين يقولون إن معظم الضحايا كانوا من صفوفهم، بتظاهرات عنيفة وثورة جديدة إذا لم تتحقق العدالة في هذه المأساة.
لكن جماعة الإخوان المسلمين تعتزم إطلاق تحركات اجتماعية وخيرية في مناسبة هذه الذكرى.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة أحمد عبد ربه أن “مصر اليوم في مرحلة انتقالية وهذا الأمر سيستمر طالما لم تتم تلبية المطالب بالعدالة والتطور الاجتماعي ومكافحة الفساد والبيروقراطية”.
وأضاف “لكن لا يمكننا القول إن مصر لم تتقدم على طريق الديمقراطية. لقد شهد المصريون 5 عمليات انتخابات أو استفتاءات خلال سنتين وأثبتوا أنهم قادرون على الاختيار والمعاقبة عبر صناديق الاقتراع”.
وأبدت المعارضة التي تضم حركات متنوعة من يسارية وليبرالية، وحدة لاتزال هشة في نهاية 2012 ضد مشروع الدستور الذي سانده الإسلاميون.
وتم أخيراً اعتماد النص عبر استفتاء لكن البلاد بقيت منقسمة كثيراً مع اقتراب الانتخابات التشريعية.
ومرسي هو أول رئيس دولة مصري ينتخب باقتراع حر كما إنه أول إسلامي وأول مدني يصل إلى الرئاسة في البلاد. ويتهمه خصومه بإعطاء الأفضلية للعقيدة الإسلامية على المصلحة العامة وبعدم الكفاءة في إدارة الشؤون العامة. كما هو في مواجهة أزمة اقتصادية خطيرة وخصوصاً مع تراجع الاستثمارات الخارجية وتراجع السياحة وعجز متزايد في الموازنة. وتراجع احتياطي العملات الصعبة ليصل إلى “الحد الأدنى الحساس” البالغ 15 مليار دولار بحسب البنك المركزي. وقال مؤسس حركة 6 أبريل أحمد ماهر “نعتبر اليوم نفسه ليس يوماً احتفالياً، سيكون موجة ثورية جديدة تثبت للإخوان أنهم ليسوا وحدهم. سوف نكون قوة أخرى موجودة تستطيع الوقوف ضدهم”.
ودعا رئيس حزب الدستور الدكتور محمد البرادعي، الشعب المصري للمشاركة في المظاهرات، ومواصلة ثورته حتى يحقق كل الأهداف التي خرج من أجلها قبل عامين، مؤكداً ثقته في تحقيق أهداف الثورة المتمثلة في الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
وقالت جماعة الإخوان المسلمين إنها لن ترسل مؤيديها إلى ميدان التحرير. وبدلاً من ذلك قامت الجماعة التي تشتهر بالتنظيم الجيد في الانتخابات وهي تضع نصب عينيها الانتخابات البرلمانية القادمة بحملة لمساعدة الفقراء. وتعد مع حلفائها لإرسال متطوعين لتجديد 2000 مدرسة وزراعة أشجار وتسليم مساعدات طبية وفتح “أسواق خيرية” تبيع الأغذية بأسعار مناسبة. ويتهم العلمانيون والليبراليون جماعة الإخوان المسلمين بالسعي للهيمنة على البلاد. ويقول الإسلاميون إن خصومهم لا يحترمون قواعد اللعبة الديمقراطية.
ويتبادل الجانبان اللوم في المصاعب الاقتصادية مع هبوط العملة الذي أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي يتم استيراد معظمها والتي يعتمد عليها معظم السكان. وتقول المعارضة إن الحكومة فشلت في الإدارة الاقتصادية للبلاد بينما تلقي الحكومة باللوم على المعارضة في إشاعة مناخ عدم الاستقرار. وهناك مصادر أخرى كثيرة للاحتكاك. ويطالب الناشطون بالقصاص لضحايا العنف السياسي الذي وقع خلال العامين الماضيين. ولم تبذل جهود تذكر لإصلاح أجهزة الأمن القمعية التي ترجع لعهد مبارك. ويغذي مشاعر السخط وقوع سلسلة من كوارث المواصلات على الطرق والسكك الحديدية التي عانت من الإهمال سنوات عديدة.
ويعرقل الاستقطاب السياسي سعي حكومة مرسي للتعامل مع المشكلات الاقتصادية. وتعترف جماعة الإخوان المسلمين بأن الكثير من أهداف الثورة لم يتحقق بعد. غير أن الجماعة ترى أن إنجازات كثيرة تحققت من بينها الدستور الجديد وانتخاب أول رئيس مدني للبلاد. وإحياء الذكرى السنوية بحملة خيرية كبيرة من الأساليب التقليدية للإخوان ويبين القوة التنظيمية التي مكنت الإسلاميين من الفوز في 5 عمليات اقتراع متتالية منذ سقوط مبارك في استفتاءين وانتخابات برلمانية مرتين وانتخابات رئاسية.
من ناحية أخرى، استخدمت الشرطة المصرية الغازات المسيلة للدموع لتفريق متظاهرين بالقرب من ميدان التحرير في القاهرة، عشية الذكري الثانية للثورة. وحاول عشرات من الشباب تفكيك الجدار الإسمنتي الذي شيدته قوات الأمن في نهاية شارع القصر العيني قرب نقطة التقائه مع ميدان التحرير. وقال أحد المتظاهرين إن الهدف من تفكيك الجدار هو فتح الطريق أمام المتظاهرين الراغبين في الوصول إلى ميدان التحرير من شارع القصر العيني.
وأعلنت وزارة الداخلية أن 5 من رجال الشرطة أصيبوا “بطلقات خرطوش من بنادق صيد في الوجه ومناطق متفرقة من الجسم” أطلقها بعض المتظاهرين.