لم تطأ قدما أحمد الخلف (23 عاماً) أرض أهله، سوريا، قبل الحرب، إلا أنه كشأن العديد من السوريين يأمل في سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، وقد اختار من أجل هذه المعركة، الكلمات والموسيقى بدلاً من الرصاص: من تركيا المجاورة لبلده الأم، يعزف أحمد ويغني الراب شاجبا الحرب ومطالبا بالتغيير.
ويقول أحمد لوكالة فرانس برس في مدينة أنطاكية التركية الواقعة على بعد عشرات الكيلومترات من سوريا التي يمزقها نزاع دام منذ نحو سنتين «أنا موسيقي راب وأعزف هذا النوع منذ سبع سنوات، لطالما نقلت الواقع عبر الموسيقى. الموسيقى وسيلتي لنقل الرسالة».
ويتابع هذا الشاب الطويل القامة ذو العينين الزرقاوتين الذي كان يقطن في العاصمة البريطانية حتى وقت قريب مضى وقد احتفظ منها بلكنة ظاهرة، «من واجبي فعل كل ما باستطاعتي لنقل الرسالة وخصوصاً عبر الموسيقى». ويضيف أحمد أن رسالته واضحة: التغيير في سوريا. في كلمات أغانيه، يشجب عنف النظام السوري و»العالم الذي لم يتحرك» لوضع نهاية لهذا الصراع الذي اسفر، بحسب إحصاءات الأمم المتحدة، عن مقتل أكثر من 60 ألف شخص منذ مارس 2011.
وكان والد أحمد، وهو معارض قديم للنظام السوري، غادر البلاد في الثمانينات. وولد أحمد في العراق قبل 23 سنة، ثم انتقل إلى هولندا حيث حصل على الجنسية، ومنها سافر إلى بريطانيا.
واكتشف أحمد ولعه بموسيقى الراب في بريطانيا حيث قام بإحياء حفلات موسيقية عدة في نوادٍ ليلية وقام بتوليفة لإسطوانتين لم تعرفا انتشاراً.
واستقر مؤخراً في أنطاكية التي يدخل منها إلى سوريا بشكل منتظم، بحثاً عن الإلهام لنصوصه في بلد لم يعش فيه قط. ويقول «عندما دخلت سوريا، لم أشعر بأنني غريب عن الناس. كان ينتابني الإحساس بأنني واحد منهم وأنني ترعرعت معهم، لأننا نفكر بالطريقة نفسها ونؤمن بالأشياء ذاتها».
وتابع هذا الشاب الذي ظن السوريون للوهلة الأولى أنه أجنبي «عندما سمعوني أتكلم العربية عرفوا أنني فرد منهم».
إن إتقانه للغتين العربية والإنجليزية مكنه من العمل مع مجموعات تعمل للمحطات التلفزيونية البريطانية والأمريكية وهو يرافقها كمترجم ليكسب بعض المال.
ويزداد رغبة في مواصلة العزف وكتابة الأغاني كلما دخل سوريا وخصوصاً المنطقة الشمالية على الحدود مع تركيا حيث يقتل يومياً أشخاص كثيرون في القصف والغارات الجوية.
وتجد موسيقى الراب في سوريا أرضاً خصبة حيث يختار العديد من الموسيقيين هذا النمط للتعبير عن رأيهم في ما يتعلق بالنزاع الذي يمزق البلاد منذ 22 شهراً. وكما في العديد من البلدان العربية الأخرى، تستقطب هذه الموسيقى الشباب أكثر فأكثر.
ويامل أحمد من خلال كلمات أغانيه أن يثير الاهتمام الدولي حول الحرب في بلاده حيث تحولت حركة احتجاجية قام بها متظاهرون سلميون إلى صراع دامٍ.
ويقول أحمد: «من غير المعقول أن يستمر ذلك سنتين، (...) أنظر حولي ولا أرى سوى وجوه تائهة ودموع».