كتب ـ حسين التتان:
أعاد توم هوبر إخراج رائعة الأديب الفرنسي الكبير فيكتور هيغو “البؤساء” برؤية مختلفة، ونال فيلمه “Les Misérables” ثلاث جوائز “غولدن غلوب” ورُشح لـ8 جوائز أوسكار.
مُشاهد الفيلم يخرج بانطباع أولي وربما أخير، هو أن الفيلم عاطفي بجنون، يمزج الغناء الرقيق بمشاعر الحزن والحب، فحين يغني الأبطال عن الخير والشر وصراعهما الأزلي، نجد في المقابل أن هناك في شوارع باريس وأزقتها من البؤساء -أطفالاً ونساء- يبحثون عن كسرة خبز، بينما الشباب الثوري يخطط لإشعال الثورة.
لم يكن الفيلم الغنائي مطابقاً للرواية الأم تمام المطابقة، لكن المخرج حاول قدر الإمكان، ألا يفقد الفيلم روح النص الأصلي، من خلال ربطه المتماسك بين الحركات والإيماءات وبين الروح الأخاذة لكلمات الأغاني البسيطة والمعبرة.
وأنت تتابع مسيرة الفيلم الغنائي، تدرك الفراغات الكبيرة التي تركها المؤلفان، لكن المخرج استطاع سدها بكلمات وعبارات تقطر عاطفة وإنسانية.
“جان فالجان” كان بطلاً بامتياز، أدى دوره الممثل العالمي الشهير “هيو جاكمان”، كان حاضراً في كل مشهد من الفيلم رغم اختفائه في بعض المشاهد، منذ خروجه من السجن، وحتى موته التضحوي الأبوي لأجل “كوزيت”.
الممثلة العالمية “آن هاثاواي” أبدعت في دور “فانتين”، وربما يذهب كثيرون إلى أنه رغم دورها الهامشي في الفيلم، إلا أنها أكثر من أجاد الدور بطريقة عاطفية تفيض إنسانية وعطفاً.
الشاب الثائر المحب “ماريوس” أجاد دوره الممثل الشاب “إيدي ريدماين”، حين قدم أكبر التضحيات في الحبين الخالدين “المرأة والوطن”، أما الفاتنة البريئة “كوزيت” فإن الممثلة “آماندا سيفريد” استطاعت أن تمزج بين حبين، حب الأب المنقذ وحب الحبيب الثائر، في تزاوج عاطفي قل نظيره.
أغرب أدوار الفيلم أداها الممثل العالمي الشهير “راسل كرو”، هو دور المتسلط الشرير وحافظ الأمن التقليدي لمُلْكِ فرنسا حينها “جافير”، هو نقيض الصراع بين الخير والشر، بين الصراع “الجواني” الحاصل في داخله بين الذات والحق، ولكن الكلمة الأخيرة قررها “جافير”، أمحت معها كل سيئاته في لحظة من الغرابة المدهشة.
لم تكون أدوار بقية الممثلين هامشية، فالجميع غنى في الفيلم، وكل منهم ضحك وبكى وتألم وانتصر، ومن فاز في النهاية هي فرنسا وربما أوروبا، أما في الفيلم، فقد انتصرت الأغنية بكلماتها الرائعة، وبإبداع نخبة من الممثلين العالميين، أمام جمهور لم يتمالك نفسه في أقل المشاهد عاطفية من مسح دموعه في ظلام القاعة.
جمعية الصحافة الأجنبية في هوليوود أعلنت مؤخراً أسماء الفائزين في حفل توزيع جوائز “جولدن جلوب”، واكتسح فيلم البؤساء قسم الأفلام الموسيقية بثلاث جوائز ما يجعله الفائز الأكبر بجوائز هذا العام.
فاز الفيلم بالجائزة الكبرى لأفضل فيلم موسيقي أو كوميدي، وحصل هيو جاكمان على جائزة أفضل ممثل في فيلم موسيقي، وحازت هاثاواي أول جائزة “جولدن جلوب” في مشوارها الفني كأفضل ممثلة بدور ثانوي.
ويستمر نجاح “البؤساء” مع الترشح لـ8 جوائز أوسكار، منها جائزة أفضل فيلم، أفضل ممثل في دور رئيس للنجم هيو جاكمان، وأفضل ممثلة في دور ثانوي للممثلة آن هاثاواي، أفضل مكساج، أفضل تصميم إنتاج، أفضل أغنية أصلية، أفضل تصميم أزياء وأفضل ماكياج وتصفيف شعر.
الفيلم حصل أيضاً على 9 ترشيحات لجائزة “بافتا” البريطانية لجوائز أفضل فيلم، أفضل فيلم بريطاني مميز، أفضل ممثلة مساعدة لأداء هاثاواي التي حصلت أيضاً على جائزة اختيار النقاد.
الفيلم رُشح أيضاً لأربع ترشيحات لجوائز نقابة ممثلي الشاشة (SAG)، رُشح لها جاكمان وهاثاواي، إضافة إلى الأداء المميز من قبل فريق الدوبليرات لمشاهد الأكشن، والأداء المميز لفريق الفيلم.
الفيلم من إخراج توم هوبر، وتأليف آلان بوبليل وكلاود ميشيل شونبرغ، وكلمات الأغاني للكاتب هيربيرت كريتزمر، بينما النص الأصلي فكان للفرنسيين جان مارك ناتيل وآلان بوبليل.