يفجر المخرج الإسباني المبدع جوان أنطونيو آلام إعصار تسونامي، يعيد فتح جروح اندملت وطواها دفتر النسيان، في مشهد توثيقي يسجل تفاصيل الكارثة، وينقل قصة عائلة إسبانية عاشت الحدث واقعاً، مع إضافات تقتضيها ضرورات السينما ومبررات التشويق.
“المستحيل” قصة حقيقية لعائلة إسبانية شاء القدر أن تقضي إجازتها على شواطئ المحيط الهندي في تايلند، ولعبت فيه نعومي واتس “الأم” دور البطولة، حيث وقعت وعائلتها ضحية غدر الطبيعة في كارثة هزت قلوب العالم أجمع ـ تسونامي 2004، في مشهد يحبس الأنفاس أعاد المخرج إحياء الكارثة مع خلفية موسيقية تثير إحساساً بالفزع والرغبة الشديدة بالتقيؤ.
لا شعورياً تدخل مع الفيلم في أجواء الخوف والإثارة، إثر ضياع عائلة المكونة من 5 أفراد وتشتت شملها، في تجسيد لمنظر الموجة العاتية تكتسح وتدمر كل ما يقف بطريقها في شاطئ منتجع “خاو لاك”، حيث تختبر قوى الطبيعة الخارقة وهي تكمن وراء جمالها الأخاذ وتفاصيلها الساحرة.
في تتابع مشاهد الفيلم يتلاشى أي أمل بنهاية سعيدة، عندما تنفجر دماء البطلة الأم من جميع أجزاء جسدها الهزيل ومازالت روحها تصرخ باحثة عن عائلتها المدفونة تحت الأنقاض وبين الأشلاء المبعثرة هنا وهناك، وبحبكة درامية يجمع القدر بمحض الصدفة أفراد العائلة بعد أن جرفهم الإعصار الغادر، وجمعهم جذع شجرة تشبث فيه الأب مع أولاده الاثنين فور رؤيته للموجة العاتية وكتبت لهم النجاة.
وبمعزوفة هادئة تسقط دموع الفرح على وجه المشاهد، وترسم ابتسامة راحة وطمأنينة لالتئام شمل العائلة مرة أخرى، بعد سلسلة شيقة من الإثارة والمغامرة في رحلة البحث عن بعضهم البعض غير متيقنين إن كانوا أحياء جميعاً أم ماتوا بضربة واحدة.
ورغم أن الفيلم لا يتضمن سيناريو طويلاً أو تبادلاً ملحوظاً لأطراف الحديث بين أبطاله، إلا أن تجسيد ذكريات العائلة الإسبانية المريرة في المشاهد الجامعة بين مخلفات موجة التسونامي وبين المصابين الباحثين بيأس عن مستشفيات تعالجهم من جراحهم وعن أهاليهم وأحبائهم المفقودين، جاء الفيلم ناطقاً بألم الخوف والفراق والموت لأبرياء وقعوا ضحايا غضب الطبيعة، ناهيك عن مؤثرات صوتية كثفت أصداء الدمار والتحطم والصراخ والعويل، في مشاهد آسرة أخذت بمجامع الألباب وحبست الأنفاس.
مشاهد الفيلم تطابقت وتفاصيل الكارثة التي عاشتها العائلة “بطلة المستحيل”، عبر دراسة تفاصيل قصتهم وتجسيدها سينمائياً، حيث اجتمع شمل العائلة الإسبانية بأبطال الفيلم قبيل تصويره لسماع قصتهم بآذانهم عوضاً عن قراءتها مسطورة على الورق، ورؤية دموع الألم تحفر وجوههم ما أعطى طاقم التمثيل دفعة قوية لإعادة إحياء ما عاشته العائلة من أيام سوداء حالكة، كان من المفترض أن تكون أسعد أيام حياتهم في إجازة “الكريسمس”.
رشحت نعومي واتس لجائزة أوسكار أفضل ممثلة عن دورها في الفيلم وجائزة الجولدن جلوب أيضاً.