كتب - أحمد الجناحي:التاجر بنظر المواطن «غدار» ولا يؤمن له جانب، ولا مشكلة لديه في بيع السلعة بأضعاف ثمنها الحقيقي، وهو يحلف أغلظ الإيمان أن سلعته الأرخص بالسوق والأجود أيضاً على حد قول البعض.هذا الواقع يفرض نوعاً خاصاً من التعامل بين أصحاب المتاجر والزبائن، لا سلعة تشترى قبل أن توضع على طاولة المساومة، الزبون يريد شراءها بأقل سعر، والتاجر على العكس، ومهما نزل الشاري بسعر القطعة يلازمه شعور دائم بـ»الغبن».رزق التاجر على «المعتر» لا يبارح هدى الخالدي شعور أن محال بيع العباءات تغالي بالأسعار وتعرضها بأضعاف ثمنها «ليقينهم أن الزبائن عادةً ما يفاوضون حول السعر، ما يضطرهم لخفضه حتى الوصول لنسب الأرباح المعقولة».ويشاركها الرأي وليد علي «لابد من التفاوض.. وهو وسيلة محدودي الدخل للتوفير وتدبير شؤون المعيشة حتى آخر الشهر» ويضيف «بعض المحال إذا لم تفاوضهم حول السعر، يستغفلونك ويفرغون جيوبك ويأخذون منك أضعاف سعر السلعة».وليد دائم التفاوض مع المحال التجارية وحتى المحال ذات الأسعار الثابتة لا تسلم منه «يبون يلوصون على ملوصجي.. هاي بعيدة عن أسنانهم!!». يبيعون خبزهم لخبازيزعم عبدالله المراغي أن معظم المحال تضع أسعاراً لبضائعها تفوق أثمانها الحقيقية بكثير «لأن الناس عودتهم على هذا الشيء» ويواصل «توفير المال ضرورة ملحة، أنا مثلاً أب لثلاثة أولاد.. والمعاش يا دوب يمشيني لآخر الشهر».خالد الشيخ دائم البحث عن محال تبيع سلعاً رخيصة دون النظر لجودتها «المهم عندي توفير المال»، وفي سؤالنا لخالد ألا تظن أن السلع الرخيصة قليلة الجودة وسريعة التلف ولا تدوم وشراؤها هدر للمال؟ يجيب «لا يهم، المهم في النهاية شراء المطلوب للأسرة غلا سعره أم رخص» ويوجه خالد رسالة من القلب للتجار «راعوا الله فينا.. كل شيء يرتفع سعره في البحرين والمعاش ثابت لا يتغير».ناصر علي لا يحب التفاوض حول السعر، خاصة إذا شعر أن السعر مناسب فإنه يدفع ثمن القطعة ويمضي لحال سبيله، وإن كان السعر مرتفعاً لا يتردد في مغادرة المتجر حتى لو تنازل البائع عن السعر المعروض كثيراً.ويشاطره الرأي محمد سلمان «إذا ما عجبني السعر أشيل روحي وأطلع ليش عوار الراس؟!» والسبب أن ناصر لا يجيد فن التفاوض أما خالد فاختصرها بـ»مالي بأرض أتقاصص».الملوصجيجاسم العوضي يلقبه أصدقاؤه في الحي بـ»الملوصجي»، فقط لأنه يحب التفاوض، ولا يكترث كثيراً بالسعر المسجل على البضاعة ويجادل دون كلل أو ملل ويقول «أصحاب المحال يستغفلون الناس دوماً، ويطلبون أثماناً مضاعفة لبضاعتهم» أما بوسند فهو أكثر دراية بالأسعار ويتفاوض في حالة واحدة فقط، إذا وجد السعر مبالغاً فيه.وليد وعبدالله أصحاب متاجر، يرفعون سعر بضائعهم بذريعة «المواطن البحريني يحب التفاوض ونحن مضطرون لخفض السعر»، أما جاسم فيقول «إذا صديقي يمون علي لازم أخفض له» ويرفض خفض سعر أي سلعة إذا كان المشتري شخصاً لا يعرفه ولم يسبق أن التقاه.سألنا خالد وهو صاحب أحد المحال التجارية «لو عرضت سلعة للبيع بسعر عالٍ ومبالغ فيه.. ووافق المشتري على السعر دون تفاوض، هل تخفض السعر حينها؟» سكت قليلاً وأجاب «والله ما نزله ولا فلس !!»، الغريب أن خالد نفسه وجه رسالة من القلب للباعة بمراعاة الناس ويبدو أنه نسي نفسه!.