القاهرة - (وكالات): تجد الرئاسة المصرية نفسها في وضع حرج غداة بث لقطات مصورة لرجل يتم تجريده من ملابسه وضربه بوحشية وسحله من قبل الشرطة مساء أمس الأول قرب قصر الرئاسة فيما صعدت المعارضة سقف مطالبها داعية إلى «إسقاط نظام الاستبداد» و»محاكمة رئيس الجمهورية» على «جرائم القتل والتعذيب» التي وقعت أخيراً. وبثت قنوات التلفزيون المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي فيديو يظهر فيه أفراد شرطة من قوات مكافحة الشغب وهم يضربون رجلاً بالعصي ويدفعونه ويجردونه من ملابسه ويسحلونه على الأرض ثم يضعونه في سيارة مصفحة تابعة للشرطة بالقرب من قصر الاتحادية الرئاسي في ضاحية مصر الجديدة. وأعربت الرئاسة المصرية في بيان عن «آلمها لذلك المقطع الصادم». وأكد البيان أنه «في إطار متابعة رئاسة الجمهورية لمجريات الأحداث المؤسفة التي وقعت أمام قصر الاتحادية، فقد آلم مؤسسة الرئاسة ذلك المقطع الصادم الذي يصور تعامل بعض أفراد الشرطة مع أحد المتظاهرين بشكل لا يتفق مع الكرامة الإنسانية أو حقوق الإنسان». وأضاف البيان أن «مؤسسة الرئاسة تؤكد حرصها وكل أجهزة الدولة على تفعيل ما ورد في الدستور المصري من ضمانات للمواطن تحظر تعذيبه أو ترهيبه أو إكراهه أو إيذاءه بدنياً أو معنوياً». لكن «جبهة الإنقاذ الوطني» التي تمثل ائتلاف المعارضة الليبرالية واليسارية صعدت سقف مطالبها وأكدت إثر اجتماع عاجل استغرق أكثر من 4 ساعات تأييدها لمطالب الشعب بإسقاط النظام ودعت إلى محاكمة مرسي. وقالت الجبهة في بيان إنها «تنحاز انحيازاً كاملاً لمطالب الشعب المصري وقواه الحية التي تنادي بإسقاط نظام الاستبداد وهيمنة الإخوان المسلمين على الحكم، وتؤيد كل أشكال التعبير السلمي لتحقيق هذه المطالب». وطالبت بـ «تحقيق قضائي محايد في جرائم القتل والتعذيب والاحتجاز بدون وجه حق، وتقديم كافة المسؤولين عنها للمحاكمة العادلة بدءاً من رئيس الجمهورية ووزير داخليته وكافة شركائه في الجريمة». ودعت الجبهة «المصريين إلى الاحتشاد السلمي في كل ميادين مصر دفاعاً عن كرامة الإنسان المصري». وطالبت أيضا بـ «إنهاء معاناة المواطن المصري بسبب الفقر وارتفاع الأسعار نتيجة السياسات التي لا تلبي طموح المصريين إلى عدالة اجتماعية حقيقية».
وأكدت أنها «لن تخوض في ملف الحوار في ظل الدم وقبل إيقاف نزيفه والمحاسبة عليه والاستجابة لمطالبها».
ووقعت جبهة الإنقاذ الخميس الماضي مع القوى السياسية بمختلف توجهاتها وثيقة لنبذ العنف و»تفعيل الحوار الوطني» من خلال «تشكيل لجنة للاتفاق على أهداف وأجندة الحوار». كما طالبت المعارضة بإقالة وزير الداخلية محمد إبراهيم وقالت إن هذه الممارسات مماثلة لتلك التي كانت ترتكب في عهد نظام حسني مبارك الذي أطاحته ثورة شعبية مطلع عام 2011.
وقال المتحدث الرسمي باسم «جبهة الإنقاذ» خالد داوود إن «الصور البشعة والمخزية لضباط وجنود الأمن المركزي وهم يقومون بسحل وضرب مواطن عار تماماً من ملابسه بطريقة وحشية في محيط قصر الاتحادية وسقوط شاب قتيلاً في نفس المواجهات، لا يمكن أن يقابلهما اعتذار تقليدي من المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية، بل يتطلب الأمر إقالة وزير الداخلية نفسه وبشكل فوري».
من جانبها قدمت وزارة الداخلية «اعتذاراً» عن الواقعة مؤكدة أنها تمثل «تصرفاً فردياً» وأعلنت عن فتح تحقيق فيها. وفجر المواطن المسحول حمادة صابر مفاجأة من العيار الثقيل، وقال في مقابلة تلفزيونية إن المتظاهرين هم من قاموا بالاعتداء عليه وجردوه من ملابسه فيما خلصته الشرطة ونقلته للمستشفى للعلاج.
وأوضح صابر أنه أصيب في قدمه بطلق ناري من ناحية المتظاهرين وسقط أرضاً أثناء اشتباكات الاتحادية. وأوضح أن قوات الشرطة قامت بمساعدته وقال له الضباط «مش حنأذيك» ثم نقل لمستشفى الشرطة بمدينة نصر. وقال رئيس نيابة مصر الجديدة المستشار إبراهيم صالح إن حمادة صالح اتهم المتظاهرين بالاعتداء عليه وتعريته وإن صابر رفض توجيه أي اتهام للشرطة في هذا الشأن.
في غضون ذلك، تعرض موكب رئيس الوزراء هشام قنديل أمس لهجوم بالحجارة والزجاجات الفارغة من قبل متظاهرين في ميدان التحرير وسط القاهرة.
وقالت قناة «دريم» التلفزيونية الخاصة إن متظاهرين ألقوا حجارة وزجاجات فارغة على موكب هشام قنديل أثناء تفقده الوضع قرب ميدان التحرير. وقال مكتب رئيس الوزراء إن «مثيري شغب» وراء هذا الهجوم.
وكتب رئيس الوزراء نفسه على صفحته على «فيسبوك» إنه «فضل تجنب حدوث مواجهة بين أفراد الأمن وهؤلاء الأشخاص». وانتشرت قوات مكافحة الشغب صباح أمس حول قصر الرئاسة بعد أن استمرت المواجهات قربه حتى فجر أمس. وإضافة إلى مقتل شاب في الثالثة والعشرين من عمره، أصيب قرابة 100 شخص أمس الأول في التظاهرات التي شهدتها القاهرة وعدة مدن أخرى، وفقاً لمصادر طبية. وقتل قرابة 60 شخصاً منذ أن بدأت موجة العنف في مصر في 24 يناير الماضي، عشية الذكرى الثانية للثورة.
وتجمع قرابة 3 آلاف متظاهر أمام قصر الرئاسة في القاهرة وقاموا بإلقاء الحجارة على إحدى بواباته بعد أن نجحوا في إزالة الأسلاك الشائكة التي أقامتها الشرطة أمامه. ونظم مئات المتظاهرين جنازة رمزية لناشط قتل أمس الأول في الاشتباكات أمام قصر الرئاسة انطلقت من مسجد النور وسط القاهرة حتى مقر الرئاسة في ضاحية مصر الجديدة شرق القاهرة. وحمل المتظاهرون نعوشاً رمزية وشموعاً.