بنا: تركز اهتمام الحكومة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء على تطوير العنصر البشري البحريني وتطوير مهاراته والاستثمار فيه ليكون قادرًا على المنافسة إقليمياً ودولياً، وذلك من خلال الارتقاء بمهارات وخبرات الكفاءات البحرينية وفقًا لآليات التميز وتنمية الإبداع وصولاً إلى تحويل هذه الكفاءات إلى أصول معرفية تخدم توجهات البحرين الرامية إلى التحول للاقتصاد المعرفي. وتنطلق الحكومة في ذلك من قناعة راسخة بأن الإنسان هو القوة المحركة لعجلة التنمية، وهو غايتها التي ينبغي أن توجه ثمار التنمية ومخرجاتها لتحقيق رفاهيته ، وحجر الزاوية للارتقاء بخصائص الموارد البشرية وتحسين كفاءتها الإنتاجية بما يؤدي إلى تحسين مستوى الأداء وبالتالي تسريع وتيرة التنمية. من هنا اتجهت الحكومة إلى إنشاء الأجهزة المعنية بتنمية الموارد البشرية وتطويرها والسعي لمواكبتها مع احتياجات التنمية، والتي كان أكثرها حداثة وتأثيراً في تعزيز توجهات الحكومة في هذا الاتجاه «مركز البحرين للتميز»، إذ سعى المركز إلى الارتقاء بالعنصر البشري، ومده بالمعارف والأدوات المطلوبة للنهوض ببرامج التنمية بما يحقق التقدم والتطور للمجتمع ككل.
ويمكن استقراء الأهداف الطموحة من إنشاء مركز البحرين للتميز من خلال جانبين مهمين، هما تحسين الإنتاجية والكفاءة، إذ يأتيان في قمة أولويات عمل المركز لما لهما من أهمية في تعزيز الجهود الحكومية الرامية إلى تطوير الأداء عموماً ، باعتبارها الضامن الرئيس لزيادة قدرة الاقتصاد الوطني على النمو وبالتالي المساهمة في تحسين الأوضاع المعيشية والحياتية للمواطنين، والمساهمة في توفير فرص العمل للمواطنين
تحفيز الكفاءات
لقد استحوذت قضية الارتقاء بالتنافسية وتحسين الإنتاجية والكفاءة جانبًا مهمًا في توجيهات رئيس الوزراء ، ولم تقتصر فلسفة سموه في مسألة الكفاءة على الجانب الخدمي المتعلق بأداء الأجهزة والمؤسسات الحكومية فقط، وإنما حرص سموه أيضاً على تحفيز الكفاءات الوطنية، ومنحها الثقة اللازمة من أجل الانطلاق إلى فضاءات أرحب من الإبداع والابتكار.
ولعل تجربة مركز البحرين للتميز التي يحتضنها ويرعاها سموه منذ انطلاقتها خير دليل على ذلك، إذ إن المركز نجح منذ إنشائه في تأهيل جيل من الخبراء والاستشاريين في مجال التميز لديهم من العلم والتدريب القدرة على تنفيذ خطط الحكومة نحو أداء أكثر فاعلية وجودة على كافة الأصعدة البشرية والفنية والتقنية، وهم بذلك مكسب جديد لمملكة البحرين على صعيد الخبرات الوطنية التي تحفل بها في كافة القطاعات.
ويعد اهتمام سموه بالكفاءة والجودة والتميز، استمراراً لنهج سموه في قيادة منظومة التنمية القائم على مواكبة أحدث المتغيرات في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية، وذلك من خلال تبني آليات تتسم بالمرونة والقابلية للتقييم والمراجعة بما يتناسب مع احتياجات المرحلة الراهنة وما ينتظره المواطن من الجهة الحكومية، وبلا شك فإن هذه السياسة الحكيمة من سموه أعطت للتنمية في البحرين زخمًا خاصًا وجنبتها الوقوع في فخ الجمود والتحجر الذي قد يؤدي إلى البيروقراطية والفساد الإداري.
وتقوم فلسفة رئيس الوزراء في تطوير العنصر البشري على عدة مرتكزات يحرص سموه في مختلف المناسبات والمواقف على تأكيدها، منها: أولاً: أن مملكة البحرين تزخر بالخبرات الوطنية القادرة على الارتقاء بتنافسية المملكة وبنوعية الإنتاجية وكفاءتها، والتي تعمل الحكومة على صقل مواهبهم وقدراتهم بما يُغنيها بكوادر مدربة ومؤهلة تستطيع أن تنشر خبراتها داخل وخارج البحرين، ثانياً: أنه كلما زاد عدد الخبراء البحرينيين في كافة القطاعات فإن ذلك يؤكد أن المملكة تسير على الطريق الصحيح في طريق التنمية الشاملة وصناعة الاقتصاد القائم على المعرفة، إيماناً بقدرة الإنسان البحريني على صنع التغيير وإحداث طفرة في الأداء تنعكس بشكل إيجابي على نوعية وجودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
ثالثاً: أن العنصر البشري هو الذي يقود حركة التحديث والتطوير في كافة المؤسسات، ويجب تحفيز مكنونات الإبداع والإنجاز لديه، على أن يكون القطاع العام المصدر الأول للمتميزين في العمل دائماً.
تفعيل القدرات الذاتية
وقد جاء إطلاق مركز البحرين للتميز لوضع هذه الرؤى الحكيمة موضع التنفيذ، من خلال العمل على تفعيل القدرات الذاتية داخل القطاع الحكومي بإعداد استشاريين بحرينيين يهمهم في المقام الأول تحقيق الاستدامة في تطبيق نهج التميز في الأداء، وتعزيز وترسيخ التميز داخل مؤسسات المملكة الحكومية والخاصة كخيار وطني، للارتقاء بالإنتاج وتعزيز التنافسية. كما إن رؤية رئيس الوزراء وتوجيهاته بتكريس ثقافة التميز وفهم معانيها وإيمانه أن العنصر البشري يملك مقومات البناء الثقافي للوطن، كان لابد لمركز البحرين للتميز أن يستجيب لمثل هذا التوجه الإبداعي ويعمل على تكريسه. لقد انصب تركيز برنامج مركز البحرين للتميز منذ بداية مشواره على الارتقاء بالعنصر البشري، انطلاقاً من حقيقة أن استيعاب الكوادر الوطنية لفكر التميز وأدوات تفعيله، هي حجر الأساس لكل جهد يبذل في ترسيخ ثقافة التميز وجعلها ثقافة مجتمعية تستهدف النهوض بمملكة البحرين وتلبية متطلبات عملية التنمية التي تتبناها الحكومة برئاسة رئيس الوزراء.
ويعمل مركز البحرين للتميز من خلال برنامج البحرين للتميز على تحقيق رؤية سموه، إذ يقوم المركز بتأهيل كوادر بحرينية مدربة وذات خبرة تكون لديها القدرة على المنافسة إقليمياً ودولياً، ويمتلك المركز 800 عضو في برنامج البحرين للتميز، منهم 12 خبيراً تحت التدريب، وتشغل النساء بينهم ما نسبته 55%، جميعهم من القيادات التي تعمل تطوعياً من أجل مملكة البحرين، ويقودون عملية التغيير والتطوير في مؤسساتهم، كما يقومون بتقييم المؤسسات الحكومية الأخرى، كما إن المركز أيضاً يقوم بممارسة آليات للتبادل المعرفي بين الأشخاص والمؤسسات.
ويعتمد المركز في تحقيقه لرؤية رئيس الوزراء الخاصة بالعنصر البشري على مجموعة من الآليات التي تهدف إلى بناء الكفاءات داخلياً من أجل صناعة خبرات وطنية يمكن أن تكون رائدة عالمياً، ويركز المركز حالياً على أكثر من 32 مشروعًا ترتقي لتكون مرجعاً إقليمياً في مجال التنافسية الحكومية في مجال: آليات ضبط الهدر، آليات إدارة التغيير، آليات ربط الكلفة بالأثر من المشروع، وغيرها، وكل ذلك يقوم على التطبيق الميداني وليس النظري.
ولا شك أن الجهود التي يبذلها سموه في هذا الإطار قد هيئت كافة الظروف لتحقيق التنمية الشاملة والارتقاء بمستويات التنمية البشرية وفق رؤية مبتكرة ترتكز على الاستثمار في العنصر البشرى باعتباره محور التنمية وهدفها، لإيمان سموه المطلق بقدرة المواطن البحريني على تحقيق مزيد من الإنجازات في مختلف المجالات.