أعلنت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية مساء أمس الأول توقيف مدعي عام طهران السابق سعيد مرتضوي المقرب من الرئيس محمود أحمدي نجاد الذي هاجم بشدة السلطة القضائية مؤكداً أن ذلك «عمل شنيع».
وقال الرئيس الإيراني قبل مغادرته إلى القاهرة للمشاركة في قمة منظمة التعاون الإسلامي «عند عودتي إلى طهران، سأتولى الاهتمام بهذه القضية».
ومرتضوي الذي يشغل حالياً منصب رئيس هيئة الضمان الاجتماعي أوقف في وقت متأخر مساء أمس الأول عند مغادرته مكتبه وأُدخل ليلاً إلى سجن أيوين شمال طهران، كما أفادت وسائل الإعلام.
ومرتضوي مدعي عام طهران السابق مستهدف بتحقيق قضائي لدوره في مقتل 3 متظاهرين من المعارضة قضوا بعد تعرضهم للتعذيب في سجن كاهريزاك جنوب طهران خلال الحركة الاحتجاجية التي تلت إعادة انتخابات أحمدي نجاد عام 2009.
وإثر مقتلهم تدخل المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي لكي يأمر بإغلاق هذا السجن.
وكان مرتضوي في صلب جدل محتدم الأحد الماضي في مجلس الشورى تبادل خلاله أحمدي نجاد ورئيس المجلس علي لاريجاني الاتهامات بالفساد والمحاباة والخروج على الأخلاق في سجال غير مسبوق بين المسؤولين اللذين يخوضان حرباً مفتوحة منذ أشهر عدة.
وقام النواب بإقالة وزير العمل عبد الرضا شيخ الإسلامي لرفضه إقالة مرتضوي من رئاسة هيئة الضمان الاجتماعي.
وأثناء النقاش البرلماني بث أحمدي نجاد تسجيلاً صوتياً يتضمن صوتاً قدم على أنه صوت فاضل لاريجاني شقيق رئيس مجلس الشورى ورئيس السلطة القضائية صادق لاريجاني، يطلب فيه من سعيد مرتضوي رشاوى مقابل حصول مرتضوي على دعم سياسي من شقيقيه وخاصة بشأن ملفه القضائي والهجمات التي تستهدفه في البرلمان.
وندد فاضل لاريجاني ببث الفيديو مؤكداً أنه سيرفع شكوى بحق أحمدي نجاد ومرتضوي.
وانتقد نواب وأعضاء في السلطة القضائية أيضاً بث الفيديو، وقالوا إنه من المحظور القيام بتسجيلات بدون علم الناس وإنه يجب الحصول على تفويض قضائي.
وندد الرئيس أحمدي نجاد بشدة بتوقيف مرتضوي. وقال كما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية إن «شخصاً مثل فاضل لاريجاني ارتكب جنحة لكن يتم توقيف شخص آخر مثل مرتضوي وهذا أمر شنيع».
وهاجم أيضاً القضاء وعائلة لاريجاني، حيث إن أحد أشقاء رئيس البرلمان آية الله صادق لاريجاني يرأس السلطة القضائية. وقال «السلطة القضائية تنتمي إلى الشعب وليس إلى شركة خاصة عائلية».
وقد اكتسبت عائلة لاريجاني حجماً متزايداً في السنوات الماضية في الحياة السياسية الإيرانية. وإلى جانب علي وصادق، فإن محمد جواد لاريجاني هو المستشار الخاص للشؤون الدولية لدى رئيس السلطة القضائية. وهذا الدبلوماسي السابق والنائب يرأس أيضاً مركز حقوق الإنسان.
وفاضل هو رئيس الجامعة الحرة الإسلامية شمال إيران فيما كان باقر يرأس حتى نهاية ديسمبر الماضي كلية الطب في طهران إلى حين إقالة وزيرة الصحة مارزيه وحيد دستجيردي وتحديداً لأنها رفضت إبعاد الأخير عن المنصب.
ويسعى أحمدي نجاد للإبقاء على صورته القوية مع اقتراب فترة ولايته الثانية والأخيرة من النهاية بينما يسعى البرلمان ولاريجاني -وهو مرشح محتمل لانتخابات الرئاسة المقبلة- للتأكيد على مواقفهما. ودعا خامنئي إلى الوحدة لكن دعوته لم تلق آذاناً صاغية. وقال دبلوماسي رفض ذكر اسمه إن ظهوره أحمدي نجاد في البرلمان «إلى جانب الاتهامات التي عرضها من خلال التسجيل اعتبر تجاوزاً شديداً لحقوقه».
وبدأت شعبية الرئيس تتراجع منذ أن حدث خلاف بينه وبين البرلمان في أوائل فترته الثانية كما بدأ يفقد فيما يبدو تأييد خامنئي. ونفى كل من فاضل وعلي لاريجاني اتهامات الفساد، وقال فاضل إنه سيقيم دعوى ضد احمدي نجاد ومرتضوي. واتهم علي لاريجاني الذي يمثل قم في البرلمان أحمدي نجاد بعدم اتباع «أسس السلوك القويم».
يذكر أن مرتضوي لعب دوراً رئيساً في إسكات المعارضة بعد أن أثار فوز أحمدي نجاد بفترة رئاسية ثانية غضباً عارماً عام 2009 ووصفته منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية «هيومن رايتس ووتش» بأنه «منتهك عتيد لحقوق الإنسان». ويقول محللون إن الاحتجاز لم يكن ليتم بدون موافقة خامنئي.
وقال دبلوماسي غربي مقيم في طهران «اعتقال مرتضوي جزء من دفع ثمن ظهور الرئيس في البرلمان».
وقام مرتضوي الذي أطلق عليه البعض لقب «سفاح الصحافة» بدور رئيس في إغلاق صحف إصلاحية واعتقال عشرات الصحافيين.
كما إن مرتضوي متورط في مقتل المصورة الكندية الإيرانية الأصل زهرة كاظمي أثناء احتجازها عام 2003. وقالت ياسمين عالم وهي خبيرة في النظام الانتخابي الإيراني ومقيمة في الولايات المتحدة «على مدى العقد الماضي كان اسم مرتضوي مرتبطاً بشكل وثيق بأغلب إن لم يكن كل النزاعات المرتبطة بحقوق الإنسان»، مضيفة «الآن هو محور فشل سياسي أخرج كل أسرار النظام السوداء على السطح».
«فرانس برس - رويترز»