في ظل الظروف المعيشية الصعبة وحاجة البعض إلى إيجاد مصدر دخل آخر يغطي بعض المصاريف اليومية المتزايدة، يلجأ البعض إلى التفكير والتخطيط لإدارة مشروع صغير يكسب منه المال لعمل موازنة مع المتطلبات، ولعل دخول التكنولوجيا الحديثة في شتى مجالات الحياة فقد كانت التجارة أحد المجالات التي طالتها الحداثة والابتكار في ترويج البضائع والتجارة الإلكترونية.
فبعد أن كان المستهلك يحصل على السلع والخدمات من المحال والأسواق التجارية، ويتعنى للحصول عليها من خلال بحثه عن هذه الخدمة أو السلعة من مكان إلى آخر، أصبح يجد كل ما يحتاجها منها وهو جالس في مكانه بضغطة زر واحدة، بل بأسعار تنافسية أحياناً لا يجدها عند الوكيل الذي كان يوفر هذه السلعة قبل دخول عالم الإلكترونيات، فضلاً عن الغلاء في الأسعار بشكل خيالي للحصول على أكبر ربح من أموال الفقراء، بينما لا تكلف هذه السلعة البائع عند شرائه لها من المصنع ما يضعه على أسعار على بضائعه.
لا نبالغ إن قلنا إن المشاريع الصغيرة والبيع عبر «الأنستغرام» وهو المسيطر حالياً على التجارة بأنه يكاد يقضي على المحال التجارية، خاصة مع البضائع الصغيرة التي يستطيع التاجر الصغير أن يشتريها من أسواق خارج البحرين كدول الخليج العربية وفي مقدمتها دولة الإمارات والسعودية، والتي تمثل السوق الأكبر للبحرينيين ممن يفضلون الشراء من هذه الدول ويبتعدون عن أسواقهم المحلية، حيث يجدون تشكيلة واسعة من البضائع وبأسعار رخيصة ومزايا أفضل لا تتوفر في نظيراتها في السوق البحرينية.
ويعد انتشار التجارة الإلكترونية باباً لفتح الأرزاق لمن يريد عرض منتجاته وخدماته، حتى أن بعض المحال التجارية والمطاعم دخلت من هذا الباب، لسهولة ومجانية الترويج والإعلان إذ لا يكلفك ذلك سوى أن يكون لديك أحد أجهزة الهواتف الذكية وتحميلك للبرنامج فقط، وشكل ذلك معضلة للمؤسسات التي تقيم المعارض التجارية وتجبر الأسر المنتجة وأصحاب المشاريع الصغيرة على دفع إيجار الطاولة، والذي يكون مبالغاً فيه أحياناً فضلاً عن أهمية اختيار الموسم لعرض أي بضاعة، فإنك الآن تلاحظ الفرق إذا زرت أياً من المعارض التجارية وقلة الإقبال عليها من الحضور والمشترين.
لكنك الآن تستطيع أن تجد ما لذ وطاب من المأكولات الشهية من الموالح والحلويات بأيادٍ بحرينية خبيرة، مع اعتراضنا على أسعار البعض منها لكنها من ناحية الجودة هي أفضل من بعض المطاعم التي لا تراعي النظافة، كما يمكنك أن تجد الملابس والعطورات الأصلية التي تشترى من المصنع والمصدر عبر الإنترنت، وأيضاً الإكسسوارات ومستحضرات التجميل والخلطات الطبية الطبيعية التي تتفنن فيها بعض الأسر المنتجة وتباع بأرخص الأثمان، فنحن في بداية الانطلاق نحو فضاء تجاري إلكتروني لا يعرف الحدود، فقد يصل يوماً إلى ترويج البضائع الكبيرة مثل السيارات أو العقارات والتي يمكن أن تكون موجودة فعلاً ويقوم بها أصحاب المشاريع الصغيرة.
إن أبرز الصعوبات التي تواجه أي شخص ينوي البدء في مشروع هو دراسة الجدوى، من اختيار السلعة والمكان وتوفير رأس المال ودفع الإيجار والرواتب، لكن مع التجارة الإلكترونية فإنه بالإمكان تجربة أكثر من سلعة في أي وقت بحسب ما يتطلبه السوق، في وقت يمكن فيه تجنب دفع الإيجارات الشهرية ورواتب العاملين ما يرجع بذلك على أصحاب التجارة البسيطة بمردود أكبر من صافي الأرباح، وأيضاً فإن الشخص باستطاعته توصيل السلعة من وإلى المشتري بكل يسر مع بعض الرسوم الرمزية، فباتت تجارة «الأنستغرام» التجارة الرابحة والمهيمنة على السوق في الوقت الحاضر.
عبدالله الشاووش