القاهرة - (العربية نت): تصاعدت أمس قضية فتاوى قتل المعارضين في مصر بعد فتوى أصدرها داعية سلفي بجواز قتل من يخرج عن الحاكم. وأثارت الفتوى التي أطلقها أستاذ البلاغة في جامعة الأزهر، الدكتور محمود شعبان، على قناة «الحافظ» الدينية، قبل أيام، حول إهدار دم قادة «جبهة الإنقاذ» المعارضة، ردود أفعال واسعة النطاق، بالتزامن مع حادث اغتيال المعارض اليساري التونسي البارز شكري بلعيد. ودانت رئاسة الجمهورية المصرية دعوات الكراهية والهجوم على القوى السياسية تحت «ستار الدين»، في إشارة مستترة إلى فتاوى إهدار دم المعارضين السياسيين للرئيس محمد مرسي.
وقالت، في بيان رسمي، إن «الرئاسة تؤكد رفضها الكامل لخطابات الكراهية التي تتمسح بالدين، والدين منها بريء». وأهابت الرئاسة بجميع القوى الوطنية والمؤسسات الدينية والقيادات الفكرية أن «تقف صفاً واحداً متماسكاً لمواجهة تلك اللغة التحريضية المرفوضة».
وأضافت الرئاسة أن «الثورة المصرية تمر بمرحلة دقيقة بات الحوار وحده هو السبيل الوحيد لاستكمال مكتسباتها، وتحقيق الوئام بين كل المصريين بلا تمييز أو تفرقة». ورفض البيان بشدة أي دعوة للقتل باسم الدين، مشدداً على «أنه من الغريب على أرض الكنانة أن يروج البعض للعنف السياسي ويحرض عليه، ويبيح القتل بعض ممن يدعون التحدث باسم الدين، على قاعدة الاختلاف السياسي، لأن هذا هو الإرهاب بعينه».
وقال شعبان أثناء حديثه في قناة «الحافظ» مع مقدم البرنامج، الدكتور عاطف عبدالرشيد، إن «كل من طلب الكرسي منازعة للرئيس مرسي، وكل من يريد إسقاطه، وكل من يريد إنزاله من على كرسيه، وكل من يطالب بوضوح بالكرسي مكان مرسي، يصدق عليه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «من بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر»». لكن عبدالرشيد، نفى إصدار فتوى بهذا المعنى خلال الحلقة التي تحدث فيها الشيخ شعبان، وقال إن «الفيديو الذي نشر للشيخ تمت تجزئته، في محاولة لتوصيف المسألة على أنها دعوة لقتل المعارضين للرئيس تطبيقاً للشرع». وذكر شعبان في مداخلة لاحقة على قناة «الحياة اليوم» بأنه «لم يهدر دم أحد، ولكنه ذكر حديث النبي»، مشيراً إلى أن «جبهة الإنقاذ تحرق مصر، وقياداتها تبحث عن كرسي الرئاسة، وإن حكمها في شريعة الله هو القتل». وشدد شعبان على «حق الحاكم في قتل رموز المعارضة الذين ينازعونه الحكم، ويسعون لإسقاطه وإسقاط شرعيته».
وكان شعبان قد خص المعارضين البارزين الدكتور محمد البرادعي وحمدين صباحي عند حديثه عن «جبهة الإنقاذ»، وهو ما دفع البرادعي، للمطالبة بضرورة القبض على من يحرض على القتل حفاظاً على السلام الاجتماعي.
وأكد المتحدث باسم وزارة الداخلية، أن الوزير اللواء محمد إبراهيم، أصدر توجيهات للقيادات الأمنية بالوزارة بضرورة تكثيف الدوريات الأمنية بمحيط منزلي البرادعي وصباحي.
من جهة أخرى، دان رئيس مجلس الوزراء الدكتور هشام قنديل «الفتاوى المتطرفة، التي لا تمت بصلة لسماحة الدين الإسلامي الحنيف»، معتبراً أنها «تحرض بشكل مباشر على القتل وتثير الفتن والاضطراب».
وأضاف أن «مجلس الوزراء بصدد دراسة الإجراءات القانونية، التي يمكن اتخاذها ضد كل من يصدر أو يروج لدعاوى أو فتاوى تحض على العنف».
إلى ذلك، قال المستشار حسن ياسين، رئيس المكتب الفني للنائب العام، إن النائب العام أحال البلاغ المقدم ضد الشيخ شعبان للمطالبة بالتحقيق معه بشأن فتواه بإهدار دم أعضاء جبهة الإنقاذ، إلى نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق فيه. وفي رد فعل آخر، أصدر مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر، بياناً حول التحريض على قتل المعارضين للحكام، حيث «أكد رفض هذا الفهم الخاطئ، واستعمال النصوص في غير مواضعها، وفهمها فهماً غير صحيح».