تونس - (وكالات): ووري عصر أمس في مقبرة الجلاز بالمدخل الجنوبي للعاصمة التونسية، الثرى جثمان المعارض اليساري شكري بلعيد الذي اغتيل بالرصاص الأربعاء الماضي أمام منزله في العاصمة تونس.
واضطرت قوات الأمن لإطلاق قنابل الغاز المزيل للدموع لتفريق «منحرفين» أحرقوا 10 سيارات في محيط المقبرة، ورشقوا عناصر الأمن بالحجارة واعتدوا على مدنيين.
وشهدت تونس إضراباً عاماً دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل على خلفية اغتيال شكري بلعيد. وألغيت كل الرحلات الجوية من وإلى تونس بسبب الإضراب العام. وخرجت تظاهرات تخللتها أعمال عنف ومواجهات مع الشرطة في العديد من المدن التونسية. وشارك نحو 40 ألف شخص في جنازة بلعيد، بحسب ما أعلنت وزارة الداخلية التونسية، مشيرة إلى توقيف 132 شخصاً في العاصمة وأن الهدوء يسود تونس. وقال المتحدث باسم الوزارة خالد طروش «بحسب تقديرات الشرطة فإن نحو 40 ألف شخص شاركوا في الجنازة». أما بشأن الصدامات بين الشرطة و»منحرفين» في محيط مقبرة الجلاز بين قوات الأمن ومتظاهرين في قلب العاصمة، قال المتحدث إنه «تم توقيف 132 من مثيري الشغب». بيد أنه أضاف «لكن عموماً فإن التظاهرات في البلاد جرت في ظروف جيدة».
وأشار إلى مهاجمة مبانٍ عامة ومقار لحزب النهضة الإسلامي في بعض المدن التونسية منها المهدية وحمام الأنف جنوب العاصمة. وذكرت تقارير أن عشرات الآلاف تحدوا الأمطار وبرودة الطقس ليشاركوا في جنازة بلعيد في مسقط رأسه بجبل الجلود في العاصمة ورددوا هتافات مناوئة للإسلاميين وللحكومة. وهذه أكبر جنازة تشهدها تونس منذ وفاة الحبيب بورقيبة زعيم الاستقلال وأول رئيس للبلاد عام 2000. واندلعت أعمال العنف بالقرب من المقابر حيث أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الذين رشقوها بالحجارة وأشعلوا النار في سيارات. كما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع ضد محتجين بالقرب من وزارة الداخلية وهي منطقة اشتباكات معتادة في العاصمة التونسية.
وحمل المشيعون صور بلعيد الذي أطلق مسلح الرصاص عليه بينما كان يهم بمغادرة منزله في طريقه إلى العمل قبل أن يلوذ القاتل بالفرار على دراجة نارية مع شريك له.
وردد البعض هتافات ضد راشد الغنوشي زعيم حزب حركة النهضة الإسلامية الحاكم. وقال شهود إن الشرطة التونسية أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق محتجين كانوا يرشقونها بالحجارة والقنابل الحارقة في قفصة جنوب البلاد وهي معقل لأنصار بلعيد.
وفي سيدي بوزيد البلدة الجنوبية التي انطلقت منها شرارة الثورة التونسية قال شهود إن نحو 10 آلاف محتج تجمعوا ورددوا هتافات ضد حركة النهضة والحكومة.
وأغلقت البنوك والمصانع وبعض المتاجر أبوابها استجابة لدعوة الإضراب التي أطلقتها الاتحادات العمالية احتجاجاً على اغتيال بلعيد. من جهته، أعلن حمادي الجبالي رئيس الحكومة التونسية، وأمين عام حركة النهضة الإسلامية الحاكمة، تمسكه بتشكيل حكومة تكنوقراط، رغم رفض حزبه، وأنه لن يذهب إلى المجلس الوطني التأسيسي «البرلمان» للحصول منه على «تزكية» لهذه الحكومة.
ولفت إلى أنه «لم يستشر» عند اتخاذ هذا الموقف «لا الأحزاب الحاكمة ولا المعارضة، بل ضميري ومسؤوليتي أمام الله والشعب». وقال إن الحكومة ستكون «مصغرة» وستتشكل من «أبرز ما لدينا من كفاءات، وفي كل الوزارات السيادية وغيرها، تعمل على الخروج من هذه الوضعية». ولاحظ أن مهمة الحكومة التي ستكون «محدودة» في الزمن، تتمثل في «تسيير شؤون الدولة والبلاد إلى حين إجراء انتخابات عامة سريعة». من ناحية أخرى، أبلغ الجبالي، السفير الفرنسي لدى تونس فرانسوا غويات، رفضه القاطع لتصريحات وزير الداخلية الفرنسي مانوال فالس التي انتقد فيها الأوضاع في تونس. وكان فالس، قد اعتبر في تصريحات تلفزيونية في أعقاب اغتيال بلعيد، أن «تونس لم تعد نموذجاً لثورات الربيع العربي»، وأن بلاده «تدعم المعارضة ضد الحكومة التونسية».