كتبت ـ ياسمين صلاح وأحمد الجناحي:
رغم بدايات العرض غير المبشرة، لاقت مسرحية عبدالرحمن فقيهي «لعبة البداية» استحسان الجمهور، وسط تصفيق حار على كوميديا ساخرة قدمها مدير مسرح جلجامش.
أدى كل ممثل دوره بإتقان داخل أزياء مصممة بمهارة، يسهل على المشاهد قراءة الشخصية المعكوسة على الأقمشة الملبوسة، برزت بشكل جلي حين سلط المؤلف الإماراتي محسن سليمان الضوء على الاختلافات الطبقية في المجتمع.
كاتب النص جيداً، أوصل الفكرة بأصوات الممثلين الواضحة المليئة برسائل خفية عن مشكلة خطيرة وهي «الكسب غير المشروع»، ورغم النمط في بعض المشاهد وتبادل أطراف الحديث ببرودة، تدرجت المسرحية من الفكاهة التي آلمت أفواه المتلقي من الضحك إلى الدراما والجدية.
لم يقع المخرج في فخ الوتيرة الواحدة للعبة البداية، تغيرت المشاهد والأزياء والديكورات بما يخدم فكرة كل فصل، ولم يكن للخلفيات الموسيقية دور كبير سوى في العروض الراقصة وبعض الموسيقى الخافتة لتدعم مشاعر الحزن أو الفرح المحمولة داخل حروف النص.
لعبة أطرفها عدة يستحيل أن تخلو مدينة منها، لم تبتعد عن تسليط الضوء على بعض المسؤولين وحال بعض النواب في الوصول لمناصبهم وتحقيق غاياتهم على ظهور الناس.
ازدواجية العرض بين الموسيقى الكلاسيكية في البداية والأغنية المكسيكية التي جاءت كفاصل بين فقرات العرض تبعث نمطاً من الازدواجية في الشخصية التي كانت حاضرة بالعرض.
اللسان المعسول الذي يبيع أجمل الحديث على الناس بغية تحقيق المآرب دون النظر إلى المصلحة العامة، فالكل يريد الوصول وإن كان ذلك يستعدي اللجوء للدجل والسحر أو حتى التسلق على ظهور الآخرين، يشاركه كل الدهاء والذكاء.
حس الفكاهة المتكرر في كل فقرة كانت وسيلة غير اعتيادية في إيصال المواعظ للمشاهد، فهي عبارة عن السلم بين المشاهد وعقله، وتسليط الضوء أيضاً على وعود النواب الكاذبة فقط من أجل الوصول للكرسي كانت حاضرة بحس الفكاهة أيضاً.
ولم ينته العرض قبل أن ينقل الصورة كاملة للمتلقي عما يجري داخل غرفة الحكم من تمردات وفساد نتيجة البطانة الفاسدة للوالي، وما يترتب على ذلك الفساد في المدينة، وبأي صورة تستغل هذه الفجوات للصعود هذه المرة على ظهر بطانة الوالي بغية كرسي العرش، وكيف تكون التعيينات على المحسوبية وغيرها، ولم يتغافل العرض عن رفض هذا الجيل للعمل بالأعمال البسيطة والمطالبة الدائمة بالمناصب العليا.
كل ذلك كان ضمن خلفية واحدة استغلتها الأيادي خلف الكواليس لتتقن استخدامها بمختلف الفقرات وإيصال الرسالة التي يهدف كلاً من المؤلف والمخرج إيصالها لأكبر شريحة من الناس، وهي لعبة الحياة وفيها البشر لهم حرية الاختيار في لعبها بغش أو بشرف.
آراء أبطال العرض
تقول الممثلة إلهام أبو السعود «لعبت دور حزيمة الزوجة الأولى لسالم النعماني بطل المسرحية، الشخصية في الأربعينات من عمرها شيطانة ولسانها طويل».
وتضيف «سعيدة لأنه تم اختياري لهذا الدور لأنه يناسب شخصيتي وفجر طاقتي التمثيلية على المسرح».
المؤلف الإماراتي محسن سليمان قال إن «الرسالة المراد إيصالها من العرض واضحة، وهي الصراع بين السلطة والتنفع، صراع الطبقات
وتطرح المسرحية سؤالاً «هل الغاية تبرر الوسيلة؟!».
ونبه إلى أن «العرض يوضح عواقب استغلال الإنسان لطاقته بسلبية مما يوصله لنتائج مماثلة، حتى وإن كانت جميلة، تظل الطريقة غير مشروعة».
وقال «العرض وجه رسالة لعامة الناس في كل بقاع الأرض، فهي لكل زمان ومكان حيث يوجد صراع على السلطة والكسب غير المشروع».
ويلفت مخرج المسرحية عبدالرحمن فقيهي إلى أنه اعتاد التمثيل والإنتاج والمساعدة في الإخراج، ومسرحية لعبة البداية هي أول عمل إخراجي له، يقول «اكتفيت من الخبرة وقررت أن أخرج عملي الخاص حتى لو كانت البداية متواضعة.. جمهور البحرين بيض الوجه».
ويقرر فقيهي بعد معرفة الانطباع العام للجمهور المواصلة في الإخراج من عدمه، ويستدرك «شباب مسرح جلجامش مواصلين بي وبدوني والخيرة فيهم وفي طاقاتهم».